البيان الوزاري يكرّس الالتباس الذي صنعته الحكومة السابقةمحمد وهبة
ما ورد في البيان الوزاري بالنسبة إلى تصحيح الأجور لا يختلف كثيراً عمّا أقرّته الحكومة السابقة في هذا الشأن حين أغفلت ذكر تصحيح الأجر للعاملين في القطاع الخاص في قرارها الصادر في جلسة 5 أيار الشهيرة، إذ أشار البيان إلى أن الحكومة ستبادر فوراً إلى إصدار مرسوم لزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص وإحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب لإقرار زيادات إلى جميع العاملين في إدارات ومؤسسات القطاع العام ولمختلف الأسلاك، وكذلك إقرار زيادة للمتقاعدين (...)، ويلفت البيان إلى أن كل ذلك سيتم بما لا يؤدي إلى تخطي الحدود القصوى التي تقدر الخزينة العامة على تحمّلها، ولا يؤدي أيضاً إلى ضغوط تضخمية إضافية تنعكس سلباً على مصلحة المواطنين الحقيقية وعلى الاقتصاد الوطني.

أين إعادة النظر؟

ويتطابق مضمون البيان الوزاري مع قرار مجلس الوزراء السابق في ما خصّ تصحيح الأجور الملتبس، وينسجم أيضاً مع ما تطرحه الهيئات الاقتصادية الرافضة لما تصفه «تدخلاً» من الحكومة في زيادة شطور الأجر، كذلك فإنه يوحي بأن كلام وزير العمل محمد فنيش الأخير عن «إعادة النظر بقرار زيادة الأجور» لم يكن كلاماً جديّاً، وهذا بدوره يؤدي إلى فتح باب التساؤلات عن الثمن الذي دفعته المعارضة لقاء تسوية تؤدي إلى استمرار القرار الملتبس المتخذ في الحكومة السابقة. فالبيان لا يذكر القطاع الخاص إلا في إطار رفع الحد الأدنى للأجور، بينما يتناول كل التفاصيل المتصلة بتصحيح أجور أجراء القطاع العام وجميع الأسلاك والإدارات والمؤسسات والمتقاعدين.

موقف الاتحاد العمالي

وكانت الحكومة السابقة قد أقرّت إعطاء العاملين في القطاع العام زيادة مقطوعة بقيمة 200 ألف ليرة، وبحسب المعلومات المتداولة فإن فنيش لم يعِد الاتحاد العمالي العام بأي زيادة إضافية، إلا أنه وعد صراحة بأن تطال العاملين في القطاع الخاص، إلا أنه اشترط أن يتم ذلك بعد التوافق مع أصحاب العمل وبما لا ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني. ولكن أعضاء قيادة الاتحاد فوجئوا أول من أمس بإبقاء الالتباس نفسه في البيان الوزاري، واستمهلوا للاستفسار عن موقف فنيش الفعلي، وما إذا كان قد فاته في لجنة الصياغة طلب إضافة عبارة «إصدار مرسوم لزيادة الأجور في القطاع الخاص»، لا «رفع الحد الأدنى» فقط، أو سيكون على الاتحاد العمالي الانسجام مع موقفه السابق برفض صدور مرسوم ملتبس لأنه سيكون حجّة أصحاب العمل لتطبيقه استنسابياً أو عدم تطبيقه كلياً.
ويتداول متابعون في معلومات أخرى تشير إلى وجود «لوبي» لأصحاب العمل لدى كل من حزب الله والتيار الوطني الحر، يضغط أيضاً باتجاه عدم تعديل القرار الملتبس الصادر عن الحكومة السابقة.

ليس له قيمة

ويرى مستشار رئيس الحكومة لشؤون العمال والضمان رفيق سلامة أن ما ورد في البيان الوزاري «ليس له قيمة، إذ لا جديد فيه»، مشيراً إلى أننا «سعينا لصدور مرسوم تصحيح الأجور في المرحلة السابقة حتى نربح الوقت. ولكن إعلان الوزير طراد حمادة نيته عدم توقيعه أوقفنا عن إرساله إلى وزارة العمل بعدما أعدّه رئيس الحكومة. وكل ما يُقصد في البيان أن الموضوع يحتاج إلى تجديد القرار السابق المتخذ في مجلس الوزراء، وقد يقترح الوزير فنيش أمراً آخر». وفي السياق نفسه قال وزير المال محمد شطح لـ«الأخبار» إنه لا يعلم «إن كان هناك طلب بزيادة إضافية على القرار السابق الخاص بتصحيح الأجور، ولكن مجلس الوزراء سيقرر تفاصيل المرسوم وامكان إعادة النقاش، لكن هذه المواضيع تحتاج إلى انعقاد مجلس وزراء».

الهيئات لن تنفذ

ويكاد موقف الهيئات الاقتصادية يقترب من حسم الجدل حول موقف فنيش وما يمكن أن يحصل عليه في مجلس الوزراء، فقد قال رئيس جمعية الصناعيين فادي عبّود، المكلف من الهيئات بالتفاوض حول موضوع تصحيح الأجور، إن «الهيئات لن تنفّذ أي مرسوم يتعلق بتصحيح شطور الأجر، حتى لو حصلنا على دعم عبر تحديد سقف سعر المازوت والبنزين... إذ إن لبنان يقضي على كل ما يتصل بانضمامه إلى منظمة التجارة العالمية بعد صدور مرسوم كهذا، كذلك فإن هذا الأمر يرفع من قيمة الاشتراكات المدفوعة عن الأجراء في الضمان الاجتماعي، ومن قيمة تسويات نهاية الخدمة للذين بلغوا سن التقاعد».
ويشير عبود إلى أن الهيئات أوعزت إلى أصحاب العمل زيادة الحد الأدنى بقيمة 200 ألف ليرة على أن ترفع شطور الأجور بما تراه مناسباً، لافتاً إلى أن «رفع الحد الأدنى بنحو 70 في المئة يعدّ سابقة، ونحن مع تصحيح سنوي للحد الأدنى»، معتبراً أن كلفة التضخم المتزايدة ولا سيما في الأشهر الأخيرة، لا يجب أن يدفعها صاحب العمل، ويسأل: «هل يجب أن تزيد الدولة نسبة الأجور بنفس نسبة زيادة التضخم؟»

خُذ وطالب

ويرى عضو الأمانة العامة لهيئة الإنقاذ في الاتحاد العمالي العام عبد اللطيف ترياقي أن أول الجمل الواردة في المقطع الخاص بالأجور في البيان الوزاري «كلام جميل تكمن مشكلته في أواخره»، إذ يرى أن ختام الجملة «يدفع إلى التشكيك بما يمكن أن يعطيه رب العمل. فكل ليرة يدفعها يرى أنها مؤثرة عليه اقتصادياً، والدولة هي أكبر رب عمل، وبالتالي ستكون الزيادة محكومة بمقدرة الخزينة».
ويشير الترياقي إلى أن الكلام عن تصحيح الحد الأدنى «يحتاج إلى صدور المرسوم والاطّلاع على تفاصيله. فقد فوجئنا بإعلان الوزير فنيش إعادة النظر بالمرسوم، لكن ما ورد في البيان يؤكد عدم إعادة النظر فيه». ولكن هل ينفع النقاش بعد صدور المرسوم؟ يجيب الترياقي بأن الحصول على جزء من المطالب لا يعني السكوت عن الباقي.


3٫8 ملايين ليرة

هو متوسط الرواتب والأجور في قطاع المصارف، وهو الأعلى في لبنان، يليه متوسط الأجور في القطاع العام بما قيمته 1.154 مليون ليرة


63396 أجيراً

هو عدد الموظفين المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور، أي 300 ألف ليرة


3905 أجراء

عدد الموظفين الذين
يتقاضون أكثر من 5 ملايين ليرة في لبنان من أصل 361 ألف أجير مسجّلين في صندوق الضمان


بين دمنهور ونيويورك...