معاريف ـ عوفر شلح
يقدم الأهالي الثكالى هذا الأسبوع «تقرير الحرب» الخاص بهم. لن يتضمن هذا التقرير اكتشافات جديدة، لكن الوقائع غير مهمة. المهم أنه سيتضمن مطالبة حاسمة من أولمرت بتحمل المسؤولية والذهاب إلى البيت.
إلا أن لقاء العائلات هذا الأسبوع مع وزير الدفاع، إيهود باراك، أتاح لهم الاطلاع على ما ينتظرهم: تعاطف، وكلمات جافة، ولا شيء محسوماً.
قال باراك «أنا أعرف الكثير عن الحرب، لكن ليس كل شيء». كأن هناك ما تجب معرفته، وكأن هناك تفصيلاً ما مخفياً وسيغير الصورة.
ما الذي يجب أن يعرفه باراك؟ محاضر الجلسات سبق أن نُشرت، والشهود الأساسيون قالوا ما لديهم، وتحقيقات الجيش موجودة أمامه. لن يعرف أكثر مما عرفه يوم نشر التقرير الأولي إن لم يكن قبل ذلك. كل ما فعلته لجنة فينوغراد هو كسب الوقت ـــــ تقريبا سنة ونصف السنة ـــــ وهو بالضبط ما أراده أولمرت ليعطي مخرجاً لباراك وأمثاله. غالبية الاحتجاجات ستوجه إلى باراك، ليس لأنه متهم، بل لأن استقالته من الحكومة هي الخطوة التي ينتظرها المحتجون.
لا يبدأ تاريخ عملية «تغيير الاتجاه 11» صباح يوم الجمعة في 11 آب 2006، وهو التاريخ الذي يدّعي رجال أولمرت أنه اتضح فيه أن القرار في الأمم المتحدة ليس كما ورد في المسودة التي وُعدت بها إسرائيل من الأميركيين في الليلة السابقة. تبدأ القصة من جلسة المجلس الوزاري المصغر بتاريخ 9 آب، وهي الجلسة التي سيُسجل أنها أحد الأحداث السوداء في تاريخ الحكم في إسرائيل. سبق أن نُشر ما حصل في هذه الجلسة، وخلاصته: رئيس الحكومة الذي يتهرب من مسؤوليته، الجيش الذي يقرر ما يطرح في جلسة المجلس الوزاري المصغر، وغالبية مطلقة من الوزراء يصوّتون خلافاً لمواقفهم. هذه الجلسة وحدها تكفي لأن يُطالب أولمرت، وليس فقط هو، بوجوب تحمل المسؤولية.
قد تجد إسرائيل نفسها في 31 كانون الثاني في ذروة عملية عسكرية أوسع من التي نفذتها حتى الآن في قطاع غزة. إذا حصل ذلك، فإن جذوره ستكون شبيهة جداً بما حصل بين 9 و11 آب 2006: سياسة نابعة من تصادف الأحداث لا من تحليل المصالح، رؤية أحادية لتداعيات العمليات العسكرية، مداولات سطحية في حكومة ترفع يدها لتصوت بهذا الاتجاه أو ذاك وفقاً لما تمليه عليها المؤسسة الأمنية.
لن تكون هناك لجنة لتقول إن إسرائيل دخلت إلى غزة من دون مناقشات مسبقة. إلا أن كل هذه النقاشات تبدو مشابهة في جوهرها لنقاشات 9 آب: الجيش يشرح، والجيش يقترح، والسياسيون يهزّون رؤوسهم.