حيفا ـ فراس خطيب
قصّة مظلمة جديدة في سلسلة التمييز العنصري الإسرائيلي


في مدرسة «لمرحاف»، التي تنتمي إلى التيّار «الديني القومي»، في مدينة بيتح تكفا قرب تل أبيب، تدرس 4 طالبات أثيوبيّات في الصف الثاني، إلّا أنّ الإدارة سعت إلى عزلهنّ تماماً عن باقي طلّاب المدرسة. فهنّ يتعلمن في «صفّ خاص»، يخرجن إلى الاستراحات في أوقات لا تتزامن مع أوقات استراحات المدرسة، ويعدن إلى بيوتهن بسيّارات خاصّة وفي أوقات خاصّة.
وفي تعليق على الحالة، قالت «يديعوت أحرونوت» إنّ «هذه ليست قصّة تاريخيّة من الفترات المظلمة لألمانيا أو جنوب أفريقيا، هذا يحدث الآن، في عام 2007». وأوضحت أنّ مدير المدرسة، الحاخام يشعياهو غرانبيتش، قرّر فصل الطالبات الأثيوبيات «بسبب لونهنّ». وهو قرار تبرّره بلدية بيتح تكفا بالقول إنّ الطالبات «لسن متديّنات بشكل كاف»، وتدعي أنّهن «ينتمين إلى عائلات ليست دينيّة ـــــ قومية».
وكانت عائلات الطالبات الأربع قد انتقلت من مدينة حيفا للعيش في بيتح تكفا مع بداية العام الجاري. ونظراً لصعوبة وجود مدارس «رسميّة متديّنة»، تقرّر تسجيل الطالبات الأربع في المدرسة. وعندما علمت الإدارة أنّ الحديث يجري عن طالبات أثيوبيات، تمّ وضعهن في صفّ منفصل يقع في نهاية ممرّ المدرسة، من دون أن يُترك لهنّ متسّع للاختلاط مع باقي الطالبات.
كما قرّر المدير تعيين معلّمة واحدة لـ«صفّ الأثيوبيّات»، تدرّس كل المواضيع. وقرّر أيضاً أنّ الطالبات لا يستطعن الخروج للاستراحات في الأوقات العاديّة، لـ«تجنّب الاختلاط».
وتقول إحدى الطالبات، بحسب الصحيفة، «لدينا معلّمة واحدة في الصف، لا توجد بيننا وبين الباقين أيّ علاقة. وفي الاستراحات نكون وحدنا».
عائلات الطالبات شعرت بأنّ شيئاً غريباً يحصل. فتوجّهت إلى ناشط اجتماعي أثيوبي يدعى دانييال أورية، وروت له ما حدث للفتيات. وقال الأخير، للصحيفة، «قال لي الأهل إنّ الطالبات يصلن البيت ومزاجهنّ معكّر، لا توجد لديهنّ صديقات في المدرسة، وهنّ يعانين. فيما قال ولي أمر إحدى الطالبات: لماذا يتعاملون معنا بهذا الشكل، لماذا يفصلوننا عن الباقين، هل لأنَّ لوننا أسود وضعفاء؟».
وذكرت الصحيفة أنّ أورية زار المدرسة من أجل تفقّد حال الطالبات، إلّا أنَّه طُرد من هناك. وتوجّه من بعدها إلى مسؤول قسم التربية والتعليم في بلدية بيتح تكفا، رامي أوفينبرغ، وطلب منه وقف «التمييز العنصري»، غير أنّ الأخير شرح له بأنّ المدرسة المذكورة «برجوازيّة» وعلى الطالبات أوّلاً أن يتعلّمن «السلوكيّات» ومن بعدها يتمّ إدراجهنّ في الصفوف العاديّة. ووعده بأنّ «يفعل شيئاً» للحيلولة دون هذا الوضع، إلّا أنّه لم يفعل. ونشرت الصحيفة أن أوفينبرغ اقترح أمس نقل الطالبات من المدرسة.
وفي حديث إلى الصحيفة، قال أوفينبرغ «الحقيقة، ليس من الصحيح دمجهنّ، لأنّ الحديث يجري عن مدرسة توراتيّة، والطالبات من الفلاشا. أنت (المراسل) تريد ضمّهن، لكن طريقة حياتهن تختلف».
هذا الأمر دفع أورية للقاء نائب رئيس بلدية بيتح تكفا، فيلتيئيل إيزينتال، المنتمي إلى حزب «المفدال». وقال إيزينتال «أنا لا أفهم قلق الأهالي. نحن نعرف جيداً مصلحة الطالبات»، مشدّداً على أنّ «فصلهنّ ليس شيئاً خطيراً»، فيما رأت وزيرة المعارف الإسرائيلية، يولي تمير، أنّ الأمر «خطير» ووعدت بفحص الموضوع.
وكانت «يديعوت أحرونوت» قد نشرت الأسبوع الماضي خبراً مفاده أنّ بلدية تل أبيب ـــ يافا افتتحت الشهر الماضي، في شارع سومكن، في حي «د» في يافا، روضة أطفال، يتعلّم فيها أثيوبيّون فقط، ما أثار سخط الأهالي. إلا أنّ البلديّة نفت أن يكون الأمر مقصوداً، وقالت إنّ كون الأطفال في الروضة جميعهم أثيوبيّون هو صدفة فقط.
هذه ليست الملامح الأولى للعنصريّة والـ«أبرتهايد» التي تظهر في بيتح تكفا. فقبل عام تقريباً نشرت «يديعوت أحرونوت» كشفًا عن إحدى المدارس في المدينة بنت جداراً يفصل بين الطلّاب الأثيوبيين وزملائهم الإسرائيليين من أصول غربيّة وشرقيّة. كما كشفت عن مدرسة أخرى يدرس فيها فقط طلاب من مهاجري الاتحاد السوفياتي سابقاً.
وكتبت سمدار شير، في «يديعوت أحرونوت»، مقالاً انتقدت فيه الظاهرة، وقالت: «في كلّ مرة كنّا (اليهود) فيها الضحايا، المتضرّرين والمكروهين من دون سبب أو منطق، فضّلنا التلويح بأعلام الانفتاح والتنوّر والمساواة. لكن بوقوفنا قبالة الضعفاء منّا، وقبالة أولادهم المهاجرين الذين لا يختلفون عمّا كنا عليه في الماضي البعيد، تنقلب الكائنات».