strong>علي حيدر
رغم الهزيمة التي مني بها وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس في المنافسة على رئاسة حزب العمل، إلا أنه تحوّل إلى الطرف الأساسي الذي يحدد هوية الرئيس المقبل في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية المفترض إجراؤها في الثاني عشر من شهر حزيران.
ويعود ذلك إلى أنه حصل على 22.4 في المئة من أصوات أعضاء الحزب، في حين حصل إيهود باراك على 35,6 في المئة وعامي أيالون على 30،6 في المئة. بينما حصل أوفير بينيس على 8 في المئة وداني ياتوم على 2.7 في المئة. وحقيقة أن أياً من المرشحين لم يحصل على 40 في المئة من الأصوات تقرر، وفقاً لنظام الانتخابات داخل حزب العمل، إجراء جولة ثانية بين المتنافسين الأولين (باراك وأيالون).
وبالمقارنة مع استطلاعات الرأي السابقة، فقد حصل بيرتس على نتائج أفضل مما كان متوقعاً. ولذلك، نقل مراقبون جواً ما من الرضا ساد في محيط مقرّبي بيرتس على خلفية أن معسكرهم سيحدد الفائز في الجولة الثانية وهو ما يمنح وزير الدفاع مجالاً للمناورة وتقديم المطالب والشروط.
وهكذا، تحوّل بيرتس عملياً إلى «رئيس المعسكر الاجتماعي في الحزب وإسرائيل» وهو ما قد يكون حزب العمل بحاجة إليه الى جانب الراية السياسية الأمنية التي يجسدها كل من المرشحين المتنافسين باراك وأيالون.
وتعليقاً على النتائج، قال بيرتس «أنا ومعسكري نستطيع أن نقرر من سيفوز في الانتخابات لرئاسة الحزب، ونحن سنقوم بذلك معاً وبالتشاور، وسنسير لإنشاء معسكر اجتماعي عظيم وخاص، قوي ومؤثر». وفي محاولة لإظهار مدى تمسكه بالخيار الاجتماعي، أوضح بيرتس أن «الحقائب الوزارية ليست هي ما تثير اهتمامي. وإنما ينبغي أن يكون المعسكر الاجتماعي قوياً».
ويحاول بيرتس المحافظة على حاشيته، وخاصة في ظل مخاوف من أن تؤدي هزيمته إلى تفرق عدد من أعضاء الكنيست من حوله. لكنه يشعر، في الوقت نفسه، بنوع من التشجيع جراء النتائج التي خلصت إليها صناديق الاقتراع في سديروت، حيث نال لوحده 688 صوتاً في مقابل 80 صوتاً حصل عليها باراك وأيالون معاً. يشار إلى أنه سقط في يوم الانتخابات 12 صاروخاً في هذه المستوطنة، وهو ما دفع بيرتس إلى القول إن «كثيرين من سكان سديروت صوّتوا لمصلحتي كوزير للدفاع».
وكان رئيس الوزراء إيهود أولمرت يرغب بفوز باراك لأن ذلك يشكل مدخلاً لاستقرار حكومته ويعزز من الصورة الأمنية لحكومته، في ظل التحديات التي تواجهها إسرائيل بخصوص الساحتين اللبنانية والفلسطينية وفي مواجهة المشروع النووي الإيراني.
ولا يُتوقع أن يبقى أولمرت مكتوف الأيدي بانتظار ما ستؤدي إليه التطورات، ولذا يرى مقربون منه أنه سيحاول إقناع بيرتس بدعم باراك، رغم الفجوة القائمة بينهما. ويكمن الاهتمام الكبير لأولمرت بنتائج الانتخابات التمهيدية في حزب العمل بأنها ستحدد الى حد كبير مستقبل حكومته. والفرضية التي يستند اليها أولمرت هي أن حزب العمل لا يجد له مصلحة حقيقية بتفكيك الحكومة في ضوء استطلاعات الرأي التي تؤكد فوز بنيامين نتنياهو برئاسة الحكومة، وخاصة أن مسار التطورات السياسية يفرض الوحدة بين الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف وليس إجراء انتخابات جديدة، على قاعدة أن «غزة تشتعل، وفي الشمال هناك تهديدات بالحرب إلى جانب تلميحات للسلام».
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن المحيطين بأولمرت يقولون إن «الفحص الذي يجريه على المسار السوري جدّي جداً وسري. ومن غير الواضح ما إذا كان الأمر يتعلق بمبعوث من قبل رئيس الحكومة يتحدث مع السوريين، أو بفحص إسرائيلي داخلي. ولذلك يقدر أولمرت أنه في كل الأحوال سيجد حزب العمل صعوبة في الفرار من الجبهة في مواجهة حماس وتفويت فرصة السلام مع دمشق».
ووفقاً لهذا السيناريو، رأت هآرتس أن «ايالون، الذي أكد أنه لن يشارك في حكومة يترأسها أولمرت، سيلجأ الى المراوغة» وخاصة أن الوزراء غير مستعدين للتخلي عن كراسيهم، وبالتالي سيجد ايالون ذريعة لدخول الحكومة.
ويتوقع المراقبون أنه في حال نجاح اولمرت في إبقاء حزب العمل الى جانبه، بوزير دفاع جديد، سيوفر لنفسه أشهراً إضافية في منصب رئاسة الحكومة على الأقل إلى حين صدور التقرير النهائي لتقرير لجنة فينوغراد.
وتعليقاً على نتائج انتخابات حزب العمل، رأى المستشار الاستراتيجي والمسؤول عن فوز بيرتس في الانتخابات التمهيدية السابقة لرئاسة الحزب، موطي مورال، أن «العنصر الاستراتيجي في هذه الانتخابات كان الإدارة الاستراتيجية، والتنظيم الصحيح، والصفقات واتفاقات القطاعات».
يُشار إلى أن إيهود باراك (65 سنة)، الذي فاز في المرتبة الأولى، يُركز في خطابه الانتخابي والدعائي على أنه الشخصية الأكثر ملاءمة لتولي وزارة الدفاع في «حال اندلاع حرب» والحؤول دون عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة. ومن أبرز المحطات التي اقترنت باسمه خلال توليه رئاسة الحكومة ما بين 1999 و2001، الانسحاب الإسرائيلي من لبنان وفشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية في أيلول عام 2000.
أما أيالون (61 سنة)، الذي فاز بالمرتبة الثانية، فقد شغل سابقاً منصب قائد البحرية الإسرائيلية ورئيس الشاباك وانتخب نائباً للمرة الأولى خلال الانتخابات العامة الأخيرة في عام 2006. ويُحسب أيالون أيضاً على «حمائم» حزب العمل، كما سبق أن أطلق مع الأستاذ الجامعي الفلسطيني ساري نسيبة، مبادرة سلام أطلق عليها اسم «صوت الشعب» تهدف الى جمع أكبر عدد ممكن من التواقيع في المعسكرين لحث القادة على القيام بالتنازلات الضرورية لإبرام اتفاق سلام.