مهدي السيد
الانقسام بشأن أولمرت يطال العسكر وعائلات «قتلى لبنان»

تواصلت حرب المواقف والحملات العامة والروايات بين الداعين إلى استقالة رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، والمؤيدين لبقائه، وذلك على خلفية اقتراب موعد نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد، المتوقع نهاية الشهر الجاري.
وفي هذا المجال، وفي موعد اختير بدقة فائقة، قبل ستين ساعة من صدور تقرير فينوغراد، وهي الفترة الفاصلة بين لحظة اتخاذ قرار الهجوم البري الأخير وبين لحظة وقف النار، أطلق جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي وعائلات الجنود القتلى في عدوان تموز حملتهم الشعبية المطالبة برحيل رئيس الحكومة، إيهود أولمرت. وقد بدأت قيادة الحملة التابعة لرجال الاحتياط في تعليق لافتات الحملة الجديدة التي تركز على أيام الحرب الأخيرة لحرب لبنان الثانية تحت شعار: «33 جندياً فقط من أجل مناورة إعلامية».
وفي مقابل هذه الحملة التي تأتي في أعقاب الرسالة التي وجهها نحو خمسين من ضباط سرايا الاحتياط، والتي دعوا فيها أولمرت إلى تحمل مسؤولياته والاستقالة، وفي أعقاب التقرير البديل الذي نشرته عائلات الجنود القتلى والذي صبّ في المجال ذاته، برزت حملة مضادة قام بها نحو 85 جندياً وضابطاً إسرائيلياً دعوا فيها إلى عدم استغلال الزي العسكري للتعبير عن مواقف سياسية، في محاولة منهم للدفاع عن أولمرت وتحصينه في وجه الاستقالة، وهو الأمر ذاته الذي لجأت إليه أيضاً بعض عائلات الجنود القتلى.
في هذه الأثناء، استمرت التسريبات عن مضمون تقرير فينوغراد ومفاعيله المتوقعة. وذكرت «معاريف» أنه من المتوقع أن يوجّه انتقاداً شديداً لمن كان رئيساً لهيئة أركان الجيش أثناء الحرب، دان حالوتس، إزاء أدائه وقراراته التي قدمها للحكومة. ووفق جهات مقرّبة من اللجنة، فإن حالوتس سيكون المتضرر الأساسي من التقرير، الذي سيركّز الجزء الثاني منه على الإدارة العسكرية للمعركة.
ومع ذلك، تقول جهات مقرّبة من اللجنة إن المسألة تتعلق بـ«تقرير قاس جداً لن يترك أحداً، بما في ذلك المستوى السياسي». وبحسب هذه الجهات، من المتوقع أن يوجّه التقرير انتقاداً أيضاً لشخصيات لم تشغل أثناء الحرب وظائف عسكرية مثل وزيري الدفاع السابقين شاؤول موفاز وربما إيهود باراك.
وعلى الرغم من ذلك، حاول أولمرت الإيحاء بأن الأمور تسير طبيعياً، عندما طمأن أعضاء كتلة حزبه في الكنيست، قائلاً لهم: «يمكنكم أن تكون هادئين، فكديما هو الحزب الأهم، وهو من يتعين عليه أن يقود البلاد لسنين طويلة»، في إشارة إلى عدم تأثره بالتقرير المرتقب.
واستمراراً لحرب الروايات الدائرة عن الدور الذي أدّاه قرار الهجوم البري في الساعات الستين الأخيرة على صعيد تعديل مسودة اتفاق وقف النار من جانب الأمم المتحدة، نشرت صحيفة «هآرتس» ما قالت إنه صيغة البرقية الكاملة التي بعث بها نائب رئيس الوفد الإسرائيلي في الأمم المتحدة إلى وزارة الخارجية، داني كرمون، مساء يوم الخميس في 11/8/ 2006، والتي تُنشر للمرة الأولى، والتي يدّعي أولمرت أنها عززت ضرورة العملية البرية في ضوء التطورات الدبلوماسية، مع الإشارة إلى أن هذه المسألة تُعَد من أهم المسائل المركزية التي طُرحت أمام لجنة فينوغراد في الأسابيع الأخيرة التي سبقت الانتهاء من كتابة التقرير.
ومعروف أن أحد الادّعاءات التي يسوقها أولمرت حتى اليوم تفيد بأنه مساء يوم الخميس وصباح الجمعة، حصلت تطورات سياسية سلبية بالنسبة إلى إسرائيل في مقر الأمم المتحدة، لم تتلاءم مع المصالح التي أرادت الدولة العبرية تحقيقها في اتفاق وقف النار. وبناءً عليه، كانت الحملة البرية ضرورية في نهاية الحرب.
وشدد كرمون، في الوثيقة، على أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وافقت على مسودة القرار لوقف النار التي تقول إن القوة الدولية ستعمل وفق الفصل السادس، وأن موضوع مزارع شبعا وضرورة إعادتها الى لبنان سيُذكران في المسودة. وأشار كرمون إلى أن المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، قال لنظيره الإسرائيلي إن «وحدها المكالمة بين أولمرت و(الرئيس الأميركي جورج) بوش يمكنها أن تُنقذ الوضع».
وكتب كرمون، في الوثيقة، «روى بولتون هذا المساء في حديث مع غيلرمان (مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة) أن وزيرة الخارجية أخذت على عاتقها مهمة المفاوضات، وهي ضالعة شخصياً في كل تفاصيلها. وأضاف بولتون أن رايس هي التي وافقت على التغييرين الأخيرين ـــ الفصل السادس ومزارع شبعا».