حيفا ــ فراس الخطيب
أفادت صحيفة «هآرتس»، أمس، بأنّ الحكومة الإسرائيلية قرّرت استئناف أعمال الحفريّات عند «باب المغاربة» المؤدّي إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلّة، بحجّة «بناء جسر علوي»، ما يؤدّي إلى محو ذاكرة المكان وإزالة آثار يعود تاريخها إلى الفترة العثمانيّة. وهي خطوة رأى فيها قياديّون فلسطينيون ومؤسّسات فلسطينيّون «سعياً إلى تهويد المكان الإسلامي المقدّس»، مشدّدين على أنّ الحفريات «لم تتوقف منذ 40 عاماً».
وأوضحت الصحيفة أنّ قرار الحكومة تمّ نشره على الموقع الإلكتروني لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت. وجاء فيه أنّ على سلطة الآثار مواصلة العمل في منطقة باب المغاربة «من أجل إنهاء أعمالها في أقصر وقت ممكن»، مدّعياً أنّه يجب «إزالة كل الموجودات غير الأثرية من خلال العناية بالآثار التاريخيّة والحفاظ عليها».
كذلك، قررت الحكومة تحويل مبلغ 875 ألف دولار إلى ميزانيّة سلطة الآثار من أجل استكمال الحفريّات وأعمال صيانة المكان، إضافة إلى 3.5 ملايين دولار لتمويل بناء الجسر العلوي، وذلك بعد المصادقة على مخطط البناء في اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء.
والقرار بإزالة كل الموجودات «غير الأثرية»، بحسب «هآرتس»، يعني «إزالة كل موجود أثري منذ عام 1700، أي معظم الآثار من فترة الحكم العثماني».
وقال الناشط في جمعيّة «عير عَميم» (مدينة شعوب)، التي قدمت اعتراضاً على أعمال الحفريات للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مزوز، داني زايدمان، إنّ هناك تناقضاً في قرار الحكومة بين التصريحات في شأن «الشفافيّة» و«التنسيق» وبين القرارات التنفيذية. وتساءل «كيف يموّلون أعمال بناء باب المغاربة ويصدرون الأوامر بإنهاء الأعمال في أقرب وقت، فيما لا يعرفون ما الذي سيتم بناؤه في الموقع، إذ إنه لم تتم المصادقة على المخطط بعد؟»، معرباً عن استغرابه من الأوامر التي أصدرتها الحكومة لسلطة الآثار حول كيفيّة عملها، علماً بأنّ هذه السلطة «هيئة مهنية تتمتع باستقلاليّة».
ورأى زايدمان أن هذا الأمر يشير إلى أيّ مدى تجذّرت السياسة في علم الآثار، إثر تمويل جمعيّات اليمين التي تعمل على الاستيطان في القدس الشرقية، لقسم كبير من ميزانيّة سلطة الآثار وتقريباً كلّ أعمال الحفريّات في القدس الشرقيّة.
وكانت الحكومة الإسرائيليّة قد قرّرت في تشرين الأوّل الماضي استئناف الحفريّات عند باب المغاربة، وقدّم الوزير العربي (حزب العمل الصهيوني) غالب مجادلة، الذي يتولّى حقيبة العلوم والثقافة والرياضة التي تتبع لها سلطة الآثار، اعتراضاً على قرار الحكومة. إلّا أنّه تراجع وسحب الاعتراض بعد طلب من أولمرت، وتقرّر استئناف الحفريّات في 29 تشرين الثاني.
ووصف الناطق باسم الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) زاهي غريب، في حديث إلى «الأخبار»، القرار بأنّه «بشع». وقال إنّه «يؤكد ما قيل في السابق بأنّ السنوات التي نعيشها هي سنوات لتنفيذ الحلم المشؤوم ببناء هيكل مزعوم»، وأضاف «نتساءل أيضاً ما الذي دار في (مؤتمر) أنابوليس إذا كانت الثمار الأولى هي الإصرار الإسرائيلي على توسيع الاستيطان في القدس المحتلّة، وإذا كانت الثمار هي هدم ما بقي من آثار إسلامية عند باب المغاربة وتحديداً العثمانية منها؟».
من جهتها، رأت الرئاسة الفلسطينيّة أن القرار «خطوة تدميرية لعمليّة السلام». وقال المتحدث باسمها، نبيل أبو ردينة، في تصريح لوكالة «فرانس برس» إنّ «هذه خطوة تدميريّة لعمليّة السلام وتأتي بعد الإعلان عن استمرار الاستيطان في جبل أبو غنيم» في القدس المحتلة، داعياً «المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة، راعية مؤتمر أنابوليس للسلام، إلى وقف هذا التحدّي الإسرائيلي لإرادة المجتمع الدولي وقرارات أنابوليس».
كما حذّرت «مؤسّسة الأقصى» لإعمار المقدّسات الإسلامية من أنّ أبنية المسجد الأقصى معرّضة للخطر الشديد وستؤثّر على استقراره، وخصوصاً أنّ الحفريّات تحت المسجد وفي محيطه القريب «لم تتوقّف منذ 40 عاماً».