هآرتس ــ عوزي بنزيمان
مثلما تكون الوطنية ملاذاً أخيراً للوضيعين، يبدو أن تمسك أنصار إيهود أولمرت (المعلن) بالسلام مع الفلسطينيين هو آخر ملاذ أمامهم في وجه توصيات لجنة فينوغراد المتوقعة في آخر الشهر. عندما يتشبثون بلفتات وتصريحات رئيس الوزراء، التي تشير شكلياً إلى عزمه التوصل إلى تسوية مع محمود عباس، يدّعي هؤلاء السياسيون والصحافيون والخبراء في العلوم السياسية أنه يجدر الصفح عن أولمرت لإدارته الفاشلة لحرب لبنان الثانية.
الراية الحمراء التي يلوّح بها هؤلاء الأشخاص الفطنون هي: بنيامين نتنياهو قائد الليكود. إن سقط أولمرت بسبب الضغط الشعبي الذي سيثور إثر نشر التقرير، سيفقد المعسكر المعتدل المرتكز على «كديما» و«العمل» السلطة، وسيفسح الطريق أمام صعود اليمين برئاسة نتنياهو.
في حرب لبنان الثانية، أدخل أولمرت الدولة في ضائقة لم نشهد لها مثيلاً منذ حرب الاستقلال، ومن المطلوب، بناءً على ذلك، أن يدفع ثمن سلوكه وإدارته تلك التي سبّبت سقوط ضحايا كثيرين. إن صادقت لجنة فينوغراد على تصوّرها الذي أوردته في التقرير الأوّلي، فلا مفر من المطالبة باستقالته. هذا واجب أخلاقي مستوحى من المنطق السليم. العبَر السياسية الملائمة من الحرب، هي أن من يتحمّل المسؤولية عن إدارتها، يجب أن يدفع الثمن.
أما على المستوى السياسي، فإن إظهار حكم نتنياهو كقوة مدمرة ستقضي على براعم السلام التي يظهرها أولمرت هو وهم وتضليل. ليس لأن براعم أولمرت السلمية وهمية فقط في هذه المرحلة، وليس لأن وصول الليكود إلى الحكم هو سيناريو بلا أساس يذكر، بل لأن تناسب القوى الحالي في الكنيست والحكومة يشير إلى أن أولمرت غير قادر على الدفع نحو التسوية الدائمة مع الفلسطينيين بصورة ملموسة.
لذلك، عندما يقوم أولمرت بإطلاق التصريحات السلمية والإقدام على خطوات هدفها تجسيد أهدافه في هذا المجال يبدو مثل المهرّج في السيرك: ليست لديه القوة السياسية حتى يدفع إسرائيل نحو التسوية مع الفلسطينيين، ونتيجة لذلك هو يتصرف فعلياً مثل نتنياهو، حتى وإن كانت نياته مختلفة عنه. ومن يعلّق الآمال على قدرة أولمرت على تغيير اتجاهه مدعو للتمعن في ردود فعل «إسرائيل بيتنا» و«شاس» على زيارة بوش: إن خرجوا من الحكومة فسيبرهنون على أن أولمرت في مشاكل ائتلافية وجودية، وإن بقوا داخل الائتلاف فسيبرهنون على أن المفاوضات مع الفلسطينيين في مشاكل وجودية.