حيفا ــ فراس خطيب
احتشد المئات من الشباب الفلسطيني أول من أمس في قاعة «مسرح الميدان»، في حي الهدار الحيفاوي، لحضور فعاليات مؤتمر «أنا مش خادم»، المناهض لـ«الخدمة المدنية»، التي تفرضها وزارة االدفاع الإسرائيلية على الشباب الفلسطيني كبديل عن «الخدمة العسكرية».
وتدفّق الشباب من القرى والمدن العربية في الأراضي المحتلة عام 48، وقد حمل جزء منهم الأعلام الفلسطينية وكوفيات فلسطينية أيضاً. في عيونهم تمرد. قال أحدهم، لـ«الأخبار»، «نحن نمثل أنفسنا اليوم، لكننا نجد صعوبة في إقناع الشباب بعدم قبول هذه». وأضافت فتاة تسكن إحدى قرى الشمال «أنا تربيت في بيت وطني، وأعلم جيداً النيات الإسرائيلية، المهمة الصعبة تبقى بأن نصل إلى كل الشباب. أن نشرح لهم أنَّ هذه الإغراءات خطر على انتمائنا الوطني والقومي».
ويأتي شاب آخر، تجاوز الثامنة عشرة بقليل، يحاول جاهداً أن يتحدث الفصحى، «هذه الدولة، ومنذ قيامها، لم تفعل شيئاً يصب في المصلحة الوطنية للفلسطينيين. وهذا المشروع جزء من مشاريع سابقة، ويحمل النوايا نفسها. لذا نحن لن نكون جزءاً» منه.
وانطلق المؤتمر بثلاث ندوات مركزية، شاركت فيها قيادات شبابية طلابية وسياسية. في الندوة الأولى جرى الحديث عن دور الأطر الشبابية في محاربة الخدمة المدينة. وأجمع المتحدثون على ضرورة نزع مخططات الأسرلة. وكان من أبرز القيادات المشاركة المطران عطا الله حنا، والنواب جمال زحالقة وإبراهيم صرصور والشيخ رائد صلاح ومديرو جمعيات وممثّلون عن الأحزاب.
وأثارت مداخلة زحالقة غضب وسائل الإعلام العبرية، بعدما قال إن «المؤسسة الحاكمة تهدف من وراء ما تسميه الخدمة الوطنية إلى أسرلة الشباب العربي وجعله يعمّق تماهيه مع الدولة، وهو الأمر الذي سنتصدى له ونقف له خطاً منيعاً بوحدة صفّ عربية تامة، حيث تجتمع على رفض هذه الخدمة كل الأطياف السياسية العربية، برغم اختلاف الاجتهادات والرؤى».
وزاد زحالقة، في مقابلة أجراها معه موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، «إننا سنعتبر كل من يتطوّع للخدمة الوطنية أجرب سيلفظه المجتمع العربي».
وناشد المطران عطا الله حنا رجال الدين المسلمين والمسيحيين والدروز باتخاذ موقف واضح من هذه الظاهرة. وقال «نجتمع في مدينة حيفا، وأن نرى أمامنا الراية الفلسطينية وأن نرى شبابنا وشاباتنا يعبّرون عن انتمائهم وأصالتهم ومحبتهم لأرضهم وبلدهم، فهذا مشهد نفتخر به ونعتز به أيضاً. لذلك، أنا أعتقد أن لقاءنا تعدى مسألة الخدمة المدنية، فأضحى عرساً».
بدوره، قال النائب ابراهيم صرصور «إننا شعب لا يركع ولا يخضع للمخططات المفروضة عليه، علينا الإعداد والتخطيط لبرامج ممانعة للعمل على تطوير المجتمع». أمّا الشيخ رائد صلاح فقال «نحن حركات سياسية ومؤسسات أهلية، قد لا نملك الإمكانات المالية المغرية التي تملكها المؤسسة الإسرائيلية، وقد لا نحاربها مالياً. ولكن مع عدم قدرتنا، إلا أنه واضح جداً أننا عندما نقول إن الخدمة المدنية ستؤدي الى الخدمة العسكرية والى عملية خلع الهوية الفلسطينية، فيكفي هذا التعريف ليكون لغة إقناع لنحارب الخدمة المدنية».
وكانت سلطات الاحتلال قد روّجت لـ«الخدمة المدنية» على أنها «خدمة مسالمة»، يتطوع من خلالها الشاب فترة عام أو اثنين، ثماني ساعات أسبوعية في مؤسسات مختلفة منها المستشفيات والمحاكم وبيوت المسنين، ويحصل في المقابل على هبات بخسة.