إن كان رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، يجد صعوبة في إيجاد المخرج، فعلى أعضاء الحكومة، أولئك الذين يتحملون مسؤولية مشتركة عن إخفاقات الحرب، أن يدلوه على طريق الباب
هآرتس ـ عكيفا الدار

ما الذي قاله محللو التلفزيون الفرنسي والمصري والألماني والسوري لعشرات الملايين من مشاهديهم، في الوقت الذي ركزت فيه عدسات الكاميرا على صورة رئيس وزراء إسرائيل؟ من البديهي أن تكون التطورات الأخيرة في سياق علاقته مع الشرطة قد اجتذبت اهتمامهم أكثر من قضية العلاقات السورية ـــــ الإسرائيلية. إن كان أولمرت رئيساً لسوريا، فهل كان سيتطوع لمصافحة رئيس وزراء إسرائيلي يخضع لتحقيق الشرطة؟ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تعلم كيف يود أولمرت، يستطيع أن يحدثه خلال وجودهما في باريس عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعاد للناخب روحه.
الشخص الذي يمثِّل دولة إسرائيل اليوم في المؤتمر من أجل الشرق الأوسط في باريس لا يمتلك صلاحية أخلاقية أو ثقة جماهيرية. وزراء حكومة ومسؤولون كبار يفسرون أقواله وتحركاته على أنها جزء من معركة قضائية وسياسية خاسرة. عبارات السلام الصحيحة التي تصدر عنه في الآونة الأخيرة تتوقف على مسافة قصيرة من حواجز الجيش ومواقع المستوطنين في الضفة. إذا عرض هضبة الجولان على سوريا في مقابل سلام حقيقي، فهل سيصدق أحد أن الثمن الحقيقي الذي يطلبه من وراء ذلك ليس إلا فرصة للحصول على العفو القضائي؟
من الناحية الأخرى، ما الذي سيحدث إذا أوصت المستويات المهنية الحكومة بمهاجمة إيران أو الاكتفاء بضرب الترسانات الصاروخية لحزب الله؟ كم هو عدد الأشخاص في البلاد والخارج الذين سيعتبرون أن هذه القرارات كانت خالية من الاعتبارات الشخصية؟ هذا الوضع يُعَدُّ «شللاً» بالمصطلحات الطبية. أما في اللغة القضائية فيسمونه «التعذر عن أداء المهام». الحل المطلوب في هذه الحالة هو الاستقالة أو الخروج مع الأسف في إجازة حتى انتهاء الإجراءات القضائية.
في غياب قرار صريح من المستشار القضائي للحكومة والضغط من الشركاء الائتلافيين، يواصل أولمرت التعامل مع مصالح الدولة الحيوية وكأنها ملكه الخاص، ويستخدم الوسائل الموجودة بيدها لإنقاذ نفسه. اليوم تحقيق وغداً سفر. واليوم مشاورات مع المحامين، وغداً صورة جماعية مع الزعماء الأجانب. هو سيكافح دفاعاً عن سمعته حتى آخر قطرة من سمعة الدولة.
وفي آخر المطاف، يتهم أولمرت ومقربوه أجهزة تنفيذ القانون بأنها تسعى إلى «تشويه» سمعته سياسياً. وكأنه لم يكفهم الضرر الذي ألحقه زميلاهم، حاييم رامون ودانيال فريدمان ـــــ وما زالا ـــــ بالمؤسسة القضائية ومكانتها أمام الناس. رئيس الوزراء اشتكى على مسامع المراسلين الذين يرافقونه في باريس من أن التحقيق وما يسرب وينشر هو اعتداء لا مثيل له على المعايير السليمة في النظام الديموقراطي. في النظام الديموقراطي، مثل ذلك السائد في دولة إسرائيل، العرف المعمول به هو أنه إذا خضع المدير العام لديوان رئاسة الوزراء لتحقيق على يد الشرطة بتهمة تسلم مغلفات نقدية من مواطن أميركي باستمرار، فإن من شبه المؤكد أن أولمرت لم يكن يمضي وقته في باريس اليوم.
النظام الداخلي لمفوضية السلك العام تنص على أنه «إذا ارتكب موظف رسمي مخالفة جنائية أو تعرض للتحقيق البوليسي، فعلى المسؤول عنه أن يدرس اقتراح تجميده من منصبه». كما جاء أنه «إذا أدلى موظف بإفادة كاذبة وحصل على أساس ذلك على مبالغ لا يستحقها (مثل نفقات السفر)، فإن على مسؤوله أن يعرض الأمر أمام المفوضية التي تقوم بتحويله مع التوصيات إلى المدعي العام». لكن أولمرت منتخب، وليس موظفاً عاملاً، وهذا النظام لا يعنيه!