بغداد ــ زيد الزبيديتباينت حسابات الربح والخسارة لمختلف الكتل السياسية العراقية حول محصّلة معركة قانون انتخابات المحافظات، واعتُبر «التحالف الكردستاني»، وجزء من «الائتلاف العراقي الموحَّد»، أكبر الرابحين من التأجيل في انتظار التوافق السياسي.
ويلاحظ المراقبون أن الطرف الأساسي الذي كان يعارض إجراء الانتخابات في الموعد المحدَّد لها في مطلع تشرين الأول المقبل، هو «المجلس الأعلى الإسلامي»، الذي يهيمن حالياً على معظم مجالس المحافظات في الجنوب والوسط، ويخشى فقدان نفوذه في أية انتخابات مقبلة.
لكن «المجلس» اضطرّ، نتيجة ضغوط الرأي العام والجوّ السياسي والاحتلال، إلى الإعلان عن موافقته على إجراء الانتخابات في موعدها، محتفظاً بأهم مفاتيح التأجيل، ألا وهي عرقلة إقرار المخصّصات المالية لمفوضية الانتخابات عبر وزارة المال التي يسيطر عليها كوادره.
وفي السياق، سعى الطرف الكردي إلى تأخير الانتخابات بعدما شعر بفقدان نفوذه في الموصل وكركوك وديالى، في ظلّ عودة العرب والتركمان عن المقاطعة التي سهلت للتحالف الكردستاني في الانتخابات الماضية السيطرة على المجالس.
ورغم أن قضية كركوك هي التي أشعلت فتيل الأزمة، فإن الخوف من فقدان السيطرة على المجالس المحلية، كان العامل الأساسي في سعي الكتلتين المذكورتين لعرقلة الانتخابات، أو تأخيرها قدر المستطاع.
وفي هذا الصدد، لفت المراقبون إلى كثرة التصريحات المتناقضة في الأيام الأخيرة، غير المتصلة بالنزاع، والتي أضفت جوّاً مفتعلاً من الفوضى والتوتر حول القضية.
وبادر التحالف الكردستاني مثلاً إلى اتهام رئيس البرلمان محمود المشهداني بأنه «بعثي صدّامي» لأنه سمح بتمرير القانون. كذلك اتهم رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني النواب الـ127 الذين صوّتوا لمصلحة القانون بأنهم «شوفينيون مرتبطون بأجندات أجنبية»، فيما قال مسؤولون أكراد إنّ «الحزب الإسلامي» يعمل «وفق أجندة تركية».
لكن أغرب حادثة متعلقة بالقانون بالنسبة إلى المتابعين، كانت عندما غادر رئيس الدولة جلال الطالباني، الذي نقض قانون الانتخابات، البلاد قبيل التصويت عليه، بعدما أكد أنه تم التوصل برعايته إلى توافق كامل بين الكتل السياسية بشأنه، اتضح في ما بعد أنه غير موجود.
وفي الحساب النهائي، تحقّق هدف التأجيل لمن كانوا يريدونه، لكن النجاح كان أيضاً من نصيب «اللجنة التنسيقية» والنوّاب الرافضين للاصطفافات الطائفية والعرقية، الذين استطاعوا كبح جماح «التسلط الكردي». ومن بين منجزات المعركة، النجاح في إقرار «الوضع الخاص» لكركوك، وإقرار صياغة قانون انتخابات خاص بها، فضلاً عن تشكيل لجنة للنظر في الانتهاكات التي حصلت قبل سنة 2003 وبعدها، التي تنسب بشكل أساسي إلى ميليشيات «البشمركة».
كذلك برزت في المجلس قوّة برلمانية، نواتها 110 نواب شكّلوا «خلية أزمة كركوك»، تمثل النقيض للعملية السياسية المبنية على «الفيتو» التوافقي الطائفي. يضاف إلى ذلك، أن المعركة التي فرضت اصطفافات متنوّعة طائفياً، كشفت عن اختلال تمثيل مجلس الرئاسة، إذ لم يعد عادل عبد المهدي يمثّل رأي كل الكتل الشيعية، وكذلك حالة طارق الهاشمي بالنسبة إلى السنّة، في ظلّ غموض مستقبل الطالباني السياسي في إقليم كردستان.