strong>رايس تبدأ زيارة الأراضي المحتلّة بالتحذير من «تعقيدات» مع وصول وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إلى إسرائيل، أفرجت سلطات الاحتلال عن 198 أسيراً فلسطينياً، في «بادرة حسن نيّة» تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، إلا أنها أبقت على أكثر من عشرة آلاف آخرين، إضافة إلى انسداد الأفق في وجه أي جهود عادلة للتسوية

رام الله ــ أحمد شاكر
وقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس على رأس مستقبلي الأسرى المحررين، في مظهر امتزج فيه الفرح بالدموع لعودة 198 أسيراً، في مقدّمهم عميد الأسرى الفلسطينيين، سعيد العتبة (الجبهة الديموقراطية)، الذي أمضى 32 عاماً في سجون الاحتلال، وأبو علي يطّا الذي أمضى 28 عاماً في السجن، والنائب حسام خضر الذي أمضى ست سنوات في الأسر.
ووصل الأسرى إلى مقرّ المقاطعة في رام الله، وسط حضور كثيف لرجال الأمن الذين حالوا دون تدفّق مئات المواطنين عفوياً إلى المكان المخصص للاستقبال الرسمي. وتوجّه الأسرى إلى ضريح الزعيم الراحل ياسر عرفات، فيما سارع آخرون إلى عناق ذويهم الذين انتظروهم في ساحة المقاطعة منذ الصباح الباكر.
وكانت حافلات الأسرى قد انطلقت صباحاً من سجن عوفر (غرب رام الله)، وهي تقل 198أسيراً، بعدما رفضت سلطات الاحتلال في اللحظة الأخيرة إطلاق أحد الأسرى بحجة أن لديه ملفات جنائية لا أمنية من دون أن تذكر اسمه.
وارتدى بعض الأسرى قمصاناً عليها صور عباس وعرفات، مشيرين بعلامة النصر من نوافذ الحافلات التي نقلتهم من سجن عوفر إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة. ولوّح فلسطينيون يحتفلون بالإفراج عن الأسرى بالأعلام الفلسطينية ورقصوا في الشوارع لدى استقبال 194 رجلاً وأربع نساء. وأكثر من نصف الأسرى المفرج عنهم سيكملون عقوباتهم في العام المقبل، وهناك 43 أسيراً لا يزال أمامهم خمس سنوات على الأقل لإتمام العقوبة.
وهنّأ أبو مازن الأسرى المفرج عنهم قائلاً: «لن يهدأ لنا بال إلا إذا حُرّروا ( الأسرى) جميعاً وبُيِّضت السجون»، مضيفاً «لن يكون سلام من دون تحرير جميع الأسرى». وخاطب الأسيرات في السجون الإسرائيلية قائلاً: «إن وقتكن قادم».
وشدّد الأسير المحرر سعيد العتبة (57 عاماً)، في كلمته، على أن «الفرحة لن تكتمل، ويجب مواصلة العمل لاكتمالها. تركنا خلفنا 11 ألف أسير، ومنهم الأسرى القدامى. لنقف الآن لنحييهم، ونوجّه لهم تحية الأحرار».
أما وزير الأسرى والمحررين، أشرف العجرمي، فتوجه إلى القيادات الأسيرة بالقول «سنراكم قريباً بيننا يا سعدات، والدويك والبرغوثي، والطيراوي، وكل القيادات السياسية».
وفي أجواء احتفالات التحرير، اعتقل الجيش الإسرائيلي ستة فلسطينيين خلال حملة دهم في رام الله بدعوى أنهم «مطلوبون». وقال مصدر أمني فلسطيني إن نحو 18 آلية إسرائيلية اقتحمت بلدة بيتونيا، بعد تسلل مجموعة من القوات الخاصة المتخفّية بلباس مدني، ونفذت عمليات تفتيش ومداهمة واسعة. وقال إنه «تم التعرف إلى أربعة من المعتقلين وهم: أمجد سراج ومحمود النبالي وعلاء طرايرة واعتراف الريماوي، وجميعهم من حركة «فتح».
واستغل عبّاس احتفال استقبال الأسرى لإمرار رسالة سياسيّة متعلقة بمفاوضات التسوية، أعلن فيها رفضه للحلول الجزئية التي تروّج لها سلطات الاحتلال. وقال «معروف أن القضايا جميعها، بما فيها القدس واللاجئون والمستوطنات والحدود، إما أن تحل دفعة واحدة أو لا نقبل حلاً».
ويأتي تصريح عبّاس بالتزامن مع وصول رايس إلى تل أبيب في زيارة جديدة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية لمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش، على الرغم من تعثّر المفاوضات. وتلتقي رايس اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في القدس المحتلة ثم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.
وفي تصريحات للصحافيين في الطائرة التي أقلّتها إلى تل أبيب، أقرّت رايس بأنه لا يزال أمام الفلسطينيين والإسرائيليين «عمل كبير» يقومون به إذا كانوا يرغبون حقاً في التوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية العام. وأضافت أن «الوضع معقّد بالتأكيد، لكن الحال هنا كانت دائماً على هذا النحو». ووصفت إطلاق الأسرى بأنه «خطوة جيدة جداً».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى اصطحبوا رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض أحمد قريع (أبو العلاء) في جولة في منطقة مستوطنة أريئيل في عمق الضفة الغربية وأن هذه الجولة أظهرت مدى عمق الخلافات بين الجانبين بشأن قضايا الحل الدائم.
وكان هدف الإسرائيليين من هذه الجولة إظهار صعوبة انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة وإخلاء هذه المستوطنات. وأبرز تقرير «هآرتس» عمق الخلافات بين الجانبين بشأن قضية الحدود. وأفادت بأن «خلافات كبيرة بين الجانبين برزت في المفاوضات على القضايا الأمنية»، مشيرة إلى أن «الجانب الفلسطيني يعارض بصورة مطلقة وجوداً عسكرياً إسرائيلياً في تخوم الدولة الفلسطينية بعد قيامها، ووافق فقط على أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح».