هآرتس ـ يوئيل ماركوس
المبدأ الإسرائيلي القائل إن الدولة ليست بحاجة إلى جنود أجانب لكي يحموها هو أمر معتبر. لكن ذلك لا يعني التمسك به حتى درجة الحماقة. ليس على إسرائيل أن تقف في المقدمة وأن تهدد بالهجوم على إيران. وحتى إذا استفز (الرئيس محمود) أحمدي نجاد إسرائيل، فإيران تبقى مشكلة عالمية. المسألة لا تقتصر على (الرئيس جورج) بوش، إذ إن (الرئيس فلاديمير) بوتين نفسه، الذي يظهر كأنه صديق لإيران، ليس مرتاحاً من فكرة ظهور دولة شيعية ذات مخالب نووية على حدوده الجنوبية، تهدد بالسيطرة على دول الخليج المعتدلة وعلى مصادر النفط، وتتطلع إلى تنصيب الشيعة والإسلام المتعصب في كل الدول الإسلامية المعتدلة التي تعيش بسلام مع العالم الغربي.
التهديدات المباشرة حول إبادة إسرائيل أنتجت تحذير بوش بأن «منع اندلاع حرب عالمية ثالثة سيستوجب منع إيران من الحصول على القدرة النووية». ما دام بوش رئيساً، ستبقى لديه صلاحية مهاجمة إيران وتدمير البنى التحتية للمشروع النووي. هذه مجرد كلمات في الوقت الحالي. ليس واضحاً إذا كان الرأي العام الأميركي سيؤيده ـــــ خوفاً من أن يكون ما يحدث للجيش الأميركي في العراق إشارة إلى تكرار ذلك في إيران، إذا حدث الهجوم العسكري.
تهديد إيران بإطلاق 11 ألف صاروخ على أهداف محددة سلفاً خلال دقيقة واحدة، إذا تعرضت للهجوم، هو بالون فارغ إذا كانت إسرائيل هي المقصودة. ليس لدى إيران مثل هذا العدد من الوسائل القتالية التي تصل إلى إسرائيل، لكن لديها ما يكفي من الصواريخ القصيرة المدى، وبعضها يحمل رؤوساً كيميائية حتى تحدث الدمار في السعودية وقطر والكويت وأهداف أميركية في الخليج. إيران تملك بالتأكيد خططاً احتياطية لشن عمليات إرهابية فتاكة في أميركا نفسها. الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بصفتها الشيطان الأصغر، هي في كل الأحوال هدف إيراني. مصلحة إسرائيل تكمن في التعاون مع العالم في مجال العقوبات، لا الاندفاع للوقوف على رأس المهددين بالحرب.
أطراف أمنية إسرائيلية على اقتناع بأن «العالم المتحضر» لن يوقف إنتاج القنبلة، ولأن إسرائيل هي هدف محدد لها، عليها أن تهاجم قبل أن تتعرض للهجوم. أفرايم سنيه مثلا يدعي أن الدول الكبيرة الطبيعية لن تفعل شيئاً، ويقول إن وعود بوش بلا رصيد. من هنا ستضطر إسرائيل للهجوم إن عاجلاً أو آجلاً.
فكرة القدرة الإسرائيلية على إيقاف المشروع النووي الإيراني بالقوة تبعث على الضحك. إيران تعلمت العبرة من مفاعل تموز العراقي الذي قصف على يد سلاح الجو الإسرائيلي في عام 1981. إثر ذلك، وزعت طهران مفاعلات الإنتاج وأجهزة الطرد المركزية وتخصيب اليورانيوم على ثلاث مناطق ووضعتها في باطن الأرض بعيداً عن أعين الأقمار الاصطناعية. مؤيدو الهجمة الإسرائيلية يقدرون أن المس بأحد الأهداف يكفي لعرقلة إنتاج القنبلة لسنوات. ربما؛ لكن في المقابل، ليس من السهل على طائراتنا الوصول إلى أحد الأهداف. عندها ستضطر هذه الطائرات إلى التحليق فوق دول عربية عديدة والتزود بالوقود جواً، وبالتالي يمكن أن تحدث تشويشات عديدة محتملة.
فشل التنفيذ سيكون أخطر من عدم القيام بشيء. نموذج (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله قد يكرر نفسه عندما يحول الفشل أحمدي نجاد إلى بطل الإسلام وتشتعل المنطقة من خلال قصف تل أبيب. هذا من دون أن نذكر إمكان سيطرة حماس بدعم إيراني على الحكم في المناطق. إن حل الأزمة التي تهدد العالم يفوق قدراتنا، وستحسن إسرائيل صنعاً إذا تركت استخدام القوة للكبار.