محمد بدير
اتّجاه «عمّالي» لاشتراط استقالته مقابل البقاء في الحكومة


تحولت المهمة الأساسية لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت إلى ترميم التصدعات التي أحدثها تقرير فينوغراد في بنيان ائتلافه الحكومي. إلا أنه، بعدما نجح في كبح حركةالتمرد التي لاحت بوادرها داخل حزبه، كديما، يجد نفسه في مواجهة «سيناريو مرعب»، يتمثل في الجنوح المتزايد داخل حزب العمل نحو الانسحاب من حكومة برئاسته. وقد أخذ هذا الجنوح داخل صفوف الشريك الرئيسي في الائتلاف الحاكم منحى أكثر زخماً مع خروج أحد أبرز المرشحين لرئاسة الحزب، إيهود باراك، عن صمته وإعلانه، عبر مقربين منه، استبعاد مشاركته، في حال فوزه بزعامة الحزب، في الحكومة.
ومن المقرر أن يعقد المجلس المركزي لحزب العمل مؤتمراً الأحد المقبل لبتِّ استمرار المشاركة بحكومة أولمرت في أعقاب الإدانات الصريحة بالفشل التي أصدرها بحقه تقرير فينوغراد. وكان ثلاثة من المرشحين الخمسة لرئاسة الحزب، أوفير بينيس، وعامي أيالون وداني ياتوم، قد حسموا أمرهم بالنسبة إلى هذا الاستحقاق وأعلنوا موقفاً صريحاً يؤكد ضرورة استقالة أولمرت من منصبه إذا رغب حزب كديما في استمرار شراكة حزب العمل في الحكومة. بيد أن صمت كل من باراك وعامير بيرتس، وهما المرشحان الأبرز في الانتخابات الرئاسية لحزب العمل المقررة في 28 الشهر الجاري، دفعا أولمرت نحو الاطمئنان إلى إمكان استمرار الشراكة مع حزب العمل.
ومن المعلوم أن خروج حزب العمل، بنوابه التسعة عشر، من الائتلاف الحكومي الذي يعد 78 نائباً، سيفقده الغالبية البرلمانية المطلوبة لاستمراره في الحكم، إذ إنه سيبقيه مع قاعدة برلمانية تقتصر على 59 نائباً، أي أقل من نصف العدد الإجمالي لأعضاء الكنيست. والحقيقة أن “ العمل”، برغم تبلور الاتجاه المؤيد للانسحاب من الحكومة داخله، يتخوف من أن تقود هذه الخطوة، في حال تحققها، إلى انتخابات نيابية مبكرة تدل كل المؤشرات على أن الغلبة فيها ستكون من نصيب حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو.
وأولمرت، الذي يدرك هذه المخاوف، يستخدمها ورقة رابحة رئيسية، إن لم تكن وحيدة، في مواجهة محاولات التمرد التي يواجهها، حيث يسعى إلى تقديم استقالته أو إطاحته عن رئاسة الوزراء على أنها ذهاب نحو انتخابات عامة لن تكون نتائجها لمصلحة أي من الأحزاب المشاركة في الحكومة. كما يراهن أولمرت على المصلحة الشخصية لكل من المتربصين به في بقائه فترة أخرى في الحكم ريثما يتمكنون من تحسين أوضاعهم التنافسية، سواء داخل أحزابهم أو على منصب رئاسة الحكومة.
وهذا هو في الواقع حال وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، التي سارعت إلى إعلان الهدنة، أول من أمس، من خلال اتفاق على التعاون بينهما وبين أولمرت بعد لقائه في اجتماع ثنائي. كذلك هو حال إيهود باراك، الذي كان يخطط لتعزيز مكانته الشعبية من خلال تبوّء منصب وزارة الدفاع في حكومة أولمرت، تمهيداً لصرف هذا الرصيد الشعبي في مقارعة بنيامين نتنياهو.
والاعتبارات نفسها تحكم الوزراء الكبار في حزب كديما، الذين يرون في أنفسهم مرشحين لوراثة أولمرت. ويفضل هؤلاء انتظار تقرير لجنة فينوغراد النهائي، المتوقع صدوره منتصف الصيف المقبل، الذي سيكون كفيلاً بإسقاط أولمرت من دون الاضطرار إلى خوض مواجهة مباشرة معه قد تؤدي إلى استنزاف طاقاتهم ومواقعهم الحزبية. الآن ليفني الأكثر شعبية نزلت من موقعها العالي، وشمعون بيريز مرشح تسوية، يجب عليه أن يقرر قريباً إذا كان يريد الترشح لرئاسة الدولة، أو انتظار سقوط أولمرت على أمل أن يتولى رئاسة الحكومة.
إلى ذلك، أفلح أولمرت أمس في صد 3 مذكرات حجب ثقة عن حكومته في الكنيست، تقدمت بها أحزاب معارضة. وتغيب بعض أعضاء الكنيست العماليين عن التصويت، فيما امتنع آخرون، وهو ما رأى فيه مراقبون مؤشراً على وجهة الأمور داخل حزب العمل.