عوزي دايان افراييم هاليفي دايفيد عبري غيور أيلاند


حيفا ــ فراس خطيب

رؤســاء مجلــس الأمــن القومــي الإسرائيلــي يشكــون تجاهــل مقترحاتهــم


كشف رئيس سابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، وأربعة جنرالات احتياط في الجيش الإسرائيلي، ترأّسوا مجلس الأمن القومي في فترات مختلفة، عن تجاهل رؤساء الحكومات الإسرائيلية: إيهود باراك، أرييل شارون وإيهود أولمرت لتوصيات قدّموها لهم «كانت ستحقن دماء مواطنين إسرائيليين وتمنع تورطاً سياسياً».
هذه التوصيات، بحسب تقرير أعدّته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، تشمل «قضايا إسرائيلية مفصلية»، بدءاً من «كامب ديفيد»، إلى «فك الارتباط»، وصولاً إلى حرب لبنان الثانية.
وأشار الخمسة، وهم رئيس الموساد الأسبق افرايم هليفي، والجنرالات احتياط: غيورا آيلاند، ديفيد عبري، عوزي ديان وجدعون شفر، إلى أنّ «رؤساء مكاتب رئيس الوزراء أجّلوا مباحثات مصيرية، ومواطني إسرائيل دفعوا الثمن». وأضافوا: إن رؤساء الحكومة تجاهلوا أن من مهمات مجلس الأمن القومي تقديم الاستشارة لرئيس الحكومة في موضوعات «الأمن والدولة».
ويكشف آيلاند أنه في ربيع عام 2005، حين شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي، التقى مسؤولين أميركيين وفرنسيين وممثلين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة، للتوصل إلى «ترتيب أمني» مع اللبنانيين، لأنه اعتقد أن هناك «نافذة فرص فتحت في خضم تظاهرات ثورة الأرز البرتقالية في بيروت»، وأن «الفترة مناسبة».
وفي أعقاب لقاءات آيلاند مع الأطراف الدولية المذكورة، تمّت بلورة اقتراح لترتيب أمني بين إسرائيل ولبنان، ينص على التزام إسرائيل بوقف الخروق الجوية في سماء لبنان وإطلاق سراح أسرى لبنانيين من السجون الإسرائيلية وإجراء تعديلات على الحدود بما في ذلك مزارع شبعا.
في المقابل، يعمل لبنان، بحسب اقتراح آيلاند، على إنتاج طاقم «تنسيق أمني» على أساس اتفاق وقف إطلاق النار منذ عام 1949، إضافة إلى تمكين «العودة باحترام» للعائلات اللبنانية التي تسكن إسرائيل بعد انسحاب عام 2000، ونشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية ـــ الإسرائيلية مكان حزب الله.
وتشير الصحيفة إلى أنّ المسؤولين الدوليين الذين قادوا الاقتراح أكدوا أنه في حال قبول إسرائيل به فـ«سيتحوّل إلى مبادرة دولية».
ويقول آيلاند «في شهر نيسان من العام نفسه، حملت الفكرة إلى شارون، وقلت له إني أعتقد بأنّ هذا الاقتراح جيد جداً، والمساندة الدولية تضمن احتمالاً معقولاً وأكثر، من أجل تنفيذه، وعلى إسرائيل ألّا تضيّع الفرصة». وأضاف «اقترحت عقد جلسة مباحثات حول الموضوع. لكن شارون قال لي، اتركني من موضوع لبنان الآن. نحن مشغولون الآن بفك الارتباط. نتحدث عن هذه القضية في ما بعد».
وتوجه آيلاند بعد «فك الارتباط» مرة أخرى إلى شارون الذي كرّر رفضه قائلاً: «لماذا علينا الآن أصلاً الانشغال بلبنان». ويوضح آيلاند أنه أجرى مشاورات عديدة مع مسؤولين إسرائيليين حول الاقتراح، بينهم قائد هيئة الأركان الأسبق دان حالوتس، الذي أيّده «شرط أن تكون المرحلة الأولى منه إخراج حزب الله من المنطقة الحدودية».
وعندما تبدّل رئيس الوزراء وصار إيهود أولمرت رئيساً للحكومة، توجه آيلاند مرة أخرى، إلى أولمرت في آذار 2006. وقال «عرضت الموضوع على أولمرت. شدّدت على أهميته، واقترحت، على الأقل، بحث الموضوع. إلا أن إجابة أولمرت كانت: اترك الموضوع. لن نبحث به الآن». وبعد ذلك «اندلعت حرب لبنان الثانية، والنتائج معروفة للجميع».
وأوضح آيلاند أن الاقتراح الذي وضعه على طاولة أولمرت وشارون كان أفضل بكثير من قرار مجلس الأمم المتحدة 1701، لوقف إطلاق النار في حرب لبنان الثانية. وتابع: إن «هناك أناساً يحيطون برؤساء الحكومات المتعاقبة في إسرائيل، لديهم تأثير قوي على رؤساء الحكومة وعلى إدارة القضايا الأمنية. هم من يحدد البرنامج اليومي لرئيس الحكومة، ويقررون الموضوعات المطروحة والموضوعات المهملة. إنهم أناس لديهم صلاحيات غير محدودة، لكنّهم لا يملكون المسؤولية. واسمهم لا يظهر، ولا حتى لمرة واحدة، في تقرير فينوغراد».
أما عوزي ديان، الذي كان رئيساً لمجلس الأمن القومي في عهدي إيهود باراك وشارون، فقال إنّ المجلس في حرب لبنان الثانية «كان مثل ورقة على الحائط»، في إشارة إلى عدم إشراكه بشيء.
كما وجّه الجنرالات انتقادات لاذعة إلى تعاطي باراك مع مجلس الأمن القومي والمستشارين الأمنيين. وقال الجنرال عوفر شيفر إنه «لدى باراك، كانت الأمور تدار بين أذنيه الاثنتين فقط. هذا إنسان مع قدرات شخصية عالية، لكن قدراته منخفضة بما يتعلق بالعلاقات بين الشخصيات». وأضاف: «لقد وعد باراك بسلام خلال 15 شهراً. وعملنا في مجلس الأمن القومي ثمانية أشهر على تحضير ورقة عمل واسعة ومفصّلة»، مشيراً إلى أن اختصاصيين من كل المجالات عملوا على هذه الورقة التي تجاهلها باراك، ولم تبحث ولا حتى ضمن جلسة واحدة.
بدوره، كشف افرايم هليفي، الذي ترأس مجلس الأمن القومي في عهد شارون، بعدما استدعاه ليكون «يده اليمنى»، عن أن خطة «فك الارتباط» «تمّت بلورتها سراً مع الأميركيين»، مضيفًا أنّ «هذه الخطوة، ذات المعنى الاستراتيجي الأمني من الدرجة العالية، اتخذت من دون عمل جماعي حقيقي، والنتيجة واضحة».
وأنهى غيورا آيلاند كلامه بالقول «لا يمكن أن نكون من دون مجلس أمن قومي. إذا بقينا كذلك فسنبقى نتنقل من أزمة إلى أخرى».


مجلس الأمن القومي جسم أقيم في عام 1999. من وظائفه استشارة استراتيجية لرئيس الحكومة وتقديم توصيات أمنية للحكومة والتنسيق بين أذرع الأمن المختلفة ومراقبة تنفيذ القرارات المتعلقة بالأجسام الأمنية. تعاقب على رئاسته كل من: ديفيد عبري (1999-2000) وعوزي ديان (2000-2002) وإفرايم هليفي (2002-2003) وغيورا أيلاند (2003- 2006) وإيلان مزراحي (تولّى مهماته في حزيران 2006).