رام الله ــ أحمد شاكر
رايس تشيد ورامون يدرس مشروع قانون «إخلاء وتعويض» وقريع لا يرى فائدة في مؤتمري أنابوليس وباريس


تراجعت إسرائيل عن مشروع استيطاني جديد في القدس الشرقية المحتلة، إلّا أنها أبقت على خطة توسيع مستوطنة جبل أبو غنيم، التي تناستها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس لدى «إشادتها» بالتراجع الإسرائيلي.
وأعلنت وزارة الإسكان الإسرائيلية، أول من أمس، إلغاء مشروع لبناء حي استيطاني جديد في مدينة القدس. وقال، متحدث باسم الوزارة للإذاعة الإسرائيلية العامة، إن «الوزارة
تخلّت عن مشروع بناء حي عطاروت الجديد في شمال القدس».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت الأربعاء أن وزارة الإسكان طلبت من «دائرة أراضي إسرائيل» ترخيصاً بالتخطيط لبناء 10 آلاف وحدة سكنية في المنطقة كمرحلة
عملية أولى في تخطيط الحي الجديد. وقال وزير الإسكان الإسرائيلي زئيف بويم إنه يجري «التأكّد من قابلية» مشروع بناء حي جديد في منطقة عطاروت.
وكان المشروع يهدف الى بناء أكثر من عشرة آلاف مسكن ليتحوّل الى أكبر حي استيطاني في القدس الشرقية.
وبعد التراجع، أعلنت إسرائيل توجيه رسالة إلى السفير الأميركي في تل أبيب، ريتشارد جونز، تؤكّد له فيها أنها لن تقيم أي حي يهودي جديد في المنطقة الشمالية من القدس الشرقية. لكن الرسالة أضافت إن بناء 307 وحدات سكنية جديدة في حي هار حوما اليهودي المثير للجدل في الضواخي الجنوبية للقدس سوف يستمر.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، مارك ريغيف، إن وزير الإسكان الإسرائيلي أكد ذلك شخصياً للسفير الأميركي. وأضاف إن مشروع بناء وحدات سكنية جديدة في حي هار حوما «يمكن أن يستمر». وأكّد أن «مشروع البناء في هار حوما مختلف عن مشروع عطروت لأن الأول ليس مستوطنة جديدة، وأن الوحدات السكنية ستقام في الحي القائم».
وادّعت صحيفة «هآرتس» أمس أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، وكذلك وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، لم يوضَعا مسبّقاً في صورة الإجراء الذي أقدمت عليه وزارة الإسكان.
وأشارت الصحيفة إلى أن معظم خطط البناء الاستيطاني التي تُعلن في هذه الأيام، سواء في جبل أبو غنيم أو عطروت أو غيرها، إنما هي خطط قديمة، وإذا تحقّقت فستؤدي إلى بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة معظمها خارج نطاق الخط الأخضر الذي يرسم الحدود البلدية للمدينة.
وأشارت «هآرتس» إلى أن هناك جهات في إسرائيل تشعر بأن الوقت الراهن هو وقت العمل في القدس المحتلة «سواء لتعزيز السيطرة فيها أو من أجل منع المفاوضات على تقسيمها».
بدورها، أشادت وزيرة الخارجية الأميركية بالتخلّي عن مشروع المستوطنة الجديدة، مشيرةً إلى أن ذلك يمثّل «قراراً جيداً». وقالت رايس، لوكالة «فرانس برس»، «أعتقد أن الإسرائيليين أدركوا أن ما جرى مع (مشروع مستوطنة) هار حوما كان سيؤدي إلى إجهاض الثقة بعملية السلام الجديدة والهشة جداً». وأضافت «أعتقد أنه قرار جيد» بوقف بناء مستوطنة جديدة.
وأوضحت رايس أنها «ليست على علم» بمحادثات جرت داخل الحكومة الإسرائيلية وأدّت الى التخلّي عن هذا المشروع، ملمّحةً إلى أن الولايات المتحدة لم تتدخل لإقناع إسرائيل بالتخلّي عنه. وتابعت «لا أعلم ما كانت الحسابات، ولكن من المحتوم أنه لَأمر جيد عدم اضطرارنا إلى مواجهة هذا القرار»، مشيرةً إلى أن الاستيطان «يُجهض الثقة».
وأعرب رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات الوضع النهائي، أحمد قريع، عن استنكاره لتسارع إعلانات الحكومة الإسرائيلية المتتالية عن إقامة المزيد من المستوطنات وتوسيع المستوطنات القائمة. وأشار إلى أنه «لا معنى لمؤتمر أنابوليس ولا لمؤتمر باريس ولا جدوى من المفاوضات في ظلّ إصرار الجانب الإسرائيلي على المضي في مخططاته الاستيطانية ورفضه الالتزام بوقفها، ما يناقض أي مواقف معلنة عن الاستعداد للسلام ويخالف أي منطق لعملية سلام ذات صدقية»، مطالباً المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، بتحمّل «مسؤولياته بكل جدية وليس بمجرد توجيه الانتقادات أو التعبير عن القلق».
وشدّد قريع على أن «هذه المخططات الهادفة إلى ضمان غالبية وسيادة يهودية على المدينة المقدسة، لا تغير من حقيقة أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، وأن قرارات الأمم المتحدة قد أوضحت بشكل لا يقبل التأويل عدم شرعية البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وهو مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، حاييم رامون، يعمل باسم رئيس الوزراء ايهود أولمرت على فحص حجم التأييد بين أعضاء الكنيست لمشروع قانون إخلاء وتعويض مستوطنين يوافقون على الإخلاء طواعية من مستوطنات في الضفة الغربية. وقالت إن رامون يفحص أيضاً التكلفة المتوقعة لتطبيق قانون كهذا يهدف إلى إخلاء نحو ستين ألف مستوطن من مستوطنات تقع شرق جدار الفصل.
وتعتزم الحكومة الإسرائيلية طرح مشروع قانون «إخلاء وتعويض» على جدول أعمال الكنيست في شهر آذار المقبل إذا توافرت ظروف ملائمة من ناحية حجم التأييد للقانون في البرلمان والوضع داخل التحالف الحكومي.
ونقلت «هآرتس» عن رامون قوله إنه «على الورق هناك 70 عضو كنيست يؤيدون مشروع القانون»، مشيراً إلى أنه ليس جميع النواب من حزبه «كديما» يؤيدونه. لكنه رأى أنه إذا وضع أولمرت ثقله لدفع مشروع القانون، فإن صورة الوضع داخل «كديما» ستتغيّر، وسيكون عدد النواب المعارضين من داخل الحزب أقلّ من عشرة نواب.
وأوضح رامون أنه إذا تبيّن له أن إمرار مشروع قانون «إخلاء وتعويض» مستوطنين في الضفة سيؤدي إلى إسقاط الحكومة بسبب انسحاب حزبي «إسرائيل بيتنا» و«شاس» فإنه لن يوصي أمام أولمرت بطرحه على الكنيست.

لا معنى لمؤتمر أنابوليس ولا لمؤتمر باريس ولا جدوى من المفاوضات في ظلّ إصرار الجانب الإسرائيلي على المضي في مخططاته الاستيطانية ورفضه الالتزام بوقفها ما يناقض أي مواقف معلنة عن الاستعداد للسلام ويخالف أي منطق لعملية سلام ذات صدقية