علي حيدر
لقي تقرير مراقب الدولة المتعلق بإخفاقات الجبهة الداخلية خلال الحرب الأخيرة على لبنان، ردود فعل واسعة شملت كل ألوان الطيف السياسي في إسرائيل، كان أبرزها تلك الصادرة عن المعني الأول بها، رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، الذي حاول تغيير وجهة التقرير من خلال التركيز على العامل الشخصي من جهة، وعلى مسؤولية الحكومات السابقة من جهة ثانية، مع إقراره وغيره من المسؤولين بحقيقة الإخفاق الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالجبهة الداخلية.
وكان مكتب أولمرت والجيش الإسرائيلي استعدا كلٌ على حدة لإدارة صراع إعلامي ضد مراقب الدولة، ميخا لندنشتراوس، قبل نشر تقريره، حيث صدرت عن الجانبين في الأيام الماضية انتقادات حادة تتعلق بالاعتبارات التي حكمت عمله، والمعطيات والاستنتاجات التي توصل إليها، وكذلك باللهجة التي قرر صياغة تقريره بها.
وفي معرض رده على التقرير، نُقل عن أولمرت قوله لمقرّبيه إن مراقب الدولة «ألقى على الحكومة مشاكل 15 عاماً». وردّ مكتب أولمرت على التقرير بتوجيه هجوم شديد إلى لندنشتراوس، معتبراً أن التقرير «مغرض وسطحي». وأوضح أن «التلخيص، هكذا بدا، يعكس المواقف الشخصية والخاصة لمراقب الدولة تجاه عدد من الأشخاص وفي مقدمتهم رئيس الوزراء، ويتسم بمناكفة سطحية ومندفعة نمت لدى كتابته التقرير النهائي ولم ترد في مسودة التقرير التي تسلمناها لمعاينتها. ومراقب الدولة، كعادته، يطلق النيران في جميع الاتجاهات من أجل الحصول على عناوين بارزة وإقامة صدى جماهيري».
وأضاف مكتب أولمرت إن «عملية اتخاذ القرارات بخصوص شن الحرب اهتمت بمنح وزن كبير للهجوم المتوقع على الجبهة الداخلية من أجل الاستعداد لها، وعندما اتخذ القرار، صدرت التعليمات المناسبة للوضع، كما تؤكد ذلك محاضر المداولات في الحكومة. ورغم ادّعاء المراقب أن موضوع الجبهة الداخلية لم يبحث في اجتماعات الحكومة، وأن قرارات مركزية اتخذت بشكل متسرع... فإنه يمكن التأكد من محاضر وتلخيصات المداولات أن الحكومة بحثت في اجتماعاتها موضوع الجبهة الداخلية بشكل واسع».
ودافع مكتب أولمرت عن موقفه بالقول إن «رئيس الوزراء ومدير مكتبه عملا وفقاً للمعطيات التي عُرضت أمامهما وفي ضوء تقويم الوضع الذي أجرياه مع جميع الجهات المهنية ذات العلاقة واتخاذ القرارات في مجال الجبهة الداخلية خلال حرب لبنان الثانية».
واعتبر رد أولمرت أن «مكتب رئيس الوزراء يرى أن هيئة حالات الطوارئ بجميع أقسامها عملت بالقدر المطلوب في الحرب ولم تكن هناك أي أهمية عملية لإعلان تفعيلها بشكل كامل».
بدوره، صدر عن مكتب وزير الدفاع إيهود باراك بيان أفاد بأنه «يتعامل بكل جدية واحترام مع التقرير، وأنه ينوي دراسته في الأيام القريبة، وأنه كلّف نائبه متان فلنائي، تركيز العمل لمعالجة الخلاصات والتوصيات».
وعقّب الناطق العسكري الإسرائيلي على التقرير بالقول إنه «مع انتهاء حرب لبنان الثانية، وفي إطار عملية استخلاص العبر من جانب الجيش الإسرائيلي، أجرت قيادة الجبهة الداخلية تحقيقاً شاملاً وغير مسبوق تم بعده استخلاص عبر كثيرة شملتها خطة عمل للعام 2007 وهي الآن قيد التطبيق». وأضاف إن «التوصيات في تقرير المراقب متقاربة جميعها تقريباً مع التحقيقات العسكرية، وعلى ضوء ذلك يمكن القول إن هدف التقرير تم تحقيقه قبل نشره».
أما رئيسة الكنيست داليا إيتسيك فقالت من جهتها إنها ترى أنه لا يمكن تحميل حكومة أولمرت مسؤولية كل الإخفاقات. كما برّأت المراقب من التهم الشخصية التي وُجهت إليه، وقالت «ليس لدي انطباع بأن المراقب يلاحق رئيس الوزراء» كما يدّعي أولمرت باستمرار، «وكلنا مذنبون، والكنيست تقدم الشكر للمراقب».
وتوقف العديد من شخصيات المعارضة عند خطورة تقرير لندنشتراوس، إذ قال رئيس لجنة مراقب الدولة في الكنيست، زفولون أورليف، إن «أي مناورة تهدف الى تقويض مؤسسة مراقب الدولة لن تطمس الإخفاقات الشديدة للحكومة، ولن تنقذ رئيس الحكومة من ضرورة تحمل المسؤولية واستخلاص العِبر الشخصية»، ورأى أورليف أن هذا التقرير من التقارير الخطيرة في تاريخ إسرائيل.
أما رئيس كتلة الليكود في الكنيست، جدعون ساعر، فقال إن «إخفاقات الحكومة في هذا الموضوع معروفة لكل مواطن في الدولة، والأسوأ من ذلك هو أنه لم يحصل شيء لإصلاحها طوال السنة التي مضت منذ انتهاء الحرب».
وقال عضو الكنيست اليميني، أريه ألداد، إن أولمرت وحكومته فشلا فشلاً ذريعاً في معالجة الجبهة الداخلية. وشبّه ألداد أولمرت بأنه «مثل حادث طرق تاريخي تعرضت له إسرائيل، وكلما أسرعنا في التخلص من السائق القاتل زادت فرص إصلاح الأمور».