علي حيدرأثارت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد «المفاجئة» إلى موسكو، أمس، مخاوف في إسرائيل من أن تبادر روسيا، التي تريد «إغلاق الحساب» معها، إلى الانتقام منها جرّاء انحيازها الفاضح إلى جورجيا في معركة أوسيتيا الجنوبية. وتتركز المخاوف الإسرائيلية على تزويد روسيا لسوريا بأسلحة متطورة تعيد رسم المشهد الاستراتيجي في المنطقة.
وقدرت مصادر إسرائيلية أن «زيارة الأسد إلى موسكو تأتي في سياق رغبة روسية بالانتقام من إسرائيل». ويتخوف الإسرائيليون من أن يقترح السوريون على الروس نشر أسلحة هجومية في مرفأ طرطوس مثل سفن حربية أو غواصات.
وفي محاولة منها لتقليل الأضرار، وجّهت تل أبيب رسالة إلى موسكو طالبتها فيها بعدم كسر التوازن القائم في المنطقة، وعدم تزويد سوريا بصواريخ «أس 300»، التي على الرغم من طابعها الدفاعي ستكون لها «آثار كبيرة على رغبة سوريا في دفع عملية السلام مع إسرائيل بوساطة تركيا». وذكَّرت رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بكلام قاله هذه السنة بأنه «لن يسمح بسقوط إسرائيل».
وفي السياق، أكد مصدر رفيع المستوى في المؤسسة الأمنية أنه «عندما تحصل سوريا على قدرات دفاعية متقدمة، ستشعر معها بالثقة أكثر وخاصة أنها لم تتخلّ حتى الآن عن إمكان استعادة الجولان بالقوة».
وأشار مصدر في وزارة الخارجية إلى أن «روسيا هي المزوّد الرئيسي بالسلاح لسوريا وبشكل غير مباشر لحزب الله، ومن الصعب على إسرائيل أن تتعايش مع التناقض القائم، فمن جهة روسيا تحاول تعزيز دورها كلاعب في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى تؤمن السلاح من دون توازن لأحد الأطراف في المنطقة».
ورأى الخبير في الشؤون السورية، ايال زيسر، إنه بالرغم من أن زيارة الأسد إلى موسكو ليست الأولى، لكونه قد زارها مرتين منذ وصوله إلى الحكم، إلا أن «لها هذه المرة أهمية خاصة في ظل السحابة التي تخيم على العلاقات بين القدس وموسكو والشعور بأن روسيا تريد معاقبة إسرائيل على دعمها لجورجيا».
ورأى زيسر أن الدوافع الروسية لإعادة الدفء إلى العلاقات مع دمشق «ترتبط بالربح الاقتصادي الكامن في صفقات الأسلحة، وأن روسيا تعدّ نفسها دولة عظمى إقليمية، إن لم تكن عالمية، ووجود موطئ قدم لها في سوريا يخدم الطموحات الروسية، في ظل توجّه روسي بإغضاب الأميركيين. أضف إلى أنهم يرون التقارب مع سوريا ردّاً ملائماً ورادعاً على محاولات واشنطن عقد اتفاقات تعاون عسكري وسياسي مع جيران روسيا مثل جورجيا وأوكرانيا وأيضاً بولونيا».
ولكن زيسر عاد ولفت إلى أن «السلوك الروسي في هذه المرحلة يختلف عما كان عليه في سنوات الستينيات والسبعينيات عندما عمل الاتحاد السوفياتي السابق على تعزيز موقع السوريين في صراعهم مع إسرائيل». ورأى أنه «من الصعب القول إن روسيا تتحرك اليوم من منطلق العداء لإسرائيل، وخاصة أن بوتين عاد وأعلن أنه صديق حقيقي» للدولة العبرية.
إلى ذلك، أكدت رئيسة الكنيست داليا ايتسيك أن إسرائيل ستقدم المساعدة لجورجيا من أجل ترميم المناطق التي دمرت في الحرب الأخيرة مع روسيا. وحرصت ايتسيك، خلال جلسة للكنيست، على إظهار أن موقف إسرائيل بمساعدة جورجيا ليس نابعاً من انحيازها لها، لذلك «سنفعل ذلك من دون الانشداد إلى بؤرة النزاع، ولأن هذه طريقنا والصديق يظهر وقت الضيق».