مع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية في حزب «كديما» لخلافة إيهود أولمرت، يبدو أن التعايش بين أولمرت ووزيرة خارجيته بات مستحيلاً، ولا سيما أن الاثنين ما عادا يجهدان لإخفاء العداء بينهما، حتى في العلن
حيفا ــ فراس خطيب
خرجت أجواء العداء بين رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني، إلى العلن أمس، وباتت محل اهتمام غالبية الصحف الإسرائيلية، التي بدأت تتقصى نقاشات الغرف المغلقة.
العلاقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزيرة الخارجية «سيئة للغاية ومتوترة إلى أبعد الحدود». بات هذا اقتناعاً في الدولة العبرية. توتّر يأتي في أعقاب التنافس السياسي على رئاسة «كديما»، لكن ترجمته ظاهرة في الأمور السياسية قاطبة. واستطاعت عدسة «معاريف» التقاط صورة وجه أولمرت الغاضب أثناء جلوسه إلى جانب ليفني في الكنيست.
وقال شهود عيان إن «انفجاراً غير مسبوق» شوهد بين الاثنين. كان الشجار واضحاً، وارتفع صوتاهما، حتى جاء وزير المال روني بار أون واقترب منهما قائلاً: «ماذا يجري لكما؟ الناس يسمعونكما، توقفا». وقال شهود عيان إن وجه أولمرت كان غاضباً للغاية، بينما احمّر وجه ليفني. بعد دقائق من الشجار، قامت ليفني من مكانها، وبقي أولمرت وحيداً.
وفي رد على ما يجري، قال مكتب الخارجية ومكتب رئيس الحكومة إن ما كان «نقاش ومشاورات». ويقال إن النقاش كان في القضايا العالقة والمفاوضات السورية ـــــ الإسرائيلية من جهة، والمفاوضات مع الفلسطينيين من جهة أخرى. وتعتقد ليفني أن أولمرت «أنجز اتفاقات مع أبو مازن من وراء ظهرها». وقبل يومين من النقاش، كان أولمرت قد لمّح إلى وجود قياديين إسرائيليين يوجهون رسائل إلى الرئيس السوري بشار الأسد كي «ينتظر» إلى حين مغادرة أولمرت مكتب رئيس الحكومة.
العلاقة متوترة أيضاً بين أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك. وقبل يومين، انضم الوزير الجديد في الحكومة الإسرائيلية، إيلي أفلالو (كديما)، إلى جلسة الحكومة الأسبوعية، ما أثر على ترتيب الكراسي في غرفة الجلسات، وأجبر وزراء الحكومة على الانتقال كرسياً واحداً، ليتخذ الوزير الجديد مكانه.
لاحظ أولمرت أن هناك تغييراً ما في الترتيب، فقال: «ماذا يجري هنا، أنا معتاد رؤية وزير الدفاع (باراك) قبالتي وينظر في عيني»، فردَّ عليه باراك بإجابة مبطنة: «الآن أنا أنظر إلى تسيبي (ليفني) و(شاؤول) موفاز»، في إشارة منه إلى اليوم الذي يلي أولمرت، وخصوصاً أنّ ليفني وموفاز هما المرشحان لرئاسة «كديما» وخلافة أولمرت. عندها، ردَّ عليه أولمرت بالقول: «من ذلك البعد المتوقع لك، من الصعب عليك أن تراهما».
في هذا الوقت، كسرت ليفني، أمس، صمتها السياسي عن الترشّح لانتخابات رئاسة حزب «كديما»، وأعلنت صراحة لإذاعة الجيش الاسرائيلي: «سأترشح وأفوز، حتى إذا رشح أولمرت نفسه، سأنتصر عليه أيضاً».
وأضافت ليفني أنها «ستحاول إعادة ثقة الجمهور الإسرائيلي بقيادته، آملة ألا يكون الجمهور الإسرائيلي قد استسلم». وأوضحت أنها «مستعدة لأن تكون تحت الامتحان، ليس فقط على التصريحات التي تدلي بها، بل في الأفعال التي تنفذها».
ليفني لم تترك منافسها وزير المواصلات شاؤول موفاز سالماً، وردت على ادعاءات بأنها لا تملك «خبرة قيادية» بالقول إنها كانت عضواً في الكنيست والحكومة والمجلس الوزاري الأمني «واتخذت أيضاً قرارات صعبة تحت الضغط».
لكن خروج ليفني عن صمتها لم يكن موفقاً تماماً. كان صوتها متردداً ونبرتها ضعيفة للغاية. وأجمع المعلقون على أنها «لم تكن حادة كما على القائد أن يكون». وقال أحد المعلقين إنَّ حديث ليفني ونبرتها ذكراه بالبرامج التي قلدت ليفني وبنت شخصيتها بالضبط كما كانت في الإذاعة.
لماذا غيّرت ليفني استراتيجيتها؟ الأمر يبدو متعلقاً مباشرةً في البناء التنظيمي لمركزها في الحزب. إذ تبين أمس أن طاقم مستشاريها الانتخابيين مكون من أعضاء كانوا في «منتدى المزرعة»، الذي رافق أرييل شارون في حملاته الانتخابية وأثناء صراعاته السياسية الداخلية الى حين انسحابه من حزب «الليكود» وتأسيسه «كديما». هذا الطاقم، الذي يضم الإعلامي رؤوبين أدلر، والمستشار الاستراتيجي أيال أراد، والمحامي يورام رابد، قد يكون وراء خروج ليفني عن صمتها، ولا سيما أنه يسعى إلى شبه استنساخ لحملة أرييل شارون لرئاسة الحزب فور تأسسيسه.
استنساخ يبدو واضحاً من عنوان الحملة الإعلانية التي بدأت وزيرة الخارجية الإعداد لها. وقد اختار الطاقم الآن شعار «كديما (إلى الأمام) تسيبي ليفني». وهو شعار لحملة «كديما أرييل شارون».