إسرائيل اليوم ــ يعقوب عميدرور صورة العالم السياسي التي يخلّفها أولمرت لمن سيخلفه، هي صورة مركبة. أولمرت ساعد الأسد على الخروج من العزلة الطويلة، وجعله ضيفاً مستحباً في أوروبا ــــ من دون أن يدفع أي شيء. رغبة أولمرت في إدارة المحادثات مع السوريين بكل ثمن خدمت جيداً الحاجة السورية. في المقابل، إسرائيل لم تربح من الخطوة نفسها، ذلك أن سوريا تواصل تقديم المساعدة، بموازاة المحادثات، لتعاظم حزب الله، وتشكل بيتاً حميماً لقيادات «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، ولم تهجر المحور الإيراني، ولست واثقاً من أنها وعدت بذلك.
أولمرت ووزيرة الخارجية فشلا فشلاً تاماً في تجنيد العالم لتنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي أنهى حرب لبنان (1701). وفضلاً عن الحقيقة المفرحة أنه لا يوجد اليوم استحكامات علنية مع علم حزب الله على الحدود مع إسرائيل، لم يبقَ أي شيء جوهري من هذا القرار. بالعكس، الضعف الإسرائيلي سمح لـ(الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله بدفع أهدافه داخل لبنان، وهو أقرب من أي وقت مضى من الوضع الذي يقدر فيه على منع اتخاذ أي قرار لا يريحه في الحكومة. وتعاظم حزب الله هو المشكلة الأكثر إقلاقاً اليوم. وباختصار، الفشل السياسي لإسرائيل في المسألة اللبنانية يكاد يكون مطلقاً.
في المجال الفلسطيني، أخطأ أولمرت ثلاث مرات. فقد ساعد شارون على قيادة فك الارتباط الذي أدى إلى إضعاف قدرتنا على منع تعزيز قدرات «حماس»، ووافق على الانتخابات في السلطة الفلسطينية التي أدت إلى انتصار «حماس»، وسمح هذان الخطآن للحركة بأن تقيم دولة إرهاب صغيرة في غزة. وبعد كل هذا، وقَّع أولمرت، بشكل غير مباشر، على اتفاق وقف نار مؤقت مع «حماس»، وهكذا منحها شرعية لم تكن للمنظمة أبداً.
مشكلة أخرى تكمن في العلاقات مع السلطة الفلسطينية. رئيس الوزراء تنازل عن الإنجاز الوحيد في «خريطة الطريق»: لن تبدأ مفاوضات سياسية قبل القضاء على الإرهاب.
في السياق الشرق أوسطي الواسع، يبدو أن منظومة العلاقات الطيبة بين رئيس الوزراء وحكام مصر والأردن لم تؤدِ إلى تغييرات حقيقية في مكانة إسرائيل، ضمن أمور أخرى، بسبب خيبة أمل كل الدول العربية السنّية من فشل إسرائيل في حربها في لبنان. ومع ذلك، لا يجب الاستخفاف بمنظومة العلاقات مع الدول الموقعة على اتفاقات سياسية مع إسرائيل.
في كل ما يتعلق بالمكانة الاستراتيجية لإسرائيل، يبدو أن الحكومة فشلت. فهي لم تنجح في أن تحمل العالم على فهم الخطر الإيراني، ولم تنجح في تجنيده لوقف الإيرانيين. ولعل هذا هو الفشل الأكبر للسياسة الخارجية الإسرائيلية. ليس مؤكداً إن كان في وسع حكومة أخرى أن تمنع هذا الوضع، لأن المصالح الاقتصادية وانعدام المسؤولية الأوروبية هي عوامل مهمة، ولكن لمّا لم نكن نعنى هنا بإيجاد المذنبين بل بوصف الوضع، فمن الصحيح التشديد على هذا الفشل المهم.
في المقابل، تجدر الإشارة إلى منظومة العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة، والتي فيها سحابة واحدة: نهج وزيرة الخارجية بالنسبة إلى المسألة الفلسطينية. هذا النهج أضرّ وسيضرّ إسرائيل، لأنه يرى المشكلة بتعابير حقوقية لأقلية مضطهدة من دون صلة بالجانب الإسلامي الواسع، ومن دون انتباه إلى المعاني الأمنية النابعة من تغيير مكانة إسرائيل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية).