يوسي بن أري
ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية هذا الأسبوع أن من المتوقع أن يحدد خبير ترسيم الأمم المتحدة، في الفترة القريبة، أن مزارع شبعا الواقعة على منحدرات جبل الشيخ، هي منطقة سيادية لبنانية، وأن المنظمة الدولية اقترحت على إسرائيل الانسحاب منها وتحويلها إلى منطقة دولية (على ما يبدو إلى حين نقلها إلى لبنان)، تحت سيطرة قوات اليونيفيل. ومن المتوقع أن يحظى هذا التحديد بموافقة سوريا، فيما رفضت إسرائيل اقتراح الأمم المتحدة، وتعمل على بلورة صفقة شاملة لتطوير القرار 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية، قبل سنة بالضبط.
وكان من المفترض أن يتضمن التقرير الدوري الأخير للأمم المتحدة الإشارة إلى أن المزارع منطقة لبنانية، لكن بسبب الضغوط الإسرائيلية تأجل نشر التقرير المقبل إلى شهر أيلول. وإذا كان هذا الكلام يعكس الواقع، بالفعل، فهو ليس إلا مؤشراً إضافياً إلى قصر النظر السياسي والإدارة العديمة الرؤية للحكومة الإسرائيلية منذ تلك الأيام التي سبقت نهاية الحرب، كما هي على مدى العام الأخير: إذ بدل أن تبادر الحكومة إلى خطوة تنهي الموضوع سياسياً، وبالتالي تعطي وتحصل على مقابل نوعي، فإن صناع القرارات أداروا الموضوع وفق اعتبارات سياسية، حيث إنهم (في حكومة إسرائيل) تجنبوا أي خطوة من شأنها أن تمس، لا سمح الله، «بنجاحات» إسرائيل في أعقاب الحرب. أو إن هذه الخطوة تعكس ـــــ لا سمح الله ـــــ إنجازاً لحزب الله. والنتيجة: لا شيء عملياً تحرك في شأن أدي غولدفاسر وإلداد ريغيف؛ وتبخرت فرصة ضرب مكانة حزب الله، في النسيج السياسي اللبناني والميداني. في هذه الأثناء، تسلح حزب الله من جديد بوسائل قتالية، وعاد إلى الوضع الذي كان عليه قبل الحرب (إن لم يتحسن بالقياس إلى ذلك) وأعاد ترتيب تشكيله التنظيمي الميداني؛ ونحن حالياً على وشك «التعرض للكمة شبعا في الوجه» ـــــ في ظل استنتاجات متوقعة للأمم المتحدة، والضغط الدولي الذي سيرافقها بالتأكيد، ستكون إسرائيل ملزمة بالانسحاب من المزارع، من دون أن يكون هناك أي التزام من أي طرف بتقديم تعويض لها على ذلك.
في الأسابيع الباقية إلى حين الإعلان الرسمي لنتائج خبير الترسيم، يمكن الحكومة الإسرائيلية أن تمسك بالخيوط والخروج بمبادرة سياسية جديدة تتضمن بنوداً في القرار 1701: تحول إسرائيل مزارع شبعا إلى وديعة لدى الأمم المتحدة وتعيد الأسرى اللبنانيين، في مقابل إعادة الجنديين الأسيرين والبدء فوراً بنزع سلاح حزب الله.
الواقع يفرض مساراً كهذا، إذ بالنسبة إلى إسرائيل أراضي مزارع شبعا ملك ميؤوس منه ولا أمل فيه، والأفضل أن نبادر نحن إلى إعادته لأصحابه بدل الانصياع إلى الإملاءات الدولية فنضطر عندها إلى انسحاب مخز من جانب واحد. هذا فضلاً عن أن انسحابنا من المزارع من شأنه أن يدحض ذريعة حزب الله للاحتفاظ بسلاحه.
ومعقولية أن تقوم القوات الأمنية اللبنانية بنزع سلاح المنظمة أعلى من أي وقت مضى (وبالتأكيد إزاء انتشار الجيش في جنوب لبنان والصلابة التي أظهرها في مكافحة الجهات الإرهابية في شمال الدولة)؛ وسيسهم القيام بالصفقة السياسية جداً في تحصين موقع الحكومة اللبنانية سيدةً على الأراضي اللبنانية؛ ومن الصعب الافتراض أن نصر الله سيتراجع عن التزاماته عبر القيام بعملية تبادل ثنائية للأسرى. وبعد سنة على الحرب، لن يكون ذلك فقط عملاً رمزياً، بل أيضاً خطوة إنسانية فعلية للحكومة في مقابل المخطوفين، المشتاقين إلى العودة إلى أعزائهما. وحتى لا يرى رئيس الحكومة هذه الميزة السياسية والشخصية، ينبغي أن يكون اعمى. ويمكن أن يؤمن له ذلك «خشبة خلاص» جديدة، تسهل عليه الوضع القاسي الذي يواجهه تمهيداً لنشر التقرير النهائي لفينوغراد.