يوماً بعد يوم، تتجذّر الانقسامات في العراق، وتترجم نفسها عبر أحزاب قومية ومناطقية وطائفية، جديدها هذه المرّة على الساحة الكردية
بغداد ــ زيد الزبيدي
الحساسيات الشعبية بين المكونات الكردية المختلفة، من بهدينانيّين وسورانيّين وهورامانيّين، كانت دوماً حاضرة في مناطق الامتداد الكردي في العراق، لكنها تضاعفت في الفترة الأخيرة، جرّاء التململ من سياسات القوى الكردية المسيطرة.
أولى الترجمات السياسية لهذا التململ، وجدت طريقها عبر «الحزب القومي الهورامي الحرّ»، الذي يستعدّ لعقد مؤتمره التأسيسي.
ويرى مؤسسو الحزب، أنّه تعبير عن خصوصية منطقتهم، التي تقع في مثلث على الحدود العراقية ـــــ الإيرانية بين مدن باوا مريوان الإيرانية وحلبجة في إقليم كردستان العراق.
وتتميز المنطقة الجبلية المذكورة بموقعها المعقّد، إذ تمثّل منطقة «بياره وطويله» في حلبجة ضمن إقليم هورامان، جيباً داخل الأراضي الإيرانية، وهي من أكثر الأماكن وعورة في المنطقة، وكانت قبل عام 2003 مركزاً لتنظيمي «القاعدة» و«أنصار الإسلام»، ولم تتمكن أية قوة عسكرية من الوصول إليها، حتى الغزو الأميركي، الذي استهدفها بالطائرات والصواريخ.
وكان الشيخ عبد الرحمن النقشبندي، وهو الشخصية الأولى في «الحزب الهورامي القومي الحر»، قد أعلن في أيلول العام الماضي ضرورة تأسيس حزب للهورامانيين، وسط حشد جماهيري لأهالي المنطقة بمناسبة «يوم هورامان».
ويقول النقشبندي إنّ «المئات من الهورامانيين من داخل الإقليم وخارجه قد انضموا إلى الحزب، والعديد من الهورامان باركوا تأسيسه، وأبدوا استعدادهم للعمل الطوعي من أجل تحقيق أهدافه».
ويوضح النقشبندي، الذي كان أحد عناصر قوات «البشمركة» التابعة لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني»، أنّ «الهدف الرئيسي لتأسيس الحزب هو التعريف بمنطقة هورمان وتاريخها ولغتها»، مشدداً على أنّ «الهورامانية ليست لهجة كردية، بل لغة شعب له ثقافته ودينه ولغته المختلفة». كما يلفت إلى وجود مناقشات «لتحويل التنظيم إلى معارضة إيجابية لحكومة الإقليم».
وعن تمايز الهورامانيين عن الأكراد، أوضح نهاد الهوراماني، لـ«الأخبار»، أن «الهورامان يرون أنفسهم الأنقياء بين المجموعات المحسوبة على الأكراد، حيث لم تدخل عليهم أية ثقافات غريبة، واعتنقوا الإسلام وحدهم في مناطقهم المعزولة الوعرة، ولم يخضعوا لأية سلطات، لعدم إمكان الوصول إلى مناطقهم، لذا نجد اللغات أو اللهجات الكردية، تعتمد على الأساس الهوراماني».
ويفسّر البعض بروز مسألة الهورامانيين إلى ضعف تمثيلهم النيابي، حيث رأى عضو البرلمان الكردستاني برزان عبد الله هورامي أن تمثيلهم في الحكومة والبرلمان في الإقليم الكردي، «لا ينسجم مع ما قدمته المنطقة من تضحيات».
لكن هورامي يعارض تأسيس أحزاب على أسس مناطقية، لأنّ ذلك «لا يخدم أهالي المنطقة، ولا يحافظ على تاريخها وثقافتها، بل سوف يسهم في عزل المنطقة وأبنائها عن الحاضنة الطبيعية التي عاشوا وترعرعوا وأبدعوا فيها ثقافتهم».
ويشير هورامي إلى أن عدد الهورامانيين في إقليم كردستان العراق، بحسب إحصاءات غير رسمية، يقدر بـ120 ألف نسمة، وأن الغالبية العظمى من الهورامان يعيشون في كردستان إيران.
وقد أثار تأسيس الحزب الجديد ردود أفعال كردية عديدة، حيث حذّر مراقبون من أن ذلك «لا يخدم وحدة الهدف لدى أكراد العراق»، فيما أشار آخرون إلى أن الانقسامات الإثنية، التي لا يمثّل الهورامانييون سوى جزء بسيط منها أمام تنوّع المنطقة بين إيزيديين وتركمان وكلدان وأشوريين، ستخلق للقوى الكردية مشكلة أكبر من مشكلة كركوك المعقّدة.
في المقابل، رأى رئيس المركز الثقافي لهورامان، والقيادي في «الاتحاد الكردستاني» جميل هورامي، أن الهورامانيين «جزء لا يتجزأ من القومية الكردية»، واصفاً هذه المحاولات بأنها «خارج المنطق التاريخي والسياسي والاجتماعي للمنطقة».