أعترف أنا كاتب هذا الاعتراف بأنني وانا بكامل قواي العقلية، استيقظت صباح الأربعاء في مدينة بيروت الجميلة، كما أستيقظ منذ أحد عشر شهرا ونيّف. كانت الشمس تشرق والعصافير تعصفر، فخرجت إلى البلكون (أي الى الشرفة) وتنشقت الهواء العليل، ثم دلفت الى الغرفة لأحتسي جرعتي اليومية من النيسكافيه، ولأدلف معها إلى معقلي في الفايسبوك. وهناك رأيت الضوء الأحمر يزين ردهة «الإنبوكس». اقتحمته، لأجد رسالة من ابن عمي مرفقة بصورة لي إنها صورتي وأنا عارٍ من الشاربَين، مكحول العينين، متبودر الخدين، ناعم الشفتين... أحمرهما.
عن جد (واااو شو سكسي)، ولكن «يالأبو الهول» كان مكتوباً على صورتي أنها «لواحدٍ من شيوخ العشائر في العراق، سبق له أن بايع داعش، وقد ألقي القبض عليه وهو متنكر في ثياب النساء»! وبرفقة صورتي السكسية هناك صورة لأحد الشيوخ وهو يبايع ويصافح البغدادي (يالهوي يمّا)!
في البداية تساءلت كيف استطاع المفبرك أن يفبرك هذه الفبروكة والصورة سيلفي وغرفة الملابس خلفي؟! ثم تذكرت أنني تهضمنت ونشرتها على صفحتي عام 2010 وهي من مسلسل مايا (إنتاج التلفزيون العربي السوري عام 2009) عندما أديت دور (محمود ذي الندبة) الرجل الطيب الذي يبحث عن ابنته المتبناة والمخطوفة من عشر سنوات، فيضطر إلى التنكر بزي امرأه ريفيه حتى لا ينكشف أمره على يد العصابة الخاطفة... الخ.

وأيم الحق لن أسكت

المهم نعود إلى الصورة وفبركتها. دخلت أولاً الى الموقع صاحب الفبركة وأيضاً «يالأبوالهولين»! شتائم من (أولئك إلى هؤلاء)، وشتائم لصاحب الصورة باعتباره من هؤلاء. وطبعا كانت الشتائم مترافقه مع جرعه دسمة من المعس والدعس والفعس و... أمور تخص الرجولة والمراجل. غلى الدم في عروقي، كل شيء مقبول الا الرجولة والفحولة! لا وأيم الحق لن أسكت أبداً. شمّرت الساعدين وصحت (قربوا مربط الكيبورد مني/ لأنفي تهمة اجترحها جنّي). وكتبت مُعلقاً على الصورة: يا معشر الفايسبوكيين هذه الصورة لي من مسلسل كذا كذا، عام مذا مذا، لكنّ أحداً لم يأبه بتعليقي، فيممت شطر صفحتي ونشرت صورة الأمورة الحسناء (صورتي)، وذكرت التفاصيل السابقة لعل الأمور تنتهي هنا، ولكن الرسائل انهالت من الأصدقاء، كلٌّ منهم يدلّني على موقع أو صفحة أو مجموعه نشرت الصورة، وكل تلك الصفحات مليئة بشتائم (من أولئك إلى هؤلاء)، وطبعاً كان للشخص الظاهر في الصورة (اللي هو في الواقع أنا) نصيبٌ وافر من تلك الشتائم.

شنو شعورك وانت متقشمر؟

في اليوم الثاني انقلب الحال يا عبد العال. فبعد كشفي لحقيقة الصورة وأنها لي أصبحت نجم مواقع «هؤلاء». وراحوا ينشرون صورتي مع شتائم موجهه لـ«أولئك» مع اتهامهم بالاستحمار والاستغباء. وتعليقات من طراز «هذه صورة الفنان السوري سامر كاسوحة»، و«شنو شعورك وانت متقشمر؟». بالمناسبة لا أعلم المعنى الحرفي لكلمة متقشمر، ولكن أعلم أن اعترافي بأن الصورة اللعينة تعود لي جعل الكثيرين من (أولئك) يشعرون بالقشمرة، و(هؤلاء) بدأوا بالفشخرة لأنهم اكتشفوا هذه القشمرة، وبدلاً من أن يتوقف نشر الصورة انتشرت اكثر. وأصبحت أصل النزاع بين أولئك وهؤلاء.

كلّو إلا النكاح!

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. وقرّر البعض تحويلي من شيخ البوعجيل، إلى «أحد أمراء داعش». وفوجئت بصورتي منشورة على صفحة أحد أعضاء غرفة صناعة حلب. وقد كتبَ: «أحد امراء داعش حاول الهروب بملابس أمه، لكن الجيش قبض عليه. ماذا تقترحون أن نفعل به؟». فماذا اقترحوا يا حزركم؟... أوّل اقتراحٍ كان: «يخضع شرعاً لجهاد النكاح»!

بين هؤلاء وأولئك

أفكر الآن بمستقبلي. ربما يُلقى القبض عليّ قريبا، وقد يحقق معي المساعد (واندرفول) التابع للأمن الجنائي الفايسبوكي لما تسببت فيه من أذيه (لأولئك). وقد يجبرني على سحب ادعائي بأن الصورة صورتي. وإذا رفضت فقد يأخذني في نزهة على «بساط الريح» بحسب الأصول المرعية. أو ربما يهز في وجهي العصا الكهربائية، قبل أن يدغدغني بها. وكل شيء إلا العصا الكهربائية أو المحكمة الدولية يا سيدي.
للصورة المكبرة أنقر هنا



أو ربما يختطفني (هؤلاء) لأدلي باعتراف تلفزيوني مصور، أؤكد فيه أنني الحسناء في الصورة. وطبعاً ليثبتوا الأمر سيحلقون لي شاربي، وإذا رفضت من مبدأ «يا جماعه خلو الشوارب ع جنب» قد يلبسونني البدلة البرتقالية وتتغير صور البروفايلات إلى (كلنا سامر)!
قد يعتقد البعض أنني أزيدها حبتين وأروي الحادثة كما فعل عادل إمام في «شاهد ماشفش حاجة»، عندما كان في السينما «يعيط» وجاء مدير الأمن والعالم والناس. حسناً ماهو رأيكم بأن أحد أعضاء البرلمان العراقي واسمه ستار غانم وهو عضو ائتلاف دولة القانون، ومعه دكتوراة في الاتصال الإقناعي استأنس بصورتي على صفحته؟! ورد عليه صحافي عراقي بمقال عنوانه «كاسوحة ستار غانم». والطريف أن الصحافي ادعى البحث والبحبشة والاستقصاء، ليكتشف أنها صورتي من مسلسل «طاحون الشر». مع أنني في المسلسل المذكور كان لي شاربان يقف عليهما العجل، ولكن من دون أن تكون لي علاقة بعشيرة البوعجيل. أنا لست من (هؤلاء) ولا من (أولئك)، أنا مواطن بسيط أعاني وبفخر عمى التمذهب وهاد مثل عمى الألوان، لكن على مذاهب.
شكراً، عفواً.