الضمان: لا إعفاء للدولة بصفتها صاحب عمل لأنه ينسحب على القطاع الخاصمحمد وهبة
تبلّغت وزارة المال من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أخيراً، ضرورة دفع فوائد على مبالغ التسوية المستحقّة على الدولة بصفتها صاحب عمل بعدما صادقت وزارة العمل على قرار مجلس إدارة الصندوق بفرض فوائد على هذه المبالغ المستحقّة على الدولة، على أن يجري احتساب قيمة هذه الفوائد بعد قطع الحساب السنوي للصندوق.

20 مليار تسويات

وتمثّل قيمة التسويات المتوقّعة على تعويضات هؤلاء الأجراء نحو 5 في المئة من حجم الدين على الدولة، أي نحو 20 مليار ليرة ستُحتسب على أساسها قيمة الفوائد المستحقّة على الدولة وفق سنوات التأخير عن كل أجير، وذلك بنسبة 8 في المئة. وبحسب إحصاءات صندوق الضمان فإن هناك أكثر من 13 ألف أجير للدولة مسجّل في الصندوق، وقد بلغت قيمة المبالغ المتأخرة والمستحقة على الدولة أكثر من 400 مليار ليرة (حتى نهاية 2007) كاشتراكات عن تسجيل هؤلاء الأجراء في الضمان.
وسيجري احتساب قيمة الفوائد سنوياً بعد قطع الحساب وهي تخضع لقانون تقسيط الديون والإعفاء من غرامات التأخير، وهذا ما أثار جدلاً في الصندوق عمّا إذا كانت هذه الفوائد تمثّل «غرامة» أي ما يُعرف بأنه «عقوبة تأخير» وبالتالي تعفى الدولة منها، أو أنها فوائد مدينة قانونية مستحقة ولا تنطوي على عقوبة بمفهومها التجاري، وقد رأى أصحاب العمل أن إعفاء الدولة من هذه الفائدة بصفتها صاحب عمل يسري على القطاع الخاص أيضاً، أي سيفوّت على الصندوق أموال من حقه تتجاوز 40 مليار ليرة، وهذا ما رفضه ممثلو العمال في مجلس الإدارة.

سريان الفائدة

طلبت إدارة الصندوق رأي اللجنة الفنية مشيرة إلى أنه يجب على أي صاحب عمل تسديد مبالغ التسوية الناشئة عن تصفية تعويضات نهاية الخدمة للمضمونين خلال مهلة شهر من تاريخ تبلّغه المطالبة ومن دون فائدة. إلا أنه بعد انقضاء مهلة شهرين تسري على المبالغ المستحقة، حكماً، فائدة تعادل الفائدة المقيّدة للحساب الفردي والبالغة 6 في المئة تضاف إليها نقطتان، أي 8 في المئة، وتبقى هذه الفائدة مستمرة حتى تاريخ الدفع الفعلي.
وكانت إدارة الصندوق قد بدأت تطبيق هذا الأمر على المدينين بمبالغ تسوية والمتخلفين عن التسديد، فبرزت مشكلة عدم تسديد الدولة لموجباتها المالية للصندوق عند استحقاق كل دين سواء كان دين اشتراكات أو دين تسويات أو ديوناً أخرى، إنّما تسدد هذه الموجبات عن طريق دفعات سنوية إجمالية توزّع على مختلف الحسابات من جانب أجهزة الصندوق. غرامة على الدولة؟
وبالتالي أدّت هذه الطريقة إلى اعتبار الدولة، كصاحب عمل، مخالفة للقوانين والأنظمة... وتترتب نتيجة ذلك زيادات تأخير على الاشتراكات وفقاً لنص المادة 79 من قانون الضمان، علماً بأن ديوان المحاسبة رأى أن زيادات التأخير لا تستحقّ عن الاشتراكات المترتبة على الدولة بصفتها رب عمل لأن الدولة تمثل سلطة عامة ولا يجوز فرض غرامات أو زيادات تأخير عليها إلا بنص تشريعي صريح.
ولفتت الإدارة إلى وجود رأي يعتقد بأن الفائدة على مبالغ التسوية المترتبة والناشئة عن تصفية تعويضات نهاية الخدمة هي فائدة إكراهية تُفرض على المتخلفين عن الدفع على غرار زيادات التأخير، وأشارت إلى رأي المدير المالي في الصندوق الذي لفت إلى عدم جواز فرض أي عقوبات على الدولة (زيادات تأخير ـــ غرامات ــــ فوائد) كما لا يمكن فرض فوائد على مبالغ التسوية المترتبة على الدولة اللبنانية.

رأي اللجنة الفنية

وقاربت اللجنة الفنية المسألة انطلاقاً من أن هذا الأمر مكرّس قانوناً، إذ إن مجلس إدارة الصندوق يحتسب بشكل دوري معدل الفائدة على مبالغ التسوية الناشئة عن تصفية تعويضات نهاية الخدمة بما يعادل الفائدة المقيدة للحساب الفردي مضافةً إليها نقطتان ويراعي في هذا الأمر الفائدة المستوفاة لقاء إيداعاته في المصارف.
وأشارت اللجنة إلى أن التشريع اللبناني لم يحدد معدل الفائدة القانونية مكتفياً بتحديد الحد الأقصى المسموح به في المواد التجارية وفي غير الرهونات العقارية ويبلغ 9 في المئة وفق المادة الأولى من القانون رقم 24/1939 مؤكداً أن هذه الفائدة لها طابع مدني بحت لا يتعداه إلى الطابع العقابي الذي عادةً ما تكون «غرامته الإكراهية» على المتخلّفين عن الدفع كما وردت في بعض التشريعات أعلى من معدل الفائدة القانونية أو المتعارف عليها.
وبالتالي تفقد الفائدة المعمول بها، بالنسبة إلى تخلّف الدولة عن دفع مبالغ التسوية عن أجرائها، صفة الإكراه والعقوبة، ولا سيما أنها مساوية للفائدة التي يمكن أن يجنيها الدائن لقاء تشغيل أمواله أو إيداعها في المصرف، فضلاً عن أن المادة 265 من قانون الموجبات والعقود تنص على أن يكون عوض التأخير عن دفع مبلغ من النقود «بأداء فائدة المبلغ المستحق محسوبة على المعدل القانوني ما لم يكن ثمة نص مخالف في العقود أو في القانون»، ولذلك تعدّ هذه الفائدة (8 في المئة) فائدة تأخير قانونية ومدنية وليست عقابية، وبالتالي، فإن وصفها بالفائدة الإكراهية هو في غير محله القانوني.
واستدلّت اللجنة بالقوانين التي ألزمت الدولة دفع فوائد تأخير لقاء تأخّرها في دفع الأموال مثل قانون الاستملاك، كما أن القضاء اللبناني يطبّق قاعدة دفع فوائد تأخير لمصلحة الدولة ولمصلحة الأفراد ضد الدولة. ويفهم من قرارات هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل أن على الإدارة الرسمية دفع الفائدة الناتجة من تأخرها في دفع قيمة المستحق عليها استناداً إلى المواد 252 و265 من قانون الموجبات والعقود.


850 مليار ليرة

هي قيمة ديون الدولة للضمان الاجتماعي منها أكثر من 400 مليار اشتراكات عن الأجراء والمستخدمين


2 في المئة

هي النسبة التي يفترض أن تجبيها المؤسسات العامة من رواتب الموظفين لتدفعها لفرع ضمان المرض والأمومة


8 آلاف أجير

هو الرقم التقريبي الذي تعترف به وزارة المال عن الأجراء المسجلين في الضمان وتغفل أكثر من 4 آلاف أجير


1850 مليار ليرة