يديعوت أحرونوت ــ عوزي أراد
نتعرض في الآونة الأخيرة لموجة من الإبداع السياسي والمشاريع الكثيرة التي تطرح للتسوية الدائمة، وبينها مشروع الرئيس شمعون بيريز، الذي تبوأ مكانه إلى جانب مشروع (حاييم) رامون ومشروعي تسيبي لفني وإيهود أولمرت.
لم نشهد مثل هذه الوفرة من المشاريع التي تراهن على وضع نهاية للصراع، وفي بعض الأحيان، يبدو أنه كلما أصبحت الظروف السياسية والواقع أشد صعوبة ووطأة من ناحية احتمالية التوصل إلى التسويات، تزايدت الدافعية لاقتراح البدائل الجديدة.
بما أن غالبية مؤيدي هذه المشاريع يعترفون بأنفسهم بأنها بعيدة عن أرض الواقع وغير ذات صلة بالواقع الراهن، لا يزال السؤال الذي يُطرح دوماً مطروحاً: ما الذي يدفعهم، رغم ذلك، إلى صياغة الخطط وتسريبها كأنها جديدة؟
من الممكن أن يكون الدافع الأساسي هو «دافعية تصالحية» تغذي الخطط الجديدة في كل مرة. هذه الخطط التي تفرط في التنازلات أكثر من سابقاتها. وهكذا يعود الآن الرئيس إلى خطة جنيف التي أوغلت في تنازلاتها. منطق هذه الدافعية التصالحية واضح، وهو سائد بصورة خاصة عند من يعتقدون أن إسرائيل هي الجانب المعتدي أصلاً، وأن «الاحتلال» هو أساس كل الخطايا. لذلك ما لا يمكن تحقيقه من خلال التنازلات المفرطة سيتحقق بالتأكيد من تنازلات أكثر تفريطاً.
هناك أيضاً ادعاء يقول إن الوضع القائم ليس مسألة يمكن تحملها، وإن من الضروري ملء الفراغ بالأفكار حتى لا يبقى هناك فراغ سياسي. من هنا تأتي دافعية الفعل التي تدعي أن من الممكن تصنع حدوث نشاط يُشغل الجميع ببضاعة قديمة ومرفوضة: على سبيل المثال، المبادرة السعودية.
وهناك أخيراً الدافع الأكثر هزلية من بين كل الدوافع، والذي يُعوّل على أن المخلوقات على الأرض تحتاج إلى الأمل حتى لو كان فارغاً، ليصار إلى قطف الثمن السياسي المترتب على ذلك. إن أضرار مثل هذا التفكير ما زالت حية في أذهاننا من الماضيين القريب والبعيد.
مع ذلك، الشعور بعدم وجوب التسليم بغياب الفعل هو مسألة صحيحة بالتأكيد. من الضروري التحرك، إلا أن الفعل المطلوب ليس بث خطط وهمية هاذية، لا يوجد فيها شريك حقيقي. كما أن الفعل يجب ألا يكون تجنداً من أجل تعزيز قوة الخصم الفاشل من خلال الاعتقاد بأنه سيتحول إلى شريك بعد ذلك. العمل المنطقي الوحيد الذي نمتلكه كله في أيدينا هو ذلك الذي يرمي إلى تعزيز وضعنا نحن.
إسرائيل مطالبة بتعزيز قوتها حتى تتمكن من مواجهة الهزة التي تقترب منها. هناك الكثير مما يمكن فعله، وإدراك ذلك بحد ذاته هو مدعاة للتفاؤل. وحدها أوضاع العجز وانعدام إمكان الفعل، هي التي تسبب اليأس. عندما يكون هناك مجال واسع للفعل والعمل، ليس من الممكن عدم النظر إلى ذلك كتحدٍّ إيجابي.
التعاظم المطلوب يجب أن يحدث في كل المجالات والمسارات. وزير الدفاع إيهود باراك، تحدث منذ حين عن الأمور المختلفة في قدراتنا العسكرية التي يجب الارتقاء بها وتطويرها. كما أن لجنة «بروديت» قد أحسنت صنعاً عندما طالبت بزيادة الميزانية الأمنية المتعددة السنين. جيش الدفاع وجهاز الأمن سيضطران إذاً إلى زيادة نجاعتهما وقوتهما، إذا كنا ننوي الاستجابة الملائمة عسكرياً واستراتيجياً للتحديات التي تواجهها الدولة.
الجهود المطلوبة تستوجب السرعة والاستعجال القومي، اللذين لا يمكن أن يتوفرا من خلال بث الشعور بأن الأمور تسير كالمعتاد ومن خلال طرح المشاريع السياسية الوهمية. يبدو أن سياسة الوحدة القومية، فقط من خلال الشعور بالاستعجال والطوارئ، هي التي تتيح شد العزيمة والقوة المطلوبة. القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية المعززة هي وحدها التي تُمكّن إسرائيل من مواجهة العواصف الآتية، والتوصل إلى تسويات سلمية حقيقية عندما يحين الوقت.