حيفا ــ فراس خطيبالخوف من «انقلاب السحر على الساحر» عاد إلى صفوف «كديما». هذا الحزب الذي أسّسه أرييل شارون بعد انسحابه من «الليكود»، معتمداً على «المنسحبين» من كل الأحزاب، رفض قادته أمس تجنب الوقوع في حفرة الانقسام ثانية عبر رفض التزام المرشحين لرئاسته عدم الانسحاب في حال الخسارة.
كانت المرشحة القوية تسيبي ليفني أول من رفض تماماً هذه الخطوة، كما رفض معلمها السابق شارون التزام البقاء في «الليكود» بعد الانتخابات التمهيدية، حين أقدم على الانسحاب نهاية عام 2005.
وكانت صحيفة «معاريف» قد ذكرت أمس أنَّ هناك تقديراتٍ داخل «كديما» تقول إنَّه إذا فشلت ليفني في الانتخابات التمهيدية في مقابل شاؤول موفاز، فإنَّها ستسعى إلى الانسحاب والعمل على إقامة حركة سياسية جديدة. وتأتي هذه التقديرات، في وقت يقول مقربو الوزيرة إنها «ليست معنية الآن بأن تعطي التزاماً كهذا، ولن تُشغَل بالموضوع لأنّها ستفوز في الانتخابات التمهيدية»، مشيرين إلى أنَّ «السؤال ليس ذا صلة».
وتابع المقربون أنفسهم أن «ليفني ليست مستعدة للالتزام بالبقاء في «كديما» إذا خسرت، لأنَّ الحزب ليس مكاناً للعمل. الحزب طريق مشتركة». ورأوا أنَّ «الادعاءات ضد ليفني تافهة بمضمونها، لأن كل من يوجد اليوم في «كديما» كان قد انسحب من حزبه لإقامة كديما، كان هذا حلمهم، وإذا مات الحلم، فلا فائدة من البقاء».
قد يكون «عدم الالتزام» هذا تكتيكاً تتبعه ليفني. وبحسب الصورة التي تبدو اليوم، فإن ليفني تتمتع بقوة واضحة في صفوف القياديين في «كديما»، وتمنحها استطلاعات الرأي مكانة وكأنها الوحيدة القادرة من بين المتنافسين على الحاق الهزيمة برئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، على المستوى القطري. فإذا التزمت ليفني البقاء، فمن الممكن أن يدفع هذا الكثير من النشطاء و«المتخبطين» بينها وبين موفاز إلى تأييد الأخير، على اعتبار أن ليفني التزمت عدم الانسحاب حتى لو خسرت. وفي حال عدم التزام ليفني، فإن هذا من شأنه أن يزيد التأييد لها في صفوف الحزب خوفاً من تأليفها حركة سياسية منافسة.
وكان مقربو موفاز، الذي يرى في الانتخابات التمهيدية «فرصة الحياة»، قد أكدوا أنه مستعد للالتزام «لأنه واثق من فوزه». لكنَّ مقربي ليفني لم يشعروا بـ«الحرج»، لأنَّ التزام موفاز، وبناءً على ماضيه السياسي في «الليكود»، «غير ملزم» له.
لموفاز تاريخ معطوب من «الالتزامات». عند انسحاب أرييل شارون من «الليكود»، كانت التقديرات أن ينسحب معه إلى «كديما»، وخصوصاً أنه كان «موضع ثقة أمنياً» بالنسبة إلى شارون، لكنه لم يفعل. وقال إنه لن يغادر بيته «الليكود».
كان موفاز واثقاًَ من أنَّ غياب شارون عن «الليكود» سيخلق فراغاً قيادياً، لذا رشّح نفسه لرئاسة الحزب قبالة بنيامين نتنياهو. قبل أيام من الانتخابات، وعندما فهم أنّ احتمالات كسر نتنياهو تقترب من الصفر، انضم إلى «كاديما»، وكانت خطوته محرجة بالنسبة إليه، ما منحه صورة «المتقلب» و«غير الملتزم». وهذا ما يستغله اليوم مقربو ليفني بشأن «الالتزام»، موضحين أن التزام موفاز لا يعني التزامه حقاً.
موفاز مستعد لأكثر من ذلك بكثير. لأنه يرى في الانتخابات التمهيدية القمة في حياته السياسية، مشيراً، في سره، إلى أنَّ هذه الفرصة من الصعب أن تعود. هذا الرجل، فارسي الأصل، يعرف جيداً أن ما يجري اليوم في «كديما» لن يناله في حزب آخر. فليس في كل يوم يستقيل رئيس حكومة ليمنح الفائز في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب كرسي رئاسة الوزراء على طبق من ذهب ليؤلف حكومة بديلة.
لذا، يتوقع المراقبون أنه في حال فوز موفاز برئاسة الحزب، سيعمل كل ما في وسعه من أجل منع انتخابات عامة مبكرة حتى لو أدَّى إلى صفقات مع أحزاب اليمين والمتدينين. فهو متخوف من انتخابات عامة أكثر بكثير من ليفني، التي لا ترى الانتخابات العامة تهديداً لها، وخصوصاًَ أنها تتمتع بشعبية قطرية.
مبادرة الالتزام التي رُفضت أعدها قياديان في «كديما»: داليا ايتسيك وتساحي هنغبي. حاول الاثنان، ومنذ انفجار قضية أيهود أولمرت، أن يكونا «سياسيين رسميين». هانغبي كان من صاغ الاتفاق مع حزب «العمل» للبقاء في الائتلاف الحكومي، ما أكسبه صيغة «الرسمية». وهكذا أيضاً ايتسيك، التي تسعى منذ توليها رئاسة الكنيست أن تكون شخصية «رسمية» في حزب يفتقر إلى الشخصيات التمثيلية بعد دخول شمعون بيريز إلى ديوان الرئاسة وغياب شارون وتورط أولمرت بقضايا الفساد والحرب.
لذا اختارت ايتسيك أن تكون «فوق التنافس». ولم تدعم أحداً من المرشحين الأربعة (موفاز، ليفني، آفي ديختر، مئير شطريت)، علماً بأنَّ ماضيها لا يخلو من الانسحابات، وكانت قد انسحبت من حزب «العمل» بعد خسارة بيريز رئاسة الحزب. ولكنها اتخذت طريق الرسمية من خلال المبادرات، تمهيداً ربما للترشّح لرئاسة الدولة، أسوة بمعلمها الأزلي شمعون بيريز