strong>محمد بدير
ضبّـــاط الاحتيـــاط ينتقـــدون «الثقـــة المفرطـــة» بالجيـــش ويؤكّـــدون عجـــز ســـلاح الجـــو

انتقد عدد من ضباط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الثقة المفرطة بالنفس «التي لا تستند الى أي أساس»، والتي يُظهرها قادة الجيش الإسرائيلي عند حديثهم عن مواجهة محتملة مع الجيش السوري. ويستند الضباط المتحفّظون إلى دروس حرب لبنان وما أظهرته من ضعف في مواجهة القدرات الصاروخية لحزب الله من جهة، وإلى الترسانة الصاروخية السورية الضخمة وإمكان استخدامها من جهة ثانية، الأمر الذي سيشلّ قدرة منظومة «حيتس» لاعتراض الصواريخ، ما يعني انكشاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتكبدها خسائر وأضراراً مادية وبشرية فادحة.
هذا التحفظ جاء على صيغة تحذير وجّهه ضابط احتياط كبير في الجيش الإسرائيلي، شارك أخيراً في عدد من المناورات الكبيرة التي تمثّل حرباً ضد سوريا. وقال الضابط لصحيفة «معاريف» إن «الجيش الإسرائيلي يغرق مرةً أخرى في مفهوم التفوق التام على العدو السوري، وتقديراته بشأن قدراته متفائلة أكثر مما ينبغي وغير حذرة».
ولا يتوقف الأمر على هذا الضابط حصراً، بل ثمة عدد غير قليل من زملائه يرون الاستعدادات المكثفة للجيش الإسرائيلي، ولا يفهمون، بحسب «معاريف»، لماذا يبدي العديد من قادة الجيش ثقة مبالغاً فيها بالنفس وتفاؤلاً يكاد يكون بلا أساس.
ويبدو أن تحذير الضابط الإسرائيلي لا ينبع من فراغ، بل من حقيقة إشارته إلى قدرة السوريين على أن يطلقوا على إسرائيل «ألف صاروخ وقذيفة صاروخية في كل صلية، بل وإطلاق بضع صليات كهذه في اليوم». وأضاف إن «قدرة سلاح الجو على معالجة هذا التهديد منخفضة جداً، تشبه ما كان في حرب لبنان الثانية، لكن هذا لا يكاد يحرّك فينا ساكناً: الملاجئ في وضع مهمل وليس هناك كمّامات للوقاية من الكيماوي للمواطنين. تفاؤل قادة الجيش خطِر».
المجال الأخطر، بحسب الصحيفة، هو القدرة السورية غير المحدودة تقريباً على إطلاق مئات الصواريخ والقاذفات الصاروخية كل يوم على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، «وهي قدرة ليس لدى سلاح الجو إزاءها حل»، ما يعني، بحسب ضباط الاحتياط، «أن الواقع الذي واجهته إسرائيل في حرب لبنان الثانية، سيكرر نفسه، بشكل أخطر بأضعاف».
وما يزيد من صعوبة القضاء على منصات إطلاق الصواريخ السورية، كونها مطمورة في خنادق في الجبال. وسيكون التحدي صعباً على نحو خاص في الشتاء، في ظروف الجو القاسية. ومع ذلك، تشير الصحيفة الى أن أساس قدرة إطلاق الصواريخ لدى سوريا ستقوم على القاذفات الصاروخية على المدى المتوسط والبعيد، التي تطلق من مئات المنصات المتحركة، تُضاف إليها عشرات وحتى مئات القاذفات الصاروخية من حزب الله في لبنان.
وترى الصحيفة أنه إذا كان نجاح حزب الله خلال عدوان تموز في إطلاق ما بين 200 حتى 250 صاروخاً يومياً قد أدى إلى شلّ الحياة في شمال إسرائيل، فإن النار السورية ستخلق وضعاً لا يطاق من ناحية اسرائيل، ذلك أن شبكة «حيتس» التي يفترض بها أن تسقط الصواريخ غير قادرة على معالجة هذا العدد الكبير من الأهداف، فضلاً عن أن الصواريخ السورية فتاكة وثقيلة أكثر بأضعاف من صواريخ حزب الله.
وأشارت «معاريف» إلى أن أحد النماذج الخطيرة التي طرحها أحد الضباط، الذي يخدم في إحدى وحدات سلاح الجو، هو التقديرات بالنسبة إلى قدرة سلاح الجو على ضرب الصواريخ السورية وهي لا تزال على الأرض. وتذكّر الضابط بأنه قبل حرب لبنان الثانية، أجريت مناورة كبيرة مع الجيش الإسرائيلي، تسمّى «تداخل الأذرع»، وجاء فيها أن سلاح الجو يعرف كي يقلص قدرة إطلاق حزب الله للصواريخ بعشرات في المئة كل يوم وسيؤدي في النهاية الى تقليص عدد الصواريخ التي يطلقها حزب الله إلى مستوى محتمل. أمّا عملياً، كما يذكر الضابط، فقد أطلق حزب الله كل يوم بين 200 صاروخ و250 صاروخاً وقدرته على إطلاق الصواريخ لم تتضرر في شيء جرّاء النشاط المكثف لسلاح الجو.
وعقّب الناطق العسكري بلسان الجيش الإسرائيلي على التقرير الذي نشرته «معاريف» بنفي مضمونه جملة وتفصيلاً.
ويأتي هذا التقرير في أعقاب تقديرات «الموساد»، التي تشير إلى أنه من المتوقع أن تبادر سوريا إلى تصعيد عسكري ضد إسرائيل في الجولان السوري المحتل، وذلك خلال سنتين، في حال عدم تجدّد المفاوضات بشأن مستقبل الجولان السوري.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قد نشرت هذه التقديرات يوم الجمعة الماضية، ونقلت عن مسؤول كبير في «الموساد» قوله إن الرئيس السوري معني بالتوصل إلى تسوية بطرق سلمية، إلا أن شبّاك الفرص مع سوريا من الممكن أن يغلق بعد سنتين، حيث من المتوقع أن تمتلك إيران قدرات نووية، وفي المقابل تتضاءل احتياطات سوريا النفطية ويتأثر اقتصادها بالنتيجة.
كما أكد المصدر نفسه أن الرئيس السوري، وبشكل مواز للجهود السياسية، فهو يعمل على إعادة بناء الجيش السوري من خلال صفقات أسلحة، وخصوصاً مع روسيا وإيران، وتشمل الدبابات والصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات. وبحسبه فإن الجيش السوري سيكون جيشاً من نوع آخر بعد سنتين.
وفي المقابل، يحذّر «الموساد» من توطد العلاقات بين سوريا وإيران، وتحوّل طهران إلى حليف طبيعي لسوريا في ظل «عدم تودّد الرئيس السوري بشار الأسد للحكام العرب».

إذا كان نجاح حزب الله خلال عدوان تموز في إطلاق ما بين 200 صاروخ حتى 250 صاروخاً يومياً قد أدى إلى شلّ الحياة في شمال إسرائيل، فإن النار السورية ستخلق وضعاً لا يطاق من ناحية اسرائيل، ذلك أن شبكة «حيتس» التي يُفترض بها أن تسقط الصواريخ غير قادرة على معالجة هذا العدد الكبير من الأهداف، فضلاً عن أن الصواريخ السورية فتاكة وثقيلة أكثر بأضعاف من صواريخ حزب الله