عوزي أراد
يحلّق الخيار السوري في الجو منذ انتهت حرب لبنان الثانية. في المدة الأخيرة، تم نشر أن رئيس الحكومة بدأ يتحرّاه، وفي هذه الأيام نُشر أيضاً أن جهات في الجيش هي التي تدفع الى المضي نحو التفاوض متخوفةً من تدهور عسكري اذا لم يتم فعل ذلك. اذا كان ما نُشر صحيحاً، فإن دراسة الخيار السياسي مع سوريا تنطلق الآن من أسباب سيئة. إن إثارة الخيار السوري غداة حرب لبنان تبدو كأنها ناشئة عن الحاجة الى إيجاد عملية سياسية كسبيل لإحراز الهدوء. ثمة بديل عن «خطة الانطواء»: اذا لم يكن هناك انسحاب في الضفة، فلننسحب من الهضبة. هذا الدافع هو باعث غامض ويُحدث انطباع الحاجة الى التنازلات لشراء الهدوء.
إن الحثّ على التفاوض من جانب جهات في الجيش تتخوّف من حصول تصادم مسلح مع سوريا، لا يقل غموضاً. يُثبت هذا التوجه فقدان الردع، وهو نتيجة مشوهة للحرب الأخيرة. اذا كانت التقارير صحيحة، فإن جهات في الجيش، الذي تقع عليه مهمة تأمين الحماية والردع والحسم، تلمّح الى أنها غير قادرة على فعل ذلك وأن توصيتها هي المضي نحو التفاوض.
في الحالتين، الترويج للخيار السياسي يدل على تفكير يُخطئ الهدف. الدافع السياسي يدلّ على مزاج مصالحة، والدافع العسكري، في ظاهر الأمر، يدلّ على مزاج خوف أو رعب. وهما معاً يضعان إسرائيل في نقطة دونية في عملية المساومة. اذا دخلت اسرائيل المفاوضات على هذه الحال، فإنها قد تخطئ أهدافها. قد تكون أخطار الفشل آنذاك أشد من أخطار عدم دخول التفاوض.
المضي الآن الى مفاوضة سوريا خاطئ لأسباب أخرى: الدونية في القدرة على المساومة لن تنعكس فقط في سلب اسرائيل القدرة على التوصل الى تسوية تخدم مصالحها الأمنية والاستيطانية في الهضبة، بل إن الموقف الوحيد الذي ستستطيع إسرائيل تبنّيه بسبب دونيتها سيكون قبول كامل المطالب السورية. كما أن هذه الدونية ستسلبها أيضاً القدرة على إحداث التحوّل الذي يدّعي أنصار التفاوض أنه سيكون نتيجة التسوية وهو انفصال سوريا عن علاقاتها الاستراتيجية بإيران.
فمن أجل فصل سوريا عن إيران، يجب تقديم حوافز لا تستطيع اسرائيل تأمينها. لا يوجد لافتراض الفصل بين سوريا وايران الآن أسس يرتكز إليها، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، تحتاج اسرائيل الى قوة مساومة والى مساعدة دول اخرى. وعلى ذلك، فإن المضيّ الأحادي الى التفاوض سيُفضي الى الفشل مرة أخرى.
لا يتم الدخول إلى المفاوضات تحت الخوف ولا تحت النار. ناهيك عن أنه من الضروري أيضاً أن تكف سوريا عن محاربتها اسرائيل على نحو غير مباشر من خلال حماس وحزب الله.