Strong>يقودها قاضٍ بعثي سابق من رجال بول بريمر ويدعمها حزب «الفضيلة» و«المجلس الأعلى» يخبو طرح الفدرالية بحسب المواسم السياسية في العراق ثمّ يعود ويستفيق. ومنذ التقاء مصالح القوى الطائفية العراقية مع مساعي الاحتلال لتقسيم البلاد وتوزيع النفوذ على الأقاليم، يبقى «حلم الفدرالية» جمراً تحت الرماد ينتظر الوقت المناسب للانفجار، ووجهته هذه المرّة البصرة

بغداد ــ زيد الزبيدي
رغم موجة رفض غالبية الرأي العام العراقي للطائفية الدموية التي اجتاحت بلاد الرافدين بعد الاحتلال، وبروز قوى سياسيّة جديدة تسعى لوحدة البلاد، استمرّت الطروحات الفدرالية بالوتيرة نفسها. نظريات أتت هذه المرة على شكل مشاريع تسعى لاستغلال مواد الدستور الحالي لإعادة طرح برامج الحكم اللامركزي للمحافظات، أو تشكيل الأقاليم على أساس غير طائفي، لجعل الفكرة أكثر استساغة لدى المواطنين العراقيين.
الأنظار هذه المرّة تتجه إلى الجنوب العراقي، حيث الحديث عاد يتردد في الفترة الأخيرة، عن إقامة «إقليم البصرة».
وبحسب بعض المراقبين، فإنّ خطّة «صولة الفرسان» الأمنية، وإن كانت استهدفت التيار الصدري في البصرة، صاحب النفوذ الأكبر سابقاً هناك، إلا أنها كانت بالأساس عملية منظمة تهدف إلى بسط نفوذ «المجلس الأعلى الإسلامي»، المؤيد لإقامة الفدرالية، وتسهيل سيطرته على المدينة الجنوبية ذات الأهمية الاقتصادية الكبرى، وجعلها النواة لإقليم الوسط والجنوب.
ورغم أنّ الحملة لم تؤدّ الهدف المرجو منها، وخاصة بعد الفشل في ضرب «حزب الفضيلة» الذي يتمتع بنفوذ كبير في المحافظة وبقاء نفوذ «المجلس الأعلى» في البصرة محدوداً، لم تخفت المساعي الفدرالية في الجنوب العراقي. ومع إقرار قانون المحافظات والأقاليم، الذي يتيح لكل محافظة تشكيل إقليم خاص بها، تبلورت فكرة «إقليم البصرة».
ورغم أن هذا المشروع، لا يزال يواجه عقبات كثيرة، أهمها التأخّر في إقرار قانون انتخابات المحافظات، الذي يتيح تشكيل مجالس جديدة تقترح وتنظّم مثل هذه القضايا، فإن مجموعات عديدة قد تبنّته، لعلّ أهمها حزب «الفضيلة» نفسه، الذي يرأس مجلس المحافظة في الوقت الحالي.
إلا أن الأكثر نشاطاً وفاعلية في هذا المجال هو الوزير السابق في حكومة إياد علاّوي، النائب وائل عبد اللطيف، الذي يعدّ أحد رجال الحاكم الأميركي السابق بول بريمر، الذي عيّنه بعد الاحتلال عضواً في مجلس الحكم.
وأعلن عبد اللطيف إطلاق حملة شعبية تدعو إلى تطبيق الفدرالية في محافظة البصرة، وجعلها إقليماً فدرالياً، ودعا مواطني المحافظة إلى توقيع استمارات لمطالبة الحكومة الاتحادية بإجراء استفتاء حول هذه المسألة.
وقال عبد اللطيف، في مؤتمر حول الفدرالية نظّمه «مركز السلام والتنمية للدراسات الفدرالية» في البصرة وشارك فيه العشرات من المسؤولين ورجال الدين وشيوخ العشائر، إن «تطبيق الفدرالية في البصرة سيجعل منها أكثر مدن المنطقة رقياً وتطوراً». وأضاف أن ذلك «سيسمح بتقاسم الثروات بشكل عادل، حتى لا يبقى سكان البصرة يستجدون الأموال من الحكومة الاتحادية في بغداد».
من جهته، أعرب محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي، الذي ينتمي إلى حزب «الفضيلة»، عن تأييده لمشروع عبد اللطيف، واصفاً الفدرالية بأنها «الخيار الأفضل للتخلص من إجحاف الحكومة المركزية، بحق الحكومات المحلية». كما شدّد على انّ محافظة البصرة «تمتلك مقومات تطبيق هذا النظام بنجاح، في ضوء الثروات الطبيعية والبشرية التي تتمتع بها، وبحكم موقعها الجغرافي المطل على الخليج العربي».
يُذكر أنّ «جبهة التوافق العراقية» هي من أبرز الجهات السياسية التي أعلنت معارضتها المطلقة لمبدأ الفدرالية، على خلاف «المجلس الأعلى الإسلامي» الذي يراها «ضرورة لا بدّ منها»، ويدعو إلى إقامة إقليم الجنوب والوسط، على غرار «إقليم كردستان» في شمال العراق.
ويتيح الدستور في المادة 115 منه للمحافظات أن تؤسس إقليماً فدرالياً، بعد إجراء استفتاء شعبي فيها.

ورغم قربه من «الائتلاف العراقي الموحد»، إلا أنّه ترشّح في الانتخابات النيابية الأخيرة ضمن «القائمة العراقية الوطنية»، ليعود وينسحب منها ويشكّل «حزب الدولة العراقية».
ويرى مراقبون أن صعوده المفاجئ يشير إلى دعم قوي للاتجاه الفدرالي الذي تعبّر عنه في الجنوب أطراف نافذة، في مقدّمها الولايات المتحدة.