بغداد ــ زيد الزبيدييتبادل الرجال والنساء باستمرار تهمة التبذير، كلّما تجاوز الإنفاق الشهري «الخط الأحمر»، لكنهم لا يجرؤون على ذلك حين يحل شهر رمضان، لاقترانه بالإسراف في الشراء والاستهلاك لمختلف أنواع الأطعمة. وعلى الرغم مما عانته وتعانيه المرأة العراقية، إلا أنّها تحب الاحتفاء بشهر رمضان، بتوسيع مائدة الطعام، وزيادة عدد أطباقها وأنواعها، حتى لو اختارت أبسطها.
اتّفق الزوجان الجديدان على أن تكون مائدة رمضان بسيطة، بشكل لا يختلف عن الأيّام العادية. فالزوج عامر فرج لا يحب الإسراف «لأن الدين نهى عنه»، ولأنّ هناك الكثير ممن لا يمتلكون كسرة خبز.
وينتقد عامر التدفق غير الطبيعي للناس على المحال والأسواق خلال شهر رمضان كأنهم «يخشون حدوث مجاعة»، مع أن جميع المواد الغذائية متوافرة، وبكثرة.
ويرى عامر أنّ شهية الصائمين للطعام تتناقص مع مرور أيام شهر العيد، ولا داعي للإكثار من أصناف الطعام، إلا في حالة وجود ضيوف، وهو ما لا يراه بخلاً، «بل حرصٌ على عدم رمي الكميات التي تزيد على الحاجة».
أمّا السيدة كريمة جاسم، فتحاول الإمساك بالعصا من الوسط، وترى أنّ مائدة رمضان «لا يمكن أن تكون عادية، لأن الصائمين ينتظرون هذا الشهر الكريم بفارغ الصبر، للاستمتاع بمأكولاته الشهية»، «لذا لا بدّ من أن تحظى المائدة بأصناف متنوعة تشبع العين والمعدة».
بدوره، يشكو أكرم غازي من حالته المادية المتواضعة التي تجبره أحياناً على عدم الاحتفاء بشهر رمضان كما يجب. فهو يسكن في منطقة لم تتسلّم كامل مفردات الحصة التموينية منذ أشهر، وهو ما يدفعه إلى شراء كل ما ينقصه منها بكميات تكفي لشهر رمضان. أما بالنسبة إلى اللحوم، فغالباً ما يعجز أكرم عن توفيرها كوجبة رئيسة على المائدة، لارتفاع أسعارها، وكبر عدد أفراد عائلته.
يرى أكرم باستمرار «نداءات» تعذّبه في أعين أفراد عائلته، فهم يرون معروضات السوق التي تثير شهيتهم، لكنهم مجبرون على حصر الإنفاق.
في المقابل، تختلف السيدة أم هيثم مع أكرم من حيث الفكرة، لأنها ترى أن شهر رمضان مخصص للعبادة، «لا للتفكير في الطعام».
وتشير إلى أنّ معظم الناس يواجهون ظروفاً صعبة بسبب شح فرص العمل وتأثير الظروف السياسية على أعمالهم، إضافة إلى ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات، ابتداءً من الوقود، حتى الخبز والفواكه والخضر.
وفيما يشير فائز الحمداني إلى أن إنفاقه في شهر رمضان يزداد، لا بسبب شراء الطعام فقط، بل لتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين، فهو لا يبدو أنه يعاني «مشكلة الموائد الرمضانية»، لأنّ أبناءه انفصلوا عن المنزل العائلي ويعيشون في مساكن مستقلة.
ويوضح فائز أنّه معتاد إطعام صائم يومياً من إفطاره، وخاصة من أقربائه المحتاجين. وإذا لم يجد من يطعمه، فهو يرسل طبقاً إلى الجامع القريب من منزله، كما يفعل معظم جيرانه.
أما عن أهم الوجبات التي يفضّلها الصائمون العراقيون، فيقول خالد غني إنّه يفضّل تناول الحساء قبل كل شيء، فهو يعوّض الجسم عما يفقده من سوائل وحرارة، ولأن الجو غالباً ما يكون حاراً في شهر رمضان، «فأفضل ما يتناوله الصائم هو العصائر واللبن».
غير أنّ سلوى محمد تفضّل الحلويات، وتصرّ على تناولها غالباً خلال فترة عرض المسلسلات الرمضانية التي تستمتع بها، فهي لا تتخيل شهر رمضان دون حلويات، حتى لو زاد ذلك من وزنها!
وترى حنان الجابري أن لإعداد المائدة دوراً كبيراً في إشباع الصائمين قبل أن يتناولوا الطعام حتّى، في طريقة مبتكرة لعدم الإكثار من مصروف الطعام. فإعدادها جيداً وتجميلها وزيادة عدد أطباق المقبّلات والسلطات تؤدي الى «إشباع عين الصائم»، ويمكن عندها الاقتصاد في كمية الأطعمة.