تعكس نتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2008 اتجاهاً انحدارياً لمكافحة الفساد في لبنان، إذ استقرت علامة لبنان على 3 نقاط، متراجعاً من 3.6 نقاط في 2006
محمد وهبة
استقرت معدّلات لبنان في مؤشر مدركات الفساد بين الدول العشر الأخيرة، فسجلت علامته 3 نقاط على 10 في عام 2008 وهي العلامة نفسها في عام 2007، في مقابل 3.6 نقاط في عام 2006 و3.1 نقاط في عام 2005. ولكن هذه العلامات لا تزال أقل من معدّل المنطقة العربية البالغ 3.49 نقاط، وأقل من المعدّل الدولي البالغ 4 نقاط.

تراجع أم استقرار؟

أعلنت الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية «لا فساد» أمس نتائج لبنان على «مؤشر مدركات الفساد لعام 2008» تحت عنوان «لبنان بين التراجع والاستقرار». وهذا المؤشر يصدر بالتزامن مع الفروع الوطنية لمنظمة الشفافية الدولية، وقد شمل هذه السنة 180 دولة من بينها 20 دولة عربية. وبحسب النقاط التي حصل عليها لبنان، فقد صُنِّف في المرتبة الـ102 دولياً والمرتبة الـ11 إقليمياً، بعدما كان في المرتبة الـ 99 دولياً في عام 2007.
وقد احتلت قطر المرتبة الأولى عربياً في إدراك الفساد في عام 2008 وحازت 6.5 نقاط، تلتها الإمارات العربية المتحدة بـ 5.9 نقاط، ثم عمان التي حازت 5.5 نقاط، فالبحرين بـ 5.4 نقاط ثم الأردن بـ 5.1 نقاط، وتونس بـ 4.4 نقاط، فالكويت بـ 4.3 نقاط ثم المغرب والسعودية بـ 3.5 نقاط، فالجزائر بـ 3.2 نقاط، وجيبوتي ولبنان بـ 3 نقاط ثم مصر وموريتانيا بـ 2.8 نقطة، وليبيا بـ 2.6، اليمن بـ 2.3، سوريا بـ2.1، السودان بـ 1.6، العراق بـ 1.3 والصومال بنقطة واحدة.
أما دولياً فقد حصلت الدنمارك على المرتبة الأولى بمعدل 9.3 نقاط، وكانت الصومال الأخيرة دولياً أيضاً، فيما حلت قطر في المرتبة الـ 28 عالمياً.

نتيجة مقلقة

وقال أمين سر جمعية «لا فساد» في لبنان فادي صعب، إن نتيجة لبنان لا تزال «مقلقة»، لأنها تشير إلى مدى الضعف المؤسساتي لعملية مكافحة الفساد، وبالتالي لم يُعطَ هذا الأمر الاهتمام الكافي على المستوى الوطني، علماً بأن هناك جهوداً حثيثة يقوم بها عدد من المعنيين والمهتمين بالشأن العام من جهات رسمية وخاصة وهيئات مجتمع مدني وشخصيات.
وبحسب صعب، فإن لبنان يظهر في مؤشر مدركات الفساد للسنة السادسة على التوالي، مشيراً إلى أنها المرة الثالثة التي يحصل فيها على معدل 3 نقاط بعد العامين 2003 و2007، إلا أنها ليست النتيجة الأسوأ منذ شمول المؤشر للبنان، لأنه قد نال 2.7 نقاط في عام 2004 ثم شهد تقدماً طفيفاً في عام 2005 فوصل إلى 3.1 نقاط. ورأى أن نتيجة لبنان في المؤشر لهذه السنة واستقرارها نسبة إلى السنة الماضية تعكس «مرحلة الجمود التي يعاني منها والتي ترتبط بالأزمة السياسية والأمنية الممتدة منذ أكثر من سنتين، إضافة إلى غياب الوسائل القانونية التي تسهم في تعزيز الشفافية في مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والإدارية».

التمويل الانتخابي

وفيما ربط المدير التنفيذي للجمعية خليل جبارة مكافحة الفساد بإصلاح النظام الانتخابي، أوضح أن الجمود السياسي كان له تأثير بالغ على بعض المواضيع الأساسية المتصلة بمكافحة الفساد، فهناك كثير من مشاريع القوانين لا تزال في المجلس النيابي ولم تُناقَش أو تُقَرّ وهي إصلاحات ضرورية، وأبرزها مشروع تعديل بعض أحكام قانون الموظفين العموميين، وإلغاء الوكالات الحصرية، والموازنات العامة... مشيراً إلى أن الجمعية تراقب باهتمام الإصلاحات الانتخابية المتصلة بالإنفاق الإعلاني ومراقبة مصادر التمويل الانتخابي...

الصناديق الاستثمارية تهتم بالمؤشّر

ورداً على سؤال يتعلق بمدى اهتمام المستثمرين بهذا المؤشر الذي يلفت انتباههم إلى وجود بعض المصاريف غير المنظورة، قال صعب إن بعض المستثمرين ينظرون إلى هذا المؤشر جدياً، ولا سيما صناديق الاستثمار التي تجري دراسات وأبحاث متصلة بعملياتها الاستثمارية وبجدواها، وبالتالي تحتاج إلى معرفة ما إذا كان يترتب عليها أي أكلاف إضافية (عمولات وسمسرة ورشى)، أما غالبية المستثمرين الأفراد فلا يهتمون بهذا المؤشر ولا يأخذونه بالاعتبار لدى القيام باستثماراتهم في لبنان.
وتجدر الإشارة إلى أن المقارنة بين الترتيب من سنة إلى أخرى لا تعكس صورة دقيقة للتغيير في مستوى إدراك الفساد في بلد ما، إذ إن المرتبة قد تتغير بسبب دخول بلدان جديدة إلى المؤشر. ولذلك من الأفضل مقارنة النقاط لمعرفة مستوى إدراك الفساد، لا الفساد نفسه، مع التركيز على القطاع العام واستغلال المنصب الرسمي لمكاسب خاصة، أي الفساد السياسي والإداري. ويجري قياس المؤشر في لبنان على مدى 14 استطلاعاً ومصدراً تُوَزَّع على رجال أعمال وأكاديميين ومحللين متخصصين.
ويبرز التقرير ضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير تؤدي إلى الاستقرار السياسي والهدوء الأمني باتجاه إعادة تكوين العلاقة بين المواطن والدولة واعتماد نظم المساءلة والمحاسبة وتفعيل عمل المؤسسات الرسمية وإرساء مبادئ فصل السلطات وإلزامية التعاون البناء بين شرائح المجتمع.