إسرائيل تبدأ مناورتها الأكبر في تاريخها لمواجهة صواريخ حزب اللّه وسورياعلي حيدروحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت توجيه رسالة تطمين إلى سوريا ولبنان بالقول: إن «دولة إسرائيل لا تتطلع إلى أي صدام عنيف في شمال البلاد». وشدد على أن السوريين يدركون بأن المناورة الإسرائيلية «ليست أكثر من تدريب، وآمل أن يستوعبوا ذلك». وكرر أولمرت، خلال جلسة الحكومة، موقفه من التفاوض مع سوريا: «قلنا مراراً إننا مهتمون بإجراء مفاوضات سلام مع السوريين وهم يعرفون ما هي توقعاتنا، ونحن نعرف ما هي توقعاتهم».
كما وجه وزير الدفاع إيهود باراك، رسالة تهدئة إلى المنطقة قبل ساعات على بداية المناورة، التي قال إنها «تجرى لاختبار الاستعدادات من أجل إغاثة المدنيين في حال نشوب الحرب»، مشدداً على أنها لا تستهدف سوريا أو حزب الله. ورأى أن «الجبهة الشمالية تتسم بحساسية خاصة، لكن ليست لدينا أي نية للتسبب بتدهور الأوضاع، كما إن الجانب الآخر يعرف ذلك ونعتقد أنه هو أيضاً لا يريد أن يكون مصدر تدهور». لكنه أضاف «نحن مستعدون لمواجهة كل تطور».
وأوضح باراك أهمية هذه المناورة بالنسبة لإسرائيل، قائلاً «في حروب اليوم، إعداد الجبهة الداخلية وقدرة الصمود هما عاملان ضروريان من شروط تحقيق النصر. ولذلك ستجري الجبهة الداخلية مناورة لم نعرف مثيلاً لها من حيث الحجم والاتساع».
وفي السياق، وصف معلّق الشؤون الأمنية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، المناورة الإسرائيلية غير المسبوقة بأنها «حدث تاريخي وليس أقل» من ذلك. وبرر إجراءها بكونها «من المفترض أن تمكننا من مواجهة وضع لم تشهده الجبهة الداخلية: ضربات صاروخية متوالية ومتواصلة، تقليدية وغير تقليدية، وتغطي كل المناطق المأهولة في إسرائيل تقريباً وكل منشآتها العسكرية»، إلى جانب أنها تستهدف، بحسب بن يشاي، تنفيذ عبر حرب لبنان الثانية.
وكشف بن يشاي عن أن المناورة تنطلق من تقديرات مفادها أن «الجبهة الداخلية ستتعرض في حال نشوب حرب لضربات صاروخية لمدة تتجاوز الأسبوع، إلى أن ينجح الجيش الإسرائيلي في إسكات مصادر النيران». وأكد أنه وفق هذا السيناريو فإن «المنطقة الوحيدة، في الدولة التي يبدو أنها لن تتعرض للصواريخ هي مثلث صغير يقع جنوب ديمونا وحتى إيلات».
وأشار بن يشاي إلى أن الحكومة والمؤسسة الأمنية تتستران على التهديد الذي تواجهه إسرائيل من أجل عدم إثارة الرعب في صفوف الجمهور الإسرائيلي، وعليه فإن هذه المناورة المسماة باللغة الأمنية «سيناريو المحاكي» ليست أوهاماً مرضية لقادة المؤسسة الأمنية، ولا حتى سيناريو مستقبلي يمكن أن يتحقق بعد سنوات، وإنما هو أمر قد يتحول إلى واقع في الوقت القريب. وأشار إلى أن الضربات الصاروخية التي تعرضت لها الجبهة الداخلية خلال حرب لبنان الثانية ليست سوى نموذج لما يمكن أن تتعرض له إسرائيل خلال الحرب المقبلة.
وعلل بن يشاي هذا الخطر الكبير الذي تواجهه إسرائيل بأن «أعداء إسرائيل يستعدون لحرب الصواريخ بقوة، وبأن الاستعدادات لدى حزب الله وسوريا استُكملت تقريباً. وأن حماس لا تزال تبني قوتها، ولكنها قادرة اليوم على تأدية دورها».
وفي مقارنة مع المناورات السابقة، رأى بن يشاي أن ما يميز هذه المناورة عن سابقاتها في الدفاع عن المناطق المدنية «تقلص فترة الإنذار، ففي الماضي كان يمكن توفير إنذار من إمكان قصف طائرات (معادية) للجبهة الداخلية خلال 10 إلى 15 دقيقة، أما الآن فإن فترة الإنذار حتى سقوط الصواريخ تقلصت وتتراوح حالياً بين 10 إلى 15 ثانية على أبعد تقدير». وأشار إلى وجود عنصر آخر يميز هذه المناورة، ويكمن في «الطابع الشمولي والمتواصل للتهديدات الجديدة. ففي الماضي كانت هناك مناورات في مقابل قصف جوي لمنطقة محدودة داخل مستوطنة، أما الآن فنحن نتحدث عن سيناريو ضرب مناطق كثيرة في الوقت نفسه، وهذا ما يوجب علينا الاستعداد لحالة يستمر معها سقوط الصواريخ خلال القيام بعمليات إنقاذ».
واستبعد بن يشاي إمكان أن «تكون المناورة الحالية جزءاً من إعداد الجبهة الداخلية في مواجهة هجوم ذري إيراني، التي هي مشكلة بحد ذاتها ينبغي معالجتها بأساليب أخرى». ورأى «أن ما لدى سوريا ولبنان وغزة يكفي من أجل وضع إسرائيل أمام تهديد كبير يمتلك إمكانية تدميرية لم نعرفها حتى الآن».
في المقابل، شكك رئيس منتدى خط المواجهة مع لبنان، شلومو بوخبوط، بنجاعة المناورة، ودعا باراك الى إلغائها. وأوضح أنه «إذا لم تكن هناك نيات خفية من وراء المناورة، لا نعرف عنها شيئاً، فتوقيتها غير مفهوم. لأن مناورة كهذه تجرى عند الانتهاء من إصلاح العيوب، وبعد الانتهاء من ترميم الملاجئ، وبعد مناورات تمهيدية». وأضاف «حتى الآن، لا أعرف من هي الجهة التي أجري معها اتصالاً في حالة الطوارئ، ومن يساعدني على إخلاء مجموعات سكانية محددة، ومن أين أتلقى الغذاء وكيف أوزعه».
ورأى بوخبوط أن المناورة ليست مفهومة بشكل عام. وتساءل إن «كانت السلطات المحلية جزءاً من الجبهة الداخلية؟ وخصوصاً أنه حتى الآن، وعلى الرغم من بدء المناورة فعلياً، لم نتلق أي بيان عن دور بلدية معالوت ترشيحا، التي يترأسها، باستثناء المؤسسة التعليمية فيها».


أوّل مستشفى ضدّ الهجمات غير التقليديّة
كشفت صحيفة «معاريف» النقاب أمس عن قيام إسرائيل ببناء أول مستشفى محصّن ضد هجمات غير تقليدية في مدينة حيفا.
وأوضحت الصحيفة أنه سينتهي العمل على تحويل مستشفى «رامبام» الحكومي، وهو ثالث أكبر مستشفى إسرائيلي، إلى مستشفى لحالات الطوارئ غير التقليدية بعد سنتين، وأن المستشفى المحصّن من هجوم بأسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية سيكون على عمق خمسة طوابق وسيشمل 750 سريراً.
وتبلغ كلفة المشروع 40 مليون دولار، تبرع الملياردير الإسرائيلي سامي عوفر بـ25 مليوناً منها.
وبدأ العمل بالمشروع الأسبوع الماضي، وسيجري بناء موقف سيارات تحت الأرض مكوّن من ثلاث طبقات، وتبلغ مساحته 45 دونماً ويتسع لـ1500 سيارة. وفي حالات الطوارئ، سيتحول الطابق الأعلى إلى طابق لوجستي، فيما الطابق الأوسط سيصبح موقفاً للسيارات، فيما سيتحوّل الطابق السفلي في غضون 48 إلى 72 ساعة إلى مستشفى محصن، وستشمل جدرانه مسبّقاً بنية تحتية لربطها بأجهزة طبية.
وسيكون بمقدور المستشفى المحصن العمل لمدة 72 ساعة متواصلة بمعزل عن العالم الخارجي بكل ما يتعلق بالتزود بالكهرباء والماء والغازات الطبية والأجهزة، وسيشمل غرفة ولادة وقاعات استقبال مرضى وغرف انتظار وغرفاً يرقد فيها المرضى. وقال مدير قسم البناء في مستشفى «رامبام»، أرييه بركوفيتش، إن «المستشفى سيصمد أمام أي هجوم بأسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية، وسيكون معزولاً عن العالم بفضل جهاز مولّدات تزوّد الكهرباء وتمتص هواء تجري تنقيته».
(يو بي آي)