strong>علي حيدر
أولمرت يحضّ «المعتدلين» على الابتعاد عن «حماس»... وليفني تلمح إلى الإفراج عن عائدات الضرائب

جدّدت إسرائيل أمس إعلان نيتها عزل قطاع غزة وتضييق محاصرته، فيما طالبت الدول العربية «المعتدلة» بالابتعاد عن «حماس» وتشجيع الفلسطينيين على العمل في اتجاه السلام تحت قيادة عباس.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، «سنأخذ في الحسبان الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة. لن نتدخل ولن ندخل قوات إلى قطاع غزة، لكننا لن نقف جانباً ونراقب إعدام الأبرياء».
وفي محاولة للظهور بالمظهر الانساني إزاء الوضع في قطاع غزة، شدّد أولمرت على أن إسرائيل «ستعمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حل للمشاكل الإنسانية في القطاع». وقال أحد مرافقي أولمرت إنه قرر «أن تستمر إسرائيل في تزويد الكهرباء والماء والخدمات الطبية، وستسمح بدخول المعونات الإنسانية عن طريق المعابر من خلال مؤسسات إنسانية دولية».
وحاول أولمرت تسويق الرؤية الإسرائيلية للتعامل مع حركة «حماس»، عندما قال إن الأحداث الأخيرة أثبتت أن إسرائيل كانت «على حق» في تعاملها مع حكومة الوحدة الفلسطينية. وعمد إلى محاولة قطع الطريق على أي مبادرة دولية أو عربية لإعادة اللحمة إلى حكومة الوحدة الوطنية بالقول «على المجتمع الدولي ألّا تغويه حلول وقف إطلاق النار التي من شأنها أن تعيد «فتح» و«حماس» إلى الحكومة نفسها».
ومن أجل ضمان عدم سيطرة «حماس» في المستقبل على الضفة، دعا أولمرت عباس إلى «الاستمرار في تعزيز قوته وقدراته في الضفة الغربية، من أجل ضمان عدم حدوث ما حدث في غزة». وأضاف أنه «يتعين على أبو مازن أن ينتهج سياسة صارمة ضد حماس. وستتعاون إسرائيل مع أي حكومة فلسطينية تلبّي مطالب اللجنة الرباعية». وتابع «إنني شخصياً أعتقد أنه في ظل الظروف الجديدة ومع تعاون أكبر بكثير بيننا وبين الحكومة الفلسطينية، نستطيع الذهاب بعيداً أكثر من الماضي».
ونقل مساعد أولمرت عنه قوله للأمين العام للأمم المتحدة «في إمكاننا توقع تغيير مثير في عبور الفلسطينيين وتنقّلهم في الضفة الغربية». وشدّد على أن «إسرائيل ستكون شريكاً جاداً إذا كان هناك شريك جاد في الضفة الغربية. وستعطي إسرائيل أموال الضرائب العائدة للسلطة الفلسطينية التي حجزتها إلى حكومة جادة ومسؤولة».
وبرّر أولمرت حجز الأموال عن الشعب الفلسطيني بأنه لم يكن يريد أن «تأخذ حماس تلك الأموال أو أن تُستخدم في عمل إرهابي».
وكان أولمرت قد صرّح، خلال مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، بأنه «آن الأوان للبحث بصدق وانفتاح وسخاء في معاناة الفلسطينيين التي تتواصل لسنين طويلة كجزء من الصراع». وأكد «نريد المساهمة في معالجة هذه المسألة بطريقة تحول دون نشوء معاناة أخرى». ورسم سقفاً لمعالجة هذه القضية بالقول إن «أي لاجئ فلسطيني أو أحد أحفاده لن يستطيع العودة إلى إسرائيل».
بدورها، شدّدت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني قبل توجهها إلى بروكسل ولوكسمبورغ للقاء وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، على أن إسرائيل تريد التفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعزل «حماس» بعد سيطرة هذه الحركة على كل قطاع غزة.
وقالت ليفني للإذاعة الاسرائيلية «نريد التوصل إلى اتفاق مع عباس والفلسطينيين المعتدلين، ولا بد من المرور بمراحل مختلفة لضمان أن الدولة الفلسطينية المستقبلية لن تصبح دولة إرهابية»، مضيفة: «من جهة أخرى ينبغي عدم السماح بإعطاء شرعية لحركة حماس ومن المهم أن يواصل المجتمع الدولي ممارسة ضغوطه عليها».
وقالت الوزيرة الاسرائيلية إن «حماس ترتكز على إيديولجية دينية متطرفة ترفض وجود اسرائيل. اليوم، وبعد الذي جرى في قطاع غزة، باتت نظرة المجتمع الدولي إلى حماس أكثر وضوحاً».
وأضافت «ان اسرائيل تستخلص العبر من هذا الواقع، ومن حقها الدفاع عن نفسها. سنبقي إصبعنا على الزناد وسنواصل معركتنا على الإرهاب».
وبعد وصولها الى لوكسمبورغ، أعلنت ليفني أن إسرائيل مستعدّة للعمل مع حكومة فلسطينية ملتزمة بحل «دولتين لشعبين»، وأنها ستوافق على الإفراج عن عائدات الضرائب العائدة للسلطة الفلسطينية المجمدة في إسرائيل، وإعادتها إلى حكومة الطوارئ التي أعلنها عباس.
وعمّمت سلطات الجمارك الإسرائيلية على وكلاء الجمارك رسالة تقضي بمنع تحرير بضائع وشحنات تصل عبر معابر وموانئ ومطارات في الدولة العبرية وغايتها قطاع غزة. وجاء في الرسالة أنه «في ضوء التطورات الأخيرة في قطاع غزة وإغلاق المعابر بينه وبين إسرائيل فإننا نبلغكم أنه لا يُسمح بتحرير شحنات غايتها القطاع حتى صدور إعلان جديد».
وأشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن قضية المعابر مع قطاع غزة ستحتل أولوية لدى وزير الدفاع الجديد إيهود باراك، حيث تم في الجيش بلورة سياسة تدعو إلى تطويق القطاع والسماح بإدخال المواد الأساسية فقط بهدف «منع إدخال السلاح الإيراني المتطور لحماس» مثل الصواريخ بعيدة المدى.
وأعلنت متحدثة باسم شركة «دور آلون» الإسرائيلية للغاز، أن إسرائيل استأنفت إمدادات الوقود إلى قطاع غزة أمس.
وكانت الشركة قد قررت في وقت سابق وقف شحناتها من الوقود إلى قطاع غزة، الأمر الذي أثار تحذيرات من نشوب أزمة إنسانية ومخاوف من أن غزة ستنفد مخزوناتها من الغاز والوقود خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة.


على المجتمع الدولي ألّا تغويه حلول وقف إطلاق النار التي من شأنها أن تعيد «فتح: و«حماس» إلى الحكومة نفسها. وعلى عباس الاستمرار في تعزيز قوته وقدراته في الضفة الغربية، من أجل ضمان عدم حدوث ما حدث في غزة