تستعدّ لإجراء مناورات ضخمة تحاكي هجوماً صاروخيّاً إيرانيّاً وسوريّاً بأسلحة غير تقليديّة
محمد بدير
زادت إسرائيل مدى الصواريخ التي يمتلكها حزب الله لتصبح قادرة على استهداف منطقة «ديمونا» من بيروت، واتهمت إيران بمواصلة تزويد الحزب بشتى أنواع الأسلحة التي قالت إن بعضها يصل عبر الأراضي والأجواء التركية مروراً بسوريا إلى لبنان. هذا على الأقل ما أبلغه رسمياً رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يوسي بيديتس، لسفراء دول الاتحاد الأوروبي خلال موجز استخباري قدمه لهم الأسبوع الماضي وكشف عنه مصدر سياسي رفيع المستوى لصحيفة «هآرتس» أمس.
ومعلوم أن التقارير الإسرائيلية تتناول بين الحين والآخر تطور القدرات التسليحية لحزب الله في أعقاب عدوان تموز وتولي أهمية خاصة لترسانته الصاروخية التي صنّفتها بعض التقارير في خانة القوة العاشرة كمّاً ونوعاً في العالم، فيما وصل الأمر بقائد شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي، عيدو نحوشتان، حد القول، خلال إحدى محاضراته قبل أسابيع، إنها قد لا تكون موجودة لدى الكثير من الجيوش العالم.
وكانت هذه التقارير قد تحدثت قبل أشهر عن امتلاك الحزب لصواريخ إيرانية الصنع من طراز «فاتح 110»، التي يبلغ مداها 250 كيلومتراً، وتتميز بأنها تعمل على الوقود الصلب. إلا أن مرور الوقت، يقترن بالنسبة لإسرائيل وأجهزتها الاستخبارية، على ما يبدو، بازدياد مدى صواريخ الحزب الذي بلغ أخيراً 300 كيلومتر، وفقاً لما صرّح به بيديتس أمام السفراء الأوروبيين، مضيفاً أنها أيضاً أصبحت أكثر دقة وأقدر على حمل رؤوس أشدّ تدميراً.
وبحسب المصدر السياسي الذي نقلت عنه «هآرتس»، فإن اجتماع بيديتس بالسفراء كان الهدف منه تبرير الخروق الجوية الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، حيث عرض الضابط الإسرائيلي مشاهد مصورة التقطتها طائرات التجسس الإسرائيلية ادعى أنها توثق تهريب صواريخ وقذائف من سوريا إلى لبنان.
وقال بيديتس للسفراء، في سياق هذا التبرير، إن «إيران تستمر، رغم إنكارها، في نقل وسائل قتالية لحزب الله»، موضحاً أنه «يتم شحن السلاح، ومن ضمنه صواريخ وقذائف بعيدة المدى، في الطائرات والشاحنات عن طريق المجالين الجوي والبري التركيين على أنها حمولات مدنية لتكمل طريقها إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان».
وأشار بيديتس إلى أن «نقل السلاح يجري من دون علم حكومة أنقرة». وكشف عن أن «السلطات التركية ضبطت في شهر أيار من العام الماضي إرسالية سلاح تضمنت نحو 300 صاروخ محمّلة داخل قطار كان في طريقه من إيران إلى سوريا وتظهر بيانات الحمولة فيه أنها مواد بناء». كذلك لفت إلى تقارير إعلامية تركية إبان عدوان تموز على لبنان تحدثت عن اعتراض السلطات التركية «طائرتين إيرانيتين كانتا متجهتين إلى سوريا واشتبهت في نقلهما سلاحاً فاضطرتهما إلى الهبوط وقامت بتفتيشهما ليتبيّن أن الشبهة كانت في غير محلها».
ورفضت السفارة التركية في تل أبيب التعليق على ما قاله المسؤول الاستخباري الإسرائيلي، لكن الصحيفة نقلت عن مصدر تركي قوله إن «السفارة لم تتلقّ في الفترة الأخيرة معلوماتٍ أو أسئلة من جهات رسمية في إسرائيل تتعلق بإرساليات سلاح إلى حزب الله مرّت عبر تركيا». وأضاف المصدر أن تركيا تعمل «وفقاً لكل القرارات الدولية، وخصوصاً قرار حظر السلاح على لبنان». إلا أن المصدر أوضح أيضاً أن تركيا وإسرائيل تتبادلان معلومات استخبارية عبر قنوات أخرى غير السفارة.
وبدا واضحاً أن التسريب الإسرائيلي يستهدف استباق المداولات التي من المقرر أن يجريها مجلس الأمن الدولي قريباً بشأن التقرير الذي قدّمه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن تطبيق القرار 1701 قبل أيام. وكان بان كي مون قد انتقد في تقريره الخروق الجوية الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، معرباً عن قلقه من الغضب الذي يمكن أن تولّده في لبنان وتأثيرها على «صدقية قوات اليونيفيل والجيش اللبناني في أعين السكان المحليين».
وأوضح المصدر السياسي الإسرائيلي، لـ«هآرتس»، أن إسرائيل ستطالب المجتمع الدولي بتفهّم ضرورة إجراء تلك «الطلعات» لأنه «من دونها سيكون من الصعب على إسرائيل رصد منصّات الإطلاق ومخازن الذخيرة التابعة لحزب الله».
وخلال الاجتماع، تطرق بيديتس إلى اغتيال القائد في حزب الله الشهيد عماد مغنية، وقال إن من الصعب على إسرائيل أن تقدر ماهية رد حزب الله على العملية، معتبراً أنه «بالرغم من أن مسؤولي حزب الله يدعون إلى الانتقام وإلى ردّ موجع ضد إسرائيل التي يتهمونها بالاغتيال، ثمة عوامل كثيرة تفرض على حزب الله التصرف بانضباط».
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، قد زار أول من أمس مقر قيادة الفرقة 91 على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان «للوقوف على جهوزية الجيش حيال احتمال محاولة حزب الله تنفيذ عملية انتقام ردّاً على اغتيال مغنية». وفي أعقاب استماعه إلى تقديرات من كبار الضباط في قيادة المنطقة الشمالية رأت أن الحزب معنيّ بالانتقام لاستشهاد مغنية، قال أولمرت «إن إسرائيل نجحت في إيجاد ردع في الشمال، وهذا الردع يدفع أعداء إسرائيل الموجودين خلف الحدود إلى التفكير مراراً وتكراراً قبل العمل ضدنا».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن قيادة المنطقة الداخلية في إسرائيل ستجري الشهر المقبل أكبر مناورة في تاريخ الدولة العبرية تحاكي فيها هجوماً صاروخياً إيرانياً وسورياً عليها. وبحسب الصحيفة، فإن المناورة التي يطلق عليها اسم «نقطة تحول 2» ستدرس للمرة الأولى أداء «شبكة الطوارئ الوطنية» التي تم إنشاؤها في أعقاب عدوان تموز بوصفها جهة مركزية مسؤولة عن تنسيق كل الأجهزة المعنية بالجبهة الداخلية خلال الحرب، ومن ضمنها الشرطة ومصلحة الإطفاء وقوات الدفاع المدني والسلطات المحلية، إضافة إلى وسائل الإعلام. وأشارت «معاريف» إلى أن المناورة ستفترض تعرض إسرائيل لهجمات بأسلحة غير تقليدية، مثل السلاحين الكيميائي والبيولوجي.