strong>محمد بدير
مرة أخرى، يحجز الحديث عن الاستعدادات السورية للحرب مكاناً بارزاً في الصحافة الإسرائيلية، حتى يكاد يخال لقارئ هذه الصحافة، منذ حرب تموز، أنه أمام نشرة دورية متخصصة بمتابعة آخر أخبار الجيش السوري على صعيد التسليح والتكتيك والتدريب وما إلى ذلك

ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس أن الجيش السوري يلجأ إلى تبنّي أساليب حرب العصابات، التي اعتمدتها المقاومة في لبنان خلال مواجهتها العدوان الإسرائيلي الصيف الماضي، في تدريباته وخططه القتالية. ومن بين هذه الأساليب، بحسب «معاريف»، التركيز على الدور القتالي لصواريخ «الكاتيوشا» في الحرب المقبلة.
وقالت الصحيفة إن «السوريين يراهنون على منظومة صاروخية كبيرة من صناعتهم يراوح مداها بين 45 و70 كيلومتراً، إضافة إلى صواريخ سكاد يبلغ مداها مئات الكيلومترات وتستطيع الوصول إلى أي نقطة في إسرائيل».
وفي معرض حديثها عن «التهديد الجديد على الجبهة الشمالية»، أشارت «معاريف» إلى أن «هذه المرة الأولى في العالم التي يقوم فيها جيش نظامي بتدريب قوات كبيرة على العمل بطريقة حرب العصابات، على أن يكون جيش العصابات الجديد جزءاً لا يتجزأ من الجيش السوري».
ويأتي القرار السوري بالتزود بآلاف صواريخ «الكاتيوشا»، التي تعدّ سلاحاً قديماً جداً، على خلفية استخلاص العبر من «حرب لبنان الثانية»، حيث «توصلت سوريا إلى استنتاج أن سلاح الجو الإسرائيلي نجح في مواجهة تهديد الصواريخ المتوسطة المدى والبعيدة لأن كل صاروخ كهذا بحاجة إلى منصة إطلاق كبيرة يمكن الطائرات أن تستهدفها من الجو، فيما لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الرد على صواريخ الكاتيوشا لأن منصاتها صغيرة ويصعب تحديد مكانها من السماء إذا وُضعت بين أشجار».
ولفتت «معاريف» إلى أن «الأجهزة المعنية في إسرائيل تتابع بتيقظ كبير هذه التطورات في سوريا بعد حرب لبنان الثانية خصوصاً منذ إعلان الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أيام على انتهاء الحرب، أن سوريا ستستعيد هضبة الجولان بالحرب إذا لم تنجح في استعادتها بالوسائل السلمية».
وأضافت الصحيفة أنه منذ ذلك الحين «ثمة أدلة كثيرة تشير إلى أن السوريين يستعدّون فعلاً لحرب محتملة مع إسرائيل»، ومن بين ما قاموا به «الحصول في العام الماضي على إرساليات كبيرة جداً من السلاح ممولة جزئياً من إيران. كذلك أطلقت سوريا ورشة لبناء بنىً تحتية شاملة في هضبة الجولان، هدفها إنشاء عوائق برية تصعّب على الجيش الإسرائيلي دخول الأراضي السورية». وإضافة إلى ذلك، تشهد مواقع الجيش السوري في الهضبة أعمالًا هدفها «تمكين القوات المرابضة فيها من خوض معارك انطلاقاً منها».
وأشارت «معاريف» إلى أن تقدير الاستعدادات السورية لا يزال موضع خلاف داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بين من يرى فيها إشارات إلى نيات هجومية ومن يراها تعبيراً عن مخاوف من احتمال هجوم إسرائيلي. وفي كل الأحوال، فإن التطور «المفاجئ جدّاً»، المتمثل باعتماد الجيش السوري «نموذج حزب الله كاملًا وإجراء تدريبات على حرب عصابات، زاد قلق الجيش الإسرائيلي».
وفي إشارة إلى أن عوامل قلق عسكر إسرائيل لا تتوقف فقط عند حدود إدخال «الكاتيوشا» إلى الخطط الحربية السورية، أشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال كان قد وجد صعوبة أيضاً في استخدام الدبابات والمدرعات داخل الأراضي اللبنانية خلال «حرب لبنان الثانية» بسبب تهديد الصواريخ المضادة للدروع التي كانت بحوزة المقاومة.
وأوضحت «معاريف» أن من المتوقع أن يعمل الجيش الإسرائيلي على إيجاد رد على «تهديد حرب العصابات المتبلور أيضاً على الجبهة السورية، إضافة إلى التهديد المماثل الذي نشأ منذ سنوات طويلة في لبنان من جانب حزب الله».