رام الله ــ سامي سعيد
تستمرّ محاولة الإسرائيليّين العبثيّة لإجبار أهالي مدينة القدس المحتلّة على ترك منازلهم، في ظلّ إصرار المقدسيّين على البقاء حتى الموت، تحدّياً لاستهداف تل أبيب لهم ولممتلكاتهم.
ولا تختلف حياة المواطن عبد الحليم الشلودي، في حيّ سلوان الواقع جنوبي المسجد الأقصى، كثيراً عن حياته التي عاشها إبّان فترة اعتقاله في سجون الاحتلال لثماني سنوات.
يعيش الشلودي في غرف مظلمة، محاطة بالأسلاك الشائكة والجدران والجنود، لحماية نفسه وعائلته من المستوطنين المنتشرين في مختلف شوارع الحي، حيث يحيط منزله، الواقع في شارع وادي حلوة، منازل استولى عليها المستوطنون اليهود منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، عندما سعت جمعية «إلعاد» الاستيطانية إلى الاستيلاء على المنازل العربية بطرق وأساليب عديدة.
ويقول الشلودي «أعيش في هذا المنزل منذ عشرات السنين، وقد حاول المستوطنون الاستيلاء عليه، منذ وفاة صاحبه، إلّا أنّهم فشلوا حتى اليوم، رغم أنّ القضية لا تزال معلقة في المحاكم الإسرائيلية».
ويصف المقدسي جيرانه بـ«الغرباء» الذين «يطالبوننا بالرحيل بحجّة أن هذا المكان مقدسّ لهم». ويوضح أنّ أذاهم «يمتدّ ليطال أولادي بالضرب والإهانة، إضافة إلى قرع الطبول يومياً، بدعم وحماية من الشرطة الإسرائيلية، أمام المنزل لإزعاجنا»، في حين أنّه «يتوجّب علينا مراعاة راحة المستوطنين في احتفالاتنا وإلا تعرضنا للاعتقال».
ومضى الفلسطيني الصامد يشرح عن «التدريبات العسكرية التي تنظّم بشكل دوري، لحراس البؤر الاستيطانية في الحي، حيث يتمّ تدريبهم في وقت متأخّر من الليل. وهم مدجّجون بالسلاح، وهذا ما يرعب الأطفال».
«أنا باقٍ حتّى الموت، ولن أفرّط بمنزلي». هكذا يعتزّ الشلودي بالمساحة الجغرافيّة المتواضعة التي تشكّل تجسيداً للضمائر الحيّة وإرادة الصمود، رغم الإغراءات المادية التي تقارب المليون دولار في مقابل تركه منزله.
وتختصر حكاية الشلودي مع المستوطنين ما يعيشه معظم سكّان سلوان من معاناة جراء ممارسات الجمعيات الاستيطانية للسيطرة على عقاراتهم، في ظل إغفال عربي وإسلامي لمتابعة قضايا سكّان القدس المحتلة.
وجنباً إلى جنب مع الحرب التدميرية الهادفة إلى تهويد مدينة القدس، تبرز حرب جديدة يشنّها الاحتلال ضدّ المقدسيّين تتمثّل في حرمانهم من مصدر رزقهم الوحيد وهو التجارة، بعد إغلاق «البلدة القديمة» بالكامل أمام المتسوّقين.
وتكتسب «القدس القديمة» أهميّتها الخاصّة في قلوب ملايين البشر، لأنّها تحتضن المقدّسات والآثار الإسلامية والمسيحية، إلّا أنّها باتت محاصرة من كلّ المداخل، بعدما أصبحت حلماً لكثير من الشبان الذين ترعرعوا داخلها.