معاريف» ــ دان مرغليت
نُسب إلى رئيس الأركان الأسبق موشيه يعلون، في سياق كلامه عن سياسة الجيش التي كان يطبقها خلال السنوات السابقة في مواجهة حزب الله، أن السياسة التي كانت تتعاطى مع صواريخ حزب الله، هي بتركها تصدأ في المخازن. ولخص مؤيدو هذه السياسة حصيلة هذه السياسة أمام لجنة فينوغراد بهذه الصورة تقريباً: إنجازات حزب الله كانت طفيفة. فقد قام بعملية خطف وهجوم في 68 شهراً (الهجوم في تموز 2006 تم الرد عليه بطريقة تشذ عن سياسة الصدأ التي كانت متبعة وأدى ذلك إلى الحرب). مع مرور الوقت سجلت إسرائيل إنجازات ملموسة. سوريا خسرت سيطرتها على لبنان وحكومة فؤاد السنيورة تعززت.
وشرح مؤيدو هذه السياسة، أمام لجنة فينوغراد، أن إسرائيل واجهت، في موازاة ذلك، الانتفاضة بنجاح، عندما سيطر خوف قاتل على الإسرائيلي المنسي. محاربة الإرهاب الفلسطيني ومد جدار الفصل كانت أولوية عليا. وكان هذا مفهوماً أيضاً. وأثمرت الجهود المبذولة لاجتثاث المخربين. في ظل هذه المعطيات، لم يكن هناك أي مبرر لفتح جبهة ثانية في مقابل حزب الله.
وأوضح المسؤولون عن هذه السياسة، التي وصلت إلى الذروة في تموز 2006، في شهاداتهم، أن سياستهم نجحت، ولكن ضعف حكومة (إيهود) أولمرت، هو الذي فرض عليها الرد بقسوة، إضافة إلى عملية خطف الجنديين في الشمال.
هذه الرؤية موضع خلاف؛ ففي المقابل، يمكن عرض تراكمات هائلة من التوضيحات والتفسيرات: لماذا عززت سياسة ضبط النفس وانتظار سياسة الصدأ التي تقوض صواريخ حزب الله، عدوانية (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصر الله؟ ولماذا كان من الممنوع السماح للإرهاب اللبناني بالسيطرة على مواقع المراقبة المحاذية للحدود؟
لكن ما دامت الإخفاقات على الحدود الشمالية منذ عام 2000 مهمة لفهم الظروف، التي بدأت في ظلها حرب لبنان الثانية، فإن أي لجنة لن تنجح في عرضها كدرع للدفاع عن أداء الحكومة.
هل أخطأ الزعماء في تلك السنوات عندما لم يوزعوا موارد الحرب على الجبهتين؟ وهل كان يجب منح الأولوية لتعزيز الهدوء على الحدود الشمالية؟ وماذا بخصوص القتال المتعلق بالإرهاب الفلسطيني؟ يمكن لجنة فينوغراد أن تفضل رواية أو أخرى، وسيكون هناك اهتمام تاريخي للوقوف على انطباع أعضاء اللجنة بشأن هذه المسألة.
أداء الحكومة في تموز الـ 2006 كان موضوعاً منفصلاً، لأنها كان بإمكانها أن تحدد لنفسها أن الجيش غير قادر في الوقت نفسه على إدارة حرب واسعة ضد حزب الله أو بالتناوب ــــــ وما هو أكثر معقولية ــــــ أنه رغم تآكله الجزئي، يستطيع الجيش الاسرائيلي أن يتغلب على الإرهاب اللبناني عبر سلاح الجو واحتلال المنطقة حتى نهر الليطاني، عبر عملية تستمر سبعة أيام.
شيء ما حصل، ناتج من فعل أو عن اخفاق، بين عام 2000 وتموز 2006 ، لا يعفي أولمرت وبيرتس وحالوتس من المسؤولية عما حدث بعد الخطف. كل الإمكانات كانت في أيديهم. وكل خيار كان يتم تقبله بتفهم. فقط هم لم يختاروا، لكنهم فضَّلوا سياسة اللف والدوران.
عُرض أمام لجنة فينوغراد شهادات من الداخل عن أداء الحكومة، وهي موثقة ومؤرخة وخطيرة وليس لها مثيل. ليس فقط مرحلة البداية، التي تحتوي على عناصر اللامسؤولية الى حد المقامرة، وليس فقط الأيام الثلاثة الأخيرة من القتال، ستُسجل على أنها وصمة عار في تاريخ الحكومات، بل أيضاً ما هو موجود بينهما.
مع وجود معلومات كهذه، لن يكون أمام لجنة فينوغراد مهرب من التوصل الى استنتاجات شخصية وقاسية، ومن غير الواضح مطلقاً أن تكون معنية في التهرب منها.
ما يعرفه أيضاً أولمرت وبيرتس ونظراؤهم وقيادة الجيش، أن فينوغراد ليس وحده. تقرير مراقب الدولة سينشر قريباً. وسيكون ثقيلاً جداً. لا سبب للاعتقاد بأن لجنة فينوغراد أو تقرير ميخا لينشتراوس سيزيلان التهمة عن الحكومة ووضعها تحت البساط. وبالتأكيد لن يقوم بذلك التقريران معاً.