علي حيدر
تسعى إسرائيل إلى «استغلال الفرصة» للقضاءعلى حركة «حماس» في قطاع غزة، الذي أوقفت تزويده بالوقود، وبدأت تُعدّ الخطط العسكرية لاجتياحه،في خطوة اشترطتها باستفزاز فلسطيني، بعد عزله كلياً عن الضفة، في محاولة تستهدف تفجير الوضع بمن في داخله

رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أمس، أن التطورات التي شهدها قطاع غزة، بسيطرة حركة «حماس» عليه، أدّت إلى «نشوء واقع جديد لم نشهد مثيلاً له»، مشدداً على عزم الحكومة الإسرائيلية على «استغلال هذه الفرصة» بكل ما تمتلك من قوة، ومضيفاً أن «وضع السلطة الفلسطينية الواضح جداً بالنسبة لنا منذ فترة طويلة أصبح الآن واضحاً بنظر المجموعة الدولية والفلسطينيين أنفسهم أيضاً، وهذا هو سبب هذه الفرصة».
وقال أولمرت للصحافيين قبيل توجّهه إلى الولايات المتحدة، «إن إسرائيل ستعترف بحكومة فلسطينية لا تضمّ وزراء من حماس»، واصفاً حكومة كهذه بأنها «شريك سنتعاون معه».
وذكرت مصادر سياسية أن أولمرت سيعرب، خلال لقائه مع الرئيس الأميركي جورج بوش غداً، عن موافقته، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على نشر قوات دولية في بعض مناطق قطاع غزة، وخاصة على محور فيلادلفي «بهدف مراقبة تهريب الأسلحة ومنعها»، وفي مناطق لا يؤثر وجود تلك القوات على عمليات جيش الاحتلال في القطاع مثل المنطقة الشمالية، التي تُطلق منها الصواريخ.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر سياسية مقربة من أولمرت، إنه في ضوء المستجدات في غزة، وبعدما ثبت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير قادر على فرض سيطرته على القطاع «أمام المتطرفين»، وبما أن إسرائيل لم تدخل وحدات إليه لمساعدته، لم يبق إلا أن تقبل الحكومة الإسرائيلية بنشر قوات دولية فيه في أسرع وقت ممكن. لكن مصادر أخرى ترافق أولمرت إلى الولايات المتحدة، قالت إنه لا احتمال لتنفيذ طلب نشر قوات دولية عند محور فيلادلفي لأن «المصريين لن يوافقوا على وجود قوة دولية على حدودهم، كما أن حماس لا توافق على ذلك».
بدوره، قال أحد مساعدي أولمرت، إنه سيبحث مع بوش كيفية «تمكين المعتدلين»، بعدما أطاحت «حماس» حركة «فتح» من قطاع غزة. وذكرت «هآرتس» أن أولمرت سيقول لبوش إنه يجب منع صعود «حماس» في الضفة الغربية، حيث من المهم أن تواصل «العناصر البرغماتية» في السلطة الفلسطينية ممارسة الضغط الكبير عليها.
وتشير التقارير الإعلامية الإسرائيلية إلى أن بوش وأولمرت سيبحثان أيضاً في عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية وتكريس وجود حكومتين فلسطينيتين. وسيناقش الرجلان طرح «بوادر حسنة» يعتزمان اتخاذها وتشمل تسليم عباس جزءاً من عائدات ضرائب السلطة الفلسطينية التي تحتجزها إسرائيل واستئناف الولايات المتحدة تقديم المعونات للرئيس الفلسطيني. وقال المصدر الإسرائيلي نفسه إن «الأميركيين سارعوا إلى تبنّي (سلام) فياض، ونحن نشهد حرباً بين القوى المختلفة في مناطق السلطة الفلسطينية».
وفي السياق، نقلت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن وزير الدفاع الجديد، إيهود باراك، يخطّط لشنّ حملة عسكرية على «حماس» في قطاع غزة، حيث سيشارك في الحملة 20 ألف جندي، وتهدف إلى «القضاء على قدرات حماس العسكرية خلال أيام». وأوضح أن ذريعة الحملة ستكون استمرار إطلاق الصواريخ على إسرائيل أو تجدّد العمليات داخل الخط الأخضر.
وذكرت الصحيفة أيضاً، أن باراك، الذي سيتسلّم منصبه اليوم، طلب من جيش الاحتلال خطة مفصلة يشارك فيها لواءان مدرعان ولواء مشاة بتغطية مروحيات وطائرات حربية. ونقلت عن مصدر مقرب من باراك قوله إن إسرائيل لا يمكنها أن تقبل بدولة «حماستان» على حدودها، وأن «حملة عسكرية عليها تبدو حتمية».
في المقابل، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن إسرائيل لن تدخل إلى غزة إذا لم تطلق حماس النار عليها. وأضاف أن الدولة العبرية «لن تتحمل كذلك مسؤولية مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون في القطاع»، داعياً «دول العالم إلى أن تشارك في ذلك»، وموضحاً: «لن نعود إلى الإدارة المدنية المباشرة».
بدوره، وجّه رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، أصابع الاتهام إلى القيادة السياسية الإسرائيلية وحمّلها مسؤولية «ما حصل في قطاع غزة». ورأى أن «انسحاباً متسرعاً من لبنان وقطاع غزة، فتح المجال للنفوذ الإيراني»، وأن خطوات الحكومات الإسرائيلية والانسحابات أوجدت تهديداً إرهابياً إسلامياً واحداً في لبنان وآخر في غزة، محذراً من أن إسرائيل لن تتعايش مع «قاعدة إيرانية» قرب تل أبيب وبئر السبع.
وعزا نتنياهو عدم حصول «انقلاب» في الضفة الغربية مثلما حصل في قطاع غزة، الى وجود الجيش الإسرائيلي في الضفة. وقال إنه يجب الشروع في الحوار مع الحكومة الفلسطينية الجديدة «التي لا تشمل ممثلين عن حماس»، معتبراً أن «حكومة حماس ليست شريكة في الحوار، بينما حكومة أبو مازن يمكنها أن تكون شريكة، ونرغب في أن نراها تتعزز وتقوى».
أما وزير البنى التحتية، بنيامين بن إلعيزر، فقال لإذاعة الجيش، «يجب وقف كل المساعدات للقطاع، سأوقف كل شيء إلى حين معرفة ما الذي يدور هناك. يجب تعميق الفصل بين غزة والضفة الغربية، وإغلاقهما كلياً، والمنفذ الوحيد الذي يجب إبقاؤه هو باتجاه رفح».
كذلك قال رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، تساحي هنغبي، إن إسرائيل «ستشنّ عاجلاً أو آجلاً هجوماً على قطاع غزة الذي أصبح قاعدة إيرانية». لكنه استبعد أن تنفّذ هذه العملية «فوراً».
وفي السياق، قدّرت محافل أمنية رفيعة المستوى أنه «في غضون بضعة أيام سيكون في وسع حماس أن تستغلّ سيطرتها على محور فيلادلفي كي تُدخل إلى قطاع غزة كمية كبيرة من الأسلحة، وربما أيضاً وسائل قتالية لم تكن بحوزتها حتى الآن».
وتتركز مخاوف الجيش الإسرائيلي خصوصاً على إدخال صواريخ كاتيوشا بعيدة المدى وصواريخ مضادة للطائرات، يمكنها أن تضرب مدناً عديدة في جنوب إسرائيل وتشلّ حركة المطارات في المنطقة.
الى ذلك، أوقفت شركة «دور ألون» الإسرائيلية أمس تزويد قطاع غزة بالوقود، الذي كان يتم نقله بواسطة حاويات عبر معبر المنطار. وتشير تقديرات وزارة البنى التحتية الإٍسرائيلية إلى أن مخزون الوقود في قطاع غزة يكفي السكان لمدة أسبوعين على الأقل.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن خطوة الشركة منسقة مع الجيش ووزارة الدفاع والأمن.
يُشار إلى أن هذه الشركة كانت المزود الرئيسي للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية بالوقود والغاز منذ عام 1994، بحسب اتفاقية مع السلطة الفلسطينية. إلا أنه منذ مطلع العام الجاري، عقدت السلطة الفلسطينية اتفاقاً مع شركة «باز» لتزويدها بالوقود في الضفة الغربية، وبقيت «دور ألون» مزودة فقط لقطاع غزة.