مهدي السيد
شكّلت مناسبة تولّي غابي أشكينازي منصب رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي بشكل رسمي، فرصة لعدد من المحللين من أجل توجيه النصح إليه على خلفية تداعيات فشل العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
واستغل كبير المحللين الاستراتيجيين في صحيفة «هآرتس»، زئيف شيف، المناسبة كي يُذكّر اشكنازي، بأنه لا يملك الكثير من الوقت لتطبيق الخطط العاجلة للجيش الإسرائيلي، والتي تمليها أحداث حرب لبنان الثانية، والمواجهة المستمرة مع الفلسطينيين، وكذلك إمكان أن تنجرّ إسرائيل إلى حرب مفاجئة مع سوريا.
ووجه شيف مجموعة نصائح إلى أشكينازي، أهمها عدم الاكتفاء بالتحقيقات التي أجراها الجيش حتى الآن، ودعاه إلى دراسة مدى جدوى إعادة الهيكلة التي اجتازها الجيش السنة الماضية قبل الحرب، وفحص أي من التحقيقات التي أجريت في أعقاب الحرب كانت هامة فعلاً، وهل يوجد منها ما لا يعبر إلا عن انفجار الغضب بسبب نتائج الحرب؟
كما نصح شيف أشكينازي بوجوب مواصلة استخلاص العبر بسرعة وبجذرية، وباستحضار الهزائم التي مني بها الجيش الفرنسي في كل من فيتنام والجزائر في هذا المجال.
وإذ يعتبر أن الحرب الأخيرة مع حزب الله انتهت رسمياً فقط، مستدلاً على ذلك بما سمّاه الاختبار الأول الذي أجراه حزب الله أخيراً للجيش الإسرائيلي عندما زرع «شبكات» من العبوات الناسفة قرب مستوطنة أفيفيم، يشدد شيف على أهمية سلوك الجيش الإسرائيلي بقيادة أشكينازي، لأنه «سيؤثر جداً على وضع الردع الإسرائيلي، وهذا هو اختبار مركزي لرئيس الأركان الجديد».
ويختم شيف نصائحه بالإشارة إلى أن «وقت رئيس الأركان الجديد قصير، وذلك بسبب الورطة الاستراتيجية التي تعيشها إسرائيل وسوريا: فالوضع الحالي، الذي لا يوجد فيه أي أفق سياسي، من شأنه أن يؤدي الى انفجار عسكري. ومع أن الشروع في مفاوضات مع سوريا هو قرار سياسي، إلا أنه على رئيس هيئة الأركان، الى جانب رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي، أن يكون لهما موقف متبلور في موضوع استراتيجي على هذا القدر من الأهمية».
بدوره، لخص عاموس غلبوع، الذي شغل سابقاً منصب رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، مهمات أشكينازي بإعادة بناء ثقة الشعب بالجيش، وإعادة بناء ثقة الجنود بقادتهم، والاستعداد كما ينبغي للتهديد الإيراني، ولتنمية الذراع البرية المُهملة وفي مركزها الاحتياط، والبدء بعملية إعداد للضباط الكبار في الجيش، وبناء قيادة عسكرية جديدة.
ورأى غلبوع أن مشكلة رئيس الأركان الجديد ستتمثل في العودة الى الأمور البديهية «لأنه في حرب لبنان، في ذروة التطور التكنولوجي، نسيت القيادة العسكرية، وعلى رأسها رئيس الأركان المستقيل، الأمور الواضحة المفهومة، التي كانت نبراساً يهدي الآباء المؤسسين للجيش الاسرائيلي وأجيال رؤساء الأركان الذين خلفوهم». والمقصود، بحسب غلبوع، هي الأمور الأساسية الثلاثة التي تواجه أي رئيس أركان:
«أولاً: الدفاع عن سكان إسرائيل جميعاً، وعن أملاكهم ومصادر عيشهم ونوعية حياتهم. في نطاق هذا الأمر، يجب على الجيش الاسرائيلي أن يبذل كل ما يستطيع من أجل أن يكون له جواب عملاني على كل تهديد بالنار لسكان الدولة، من صاروخ القسام حتى صاروخ شهاب الذي يحمل سلاحاً نووياً»، و«ثانياً: الدفاع عن حدود الدولة، وعن سيادتها، وعن أملاكها في البر والبحر، وهذا أيضاً نُسي في حرب لبنان»، و«ثالثاً: إعداد جميع خيارات القوة لتنفيذ سياسة حكومة إسرائيل. فمن الواجبات الواضحة لرئيس الأركان أن يعلم أن كل توجيه سياسي لاستعمال القوة خاضع للأمرين الأولين».
وأوضح غلبوع «لا يستطيع رئيس الأركان، كما في حرب لبنان، أن يقرر أن الجيش يملك زمناً وفيراً (أسبوعاً أو أسبوعين أو شهراً) من أجل إحراز الأهداف السياسية، في حين أن كثيرين من سكان الدولة يصابون ويتركون أملاكهم. لا يمكن أن يكون هناك وضع يُستمر فيه في تسطيح بنت جبيل، وتدمير جسور في عمق لبنان، في حين أن حيفا ونهاريا وصفد وكريات شمونة تشتعل».