strong>علي حيدر
أقرّت إسرائيل بأن الصورة التي سادت لسنوات طويلة حول تفوّق الجيش الإسرائيلي المطلق قد تبددت في أعقاب العدوان على لبنان، وأن هذه الحرب كشفت محدودية قدرات جيش الاحتلال في مقابل الجيش السوري، فضلاً عن نقاط ضعف استراتيجية يمكن من خلال الضغط عليها، تحقيق نوع من التوازن في أي معركة محتملة بين دمشق وتل أبيب

أكد ضباط رفيعو المستوى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن صورة تفوق الجيش الإسرائيلي على الجيش السوري، التي سادت لسنوات طويلة، «لم تكن دقيقة»، محذرين من أن سوريا تبني قدرات عسكرية «غير مسبوقة» وأن تحقيق النصر في أي حرب مع دمشق لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مسؤولين في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تأكيدهم حصول تغييرات داخل الجيش السوري، في خطوة ربطوها بـ«النجاح الذي حققه حزب الله خلال الحرب الأخيرة على لبنان».
لكن العنصر المتغير لم يرتبط فقط بالقدرات العسكرية السورية، وإنما أيضاً بنظرة دمشق إلى إمكان إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي. ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري في القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي قوله «لقد شاهدت سوريا الصعوبات التي واجهها الجيش الإسرائيلي أثناء القتال داخل القرى الجنوبية في لبنان، وإن جيشها يريد جرنا الآن، في حال نشوب الحرب، إلى خوض معارك في مناطق سكنية صُمِّمت بطريقة يعتقدون أنها ستكون لهم الغلبة فيها».
ولفتت الصحيفة إلى أن دمشق تعتقد اليوم أن «باستطاعتها استخدام تكتيكات حزب الله في أي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، وربما أيضاً إلحاق هزيمة بالجيش الذي كان يُقال عنه يوماً: لا يمكن هزيمته».
ونقلت «جيروزاليم بوست» عن أحد الضباط قوله «كنا نعتقد لسنوات طويلة أن جيش الدفاع الإسرائيلي متفوّق على الجيش السوري. لكن بعد الحرب على لبنان، نعلم أن هذا التقويم غير دقيق».
وذكرت الصحيفة أن سوريا أسست، منذ انتهاء الحرب الأخيرة على لبنان، وحدات كوماندوس جديدة وقامت بزيادة التدريبات على تقنيات قتال الشوارع.
ورأى الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، يفتاح شابير، «لقد انبهرت سوريا من النجاح الاستراتيجي لحزب الله من خلال استخدامه الصواريخ القصيرة المدى، ومن عدم قدرة إسرائيل على القضاء عليها»، مشيراً إلى أن «نوعاً كهذا من الصواريخ لا يستخدم في العادة في الحروب التقليدية»، لكن بعد حرب لبنان «ثبت أنه يمكن ذلك».
ونقلت الصحيفة عن «مصادر غربية» قولها إن سوريا تملك، منفردة، القدرة على تصنيع صواريخ من طراز «سكاد» وأنها نشرت حوالى 300 صاروخ من نوع كهذا شمال المنطقة المنزوعة السلاح في الجزء السوري من هضبة الجولان. وأوضحت أن فرقة مؤلفة من 10 آلاف جندي تقوم بتشغيل هذه الصواريخ، وبينها «سكاد ـــ د» التي يصل مداها إلى 700 كيلومتر، ويمكنها حمل رؤوس حربية غير تقليدية. وأضافت هذه المصادر أن لدى سوريا حوالى 30 قاعدة لإطلاق هذه الصواريخ منتشرة في مواقع عديدة، معظمها في أحد الأودية بالقرب من مدينة حماه.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش السوري حصل خلال العام الماضي، على عدد من الأسلحة الروسية المتطورة المضادة للطائرات من طراز «ستيرليث»، غير أنها لم تحصل على مقاتلات أو دبابات أو ناقلات جند مدرعة منذ سنوات.
وكشف المراسل، كريس ميتشل، من خلال الصور التي التقطت بواسطة الأقمار الاصطناعية وبثتها شبكة «سي بي اس» الإخبارية الأميركية، أن لدى سوريا ثلاثة مواقع صواريخ رئيسية، منها ما هو موجود في حماه، حيث تحيط بمصنع الأسلحة 30 خرسانة إسمنتية محصّنة تقع في داخلها منصّات الإطلاق المتعددة. ويقول الخبراء إن هذه المنصات قادرة، في غضون دقائق قليلة، على إطلاق ما مجموعه أكثر من طن من الرؤوس الحربية إلى أي منطقة في داخل إسرائيل.
واعتبرت الصحيفة أن «هذه الصور لا تشير بالضرورة إلى نية سوريا بمهاجمة إسرائيل، غير أنها ترسل إشارة واضحة للجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية الإسرائيلية: لا تقللوا من قدرتنا».
وفي السياق، عرضت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي تقريراً تحدثت فيه عن أنه يلاحظ في الأسابيع الأخيرة عملية بناء مكثفة لمنظومة دفاعية في الجانب السوري من هضبة الجولان. ولفت المعلق العسكري للقناة، روني دانيال، أن «ذلك لا يدل بالضرورة على نوايا، لكنه بالتأكيد يشير إلى وجود استعدادات هنا».