علي حيدر
اتسمت الجلستان اللتان عقدتهما الحكومة الاسرائيلية والمجلس الوزاري المصغر تباعاً أمس لمناقشة سبل الرد على استمرار اطلاق صواريخ «القسام» من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، بانقسام المستويين السياسي والعسكري حول الموقف من شن عدوان عسكري واسع على القطاع

بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة من عرض التقارير الامنية والنقاشات السياسية، اكتفى المجلس الوزاري بقرار بزيادة بسيطة في العمليات العسكرية في القطاع، على أن تجرى جولة جديدة من المحادثات في هذا الشأن خلال الاسبوع المقبل. ورجحت التقارير الاعلامية الاسرائيلية عدم وجود غالبية وزارية مؤيدة لشن عملية عسكرية واسعة في القطاع في ضوء مواقف كل من حزبي كديما والعمل.
وقرر المجلس الوزاري المصغر البدء بحملة سياسية لمواجهة عمليات تهريب الاسلحة الى قطاع غزة، باعتبارها «مثيرة للمشاكل الامنية في القطاع». وقرر المجلس طرح مشكلة تهريب السلاح في اللقاءات التي يعقدها المسؤولون الاسرائيليون مع ممثلين من المجتمع الدولي، ووصفها بأنها عامل معزز لحركة «حماس» والتطرف في القطاع، على حساب حركة «فتح».
وكان رئيس الوزراء إيهود اولمرت قد طلب، في بداية الجلسة، من الوزراء إطفاء الهواتف المحمولة وفصل البطاريات عنها، من اجل الحؤول دون امكان التنصت الالكتروني.
وقدم طاقم من كبار الضباط، ضم رئيس الاركان غابي اشكنازي، ونائب رئيس الاركان موشيه كابلينسكي، ورئيس الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين، ورئيس وحدة الابحاث يوسي بايدتس، امام اعضاء المجلس، بدائل مفصلة للعمليات البرية داخل القطاع، سواء من حيث قوتها او أحجامها المختلفة. واستمر العرض اكثر من ساعة ونصف، وجه الوزراء خلالها اسئلة محددة تتعلق بالخطط المقترحة.
وانقسمت المنظومة الامنية الى موقفين متعارضين، الجيش يؤيد توسيع العمليات العسكرية (رغم عدم وجود توافق داخله) فيما يعارض «الشاباك» ذلك.
وتخشى قيادة المنطقة الجنوبية من ان تكون «حماس» قد استغلت الهدوء النسبي الذي ساد الجبهة الجنوبية في الاشهر الاخيرة، من اجل تهريب كميات كبيرة من الاسلحة الى داخل القطاع او لتدريب مقاتليها. وترى هذه القيادة أن الدمج بين التدريبات المنظمة والوسائل القتالية المتقدمة من الممكن ان يضع جيش الاحتلال أمام تحدّ لا سابق له اذا تقرر تنفيذ عملية عسكرية واسعة في عمق قطاع غزة. وهي تؤكد أنه كلما جرت المواجهة في وقت ابكر تقلصت الاخطار على القوات العاملة. وتدعو أيضاً الى ضرورة انتقال الجيش الى الهجوم في اقرب وقت ممكن لأن «حماس» تسعى إلى القيام بعمليات خطف اخرى عبر حفر أنفاق الى داخل الاراضي الاسرائيلية، مشيرة إلى أن ضرب البنى التحتية لـ «حماس» في القطاع سيساعد «فتح» في التغلب عليها.
أما الشاباك فيرى من جهته أنه لا حاجة إلى التدخل في الصراعات الفلسطينية الداخلية. ويقدّر أن اضرار العملية الواسعة في القطاع ستكون اكبر من فوائدها لأنها يمكن ان تؤدي الى انهيار المؤسسات المدنية للسلطة الفلسطينية. والسبب الاساسي الذي ينطلق منه «الشاباك» في معارضته لعدوان واسع هو الخشية من أن الجيش سينسحب في نهاية الامر من القطاع، وعندها سترمم «حماس» قدراتها بسرعة ويصبح الوضع اسوأ مما هو عليه الآن. وفي كل الاحوال، يعتقد الشاباك انه لا يمكن، حالياً، منع «حماس» من السيطرة في القطاع عبر عملية عسكرية.
وكان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس حزب شاس ايلي يشاي قد قال، قبل بدء الاجتماع، إنه يؤيد شن عملية عسكرية محدودة في القطاع ويعارض عملية واسعة «تضع مقاتلي الجيش الإسرائيلي في خطر لا ضرورة له». في المقابل، اعرب وزير البنى التحتية بنيامين بن اليعزر عن معارضته الشديدة لشن عملية عسكرية برية في القطاع لأنها ستؤدي إلى «بقاء القوات في القطاع لأشهر طويلة وليس لحملة كهذه أي هدف».
وتساءل بن اليعزر، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، «ما الذي ستحققه من ذلك؟ هل ستحل المشكلة إذا دخلت وسيطرت على جزء من القطاع؟ إن الناس يطلقون الصواريخ من داخل بيوتهم ومن ساحات المدارس». لكنه أضاف «يمكن توسيع سياسة الاغتيالات لتشمل القادة السياسيين من دون أي رحمة».
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية ورئيس حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان ووزير الأمن الداخلي افي ديختر قد عبرا في الايام الماضية عن تأييدهما لشن حملة عسكرية واسعة في القطاع، فيما عبرت غالبية أعضاء حزبي كديما والعمل عن معارضتها لتنفيذ حملة عسكرية كهذه.
ونقلت اذاعة الجيش عن وزير الدفاع عامير بيرتس قوله إن تنفيذ عملية برية في القطاع هو خيار اخير. وأوضح انه «ليس مطلوباً بالنسبة لاسرائيل أن نكون في غزة مع فرق عسكرية وندير مدارسهم ومياه الصرف الصحي».
واستبعد وزير المواصلات شاؤول موفاز إقدام اسرائيل على تنفيذ عملية كهذه، ودعا الى استئناف عمليات «التصفية المحددة» التي تستهدف مقاومين فلسطينيين.
اما وزير الاستيعاب زئيف بويم، فقال «لم اكن لأقترح احتلال غزة بكاملها، على شاكلة عملية السور الواقي. لكن بين السور الواقي وعدم فعل شيء هناك الكثير لنفعله».
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» انه تم توسيع دائرة الإذن للجيش باستهداف مطلقي الصواريخ حيث سُمح له بضرب مقاومي الجهاد الاسلامي منذ البدء بمرحلة التخطيط مروراً بتركيب الصواريخ ووصولاً الى التنفيذ، على خلفية كونهم يشكلون «الجهة المركزية التي تطلق الصواريخ على اسرائيل اليوم». وكانت الحكومة قد صادقت للجيش قبل اسابيع على استهداف الخلايا اثناء الاستعداد لإطلاق الصواريخ تحديداً.