يديعوت أحرونوت ــ رون بن يشاي
لا تعتقد لجنة فينوغراد أن حرب لبنان الثانية كانت فشلاً مطلقاً. لكن المقاطع الواردة في التقرير التي تتحدث عن أداء الجيش في الحرب، هي بمثابة لائحة اتهام مرعبة شديدة الخطورة. القيادة (العسكرية) العليا هي المتهم الرئيسي، إلا أن المستوى السياسي أيضاً لم يخرج نظيفاً، حيث تعتقد اللجنة بأن مسؤوليته عن إخفاقات الحرب ناشئة عن انجراره وراء ضباط الجيش، من دون أن يسأل الأسئلة اللازمة ومن دون أن يتخذ القرارات بشكل منظّم أو يرتكز في تحليلاته على المعلومات ذات الصلة.
حتى المسؤولية عن الفشل في العملية الأخيرة، «تغيير الاتجاه 11»، التي تركّزت الانتقادات الجماهيرية عليها، تلقيها اللجنة على عاتق قيادة الجيش، لا على عاتق المستوى السياسي.
بهذا المعنى، يذكّر تقرير فينوغراد بتقرير لجنة أغرانات التي حققت في حرب يوم الغفران. «أغرانات» برّأت المستوى السياسي تقريباً من أي تهمة، وإذا كانت هناك من فروق، فهي موجودة في الجزء الأول من تقرير لجنة فينوغراد الذي نُشر في نيسان العام الماضي وحمّل المسؤولية للحكومة وأولمرت. وخلافاً لتقرير «أغرانات»، قرر فينوغراد بشكل فظّ أن الحكومة، ومن يقف على رأسها، فشلا عندما خرجا إلى حرب من دون تحضير كافٍ، ومن دون أن يبادرا إلى فهم أبعاد القرار الذي اتخذاه ومن دون أن يحدّدا أهدافه بالشكل المناسب.
لقد حرصت لجنة فينوغراد على الإشارة إلى أن التهمة غير ملقاة فقط على من أداروا حرب لبنان الثانية، بل ملقاة أيضاً على عاتق من سبقهم من الساسة والعسكر، على الأقل منذ عام 2000. وفي معرض تحميلهم المسؤولية عن تدهور حالة الجهوزية في الجيش، لمّحت إلى أنهم آثروا مصالحهم الآنية على الاحتياجات الأمنية والاستراتيجية (لإسرائيل).
لم تكتف اللجنة بانتقاد أداء الجيش الإسرائيلي خلال الحرب وقبلها. لقد حذر أعضاؤها من أن التحقيقات وعملية الإصلاح ليست ممنهجة وعميقة بما يكفي، وفي جزء منها يشوبها السطحية. بل إنها شددت على أنها لم ترَ في الجيش مواجهة مباشرة وعميقة مع هذه التساؤلات، وتساءلت عما إذا كان الجيش الإسرائيلي يستعد الآن للحرب الماضية، بدلاً من الاستعداد لسيناريوهات مختلفة قد يضطر لمواجهتها في المستقبل.
من الواضح أنه لا يمكن إصلاح كل الإخفاقات في وقت قصير. لكن مضمون التقرير يشير إلى إخفاقات واسعة لا يمكن التغلب عليها في سنتين وربما في ثلاث سنوات. في كل الأحوال، التقرير خطير ويفرض على الجيش الإسرائيلي أن يعيد التفكير في استعداداته لتنفيذ التوصيات الستة عشر التي فصّلتها اللجنة في ختام الفصل العسكري.
بقدر ما كان عمل اللجنة ممنهجاً، بقدر ما كانت نتائجه مؤلمة: لم تجد اللجنة حتى مجالاً واحداً عمل فيه الجيش بشكل سليم ومنظّم.
ما من شك أن لجنة فينوغراد وجهت إلى الجيش الإسرائيلي ضربة معنوية قاسية. منذ الحرب، حاول الجيش الإسرائيلي أن يعيد ثقة الجمهور به وبقدراته. من هذه الناحية، أعاد التقرير الجيش الإسرائيلي سنة إلى الوراء. في الواقع، اللجنة لم تُسمِّ الضباط المسؤولين عن الإخفاقات أكثر من غيرهم، لكنها بذلك ربما لم تخدم الجيش، لأنها لوّثت سمعة كل المستوى القيادي الرفيع: الذين استقالوا وأولئك الذين لا يزالون في الخدمة ويشغلون الآن مناصب أساسية. يمكن أن يُقرأ بين السطور أن لابسي البزات العسكرية، بحسب رأي اللجنة، يتحملون جزءاً أكبر من المسؤولية عن الإخفاقات. لا مفاجآت كثيرة هنا، إذ إن كل من لمّحت إلى أدائه الفاشل تقريباً قد استقال.
الآن بقي لأشكينازي جمع الكسور المعنوية والمضي قدماً. مشكلته الأساسية هي النقص في القادة الكبار المجربين. وهو يعتقد على ما يبدو أن كل من بقي في الجيش الإسرائيلي يستحق العمل في منصبه، لذلك لن تكون هناك استقالات لضباط كبار مدفوعة من القيادة العليا. المشكلة هي كيف يمكن المحافظة بعد هذا التقرير على المعنويات للتطوع في الخدمة. في هذا الموضوع الكرة في يد المجتمع الإسرائيلي، وبالطريقة التي ستعمل فيها الحكومة والجيش لاستعادة الثقة الجماهيرية بهم.