شرق أوسط من الجواسيس
  • «يديعوت» ــ رونين برغمان

    سجَّل الشرق الأوسط بالأمس إحباطًا لعمليتي تجسس. أجهزة الاستخبارات الوقائية هي عبارة عن عمليات استخبارية تتم ممارستها بهدف عرقلة عمل أجهزة تجسس أخرى.
    الإنجاز الأول: هو نجاح جهاز الأمن الإسرائيلي العام، في مرحلة مبكرة، في إفشال محاولة وزارة الاستخبارات الإيرانية المعروفة بـ«فيفاك»، بواسطة مشغلي عملاء تابعين لها ويعرفان بكنية «زين علي» و«تقوي»، تجنيد يهود اسرائيليين من أصل إيراني. كان هدف «الشاباك» من هذا النشر هو خلق ردع ووعي في صفوف من يسافرون لزيارة عائلاتهم في ايران من تعرضهم لمحاولات تجنيد كهذه.
    علينا ألّا نبالغ في خطر الضرر الذي تسبب في أعقاب القضية، فالخطر ليس قائماً. لقد سبق أن استغلت إيران زيارة عرب من اسرائيل إلى أرضها أو إلى دول عربية أخرى من أجل تجنيد عملاء منهم. لذا، فإن المسافرين إلى إيران، ومنهم اليهود أيضاً، لم يكن لديهم أي اطّلاع على معلومات سرية. ومع هذا، فإنّ القضية تدل مرة أخرى على الجهود الجبارة التي تبذلها إيران من أجل التجسس على اسرائيل، ليس فقط عن طريق حزب الله، وليس فقط من أجل تحديد أهداف إرهاب، بل أيضاً عن طريق التجسس الكلاسيكي بين دولتين عدوتين. يكون هدف التجسس استراتيجياً وعميقاً.
    كان الإنجاز الثاني، على الاقل إذا صدقنا الإعلام المصري، هو أن القسم الإسرائيلي لجهاز التجسس المصري كشف عميلاً للموساد الإسرائيلي في الهيئة المصرية للطاقة النووية. وهل القصة حقيقية؟ علينا أن نتذكر أنّ تفاصيل القضية المنشورة لا تذكر بحملات تجسس اسرائيلية نشرتها الصحافة المصرية صباح مساء (إدخال زانيات مصابات بالايدز على أيدي الموساد). يجري الحديث هذه المرة عن تشغيل كلاسيكي للعملاء على أيدي إسرائيل. وعلينا ان نتذكر أن الاستخبارات الاسرائيلية حذرت على مدار العامين الماضيين من بداية محاولات مصرية لتطوير قدرة نووية. المثير هو كيف وصلت هذه المعلومات؟
    النشر بالأمس في مصر جاء لردع جواسيس آخرين أيضاً. لكن على خلاف النشر في اسرائيل، الذي لا يمكنه إلحاق الضرر بعلاقة اسرائيل ـــ ايران، فإنّ المتلهفين في جهاز التجسس المصري يستطيعون إلحاق الضرر بالعلاقة التي تربط مصر واسرائيل، والتي تكبدت ضربة كبيرة في أعقاب قضية «سرية شكيد».
    إنَّ هاتين القضيتين، ومثلهما من الاحداث الدرامية الحاصلة أخيراً في الشرق الأوسط (اختفاء جنرال المخابرات الايراني اصغري، وموت واختفاء علماء ذرة ايرانيين، واختفاء آخرين وتحطم طائرة لحرس الثورة الايراني)، تدل على أنّ الشرق الأوسط عبارة عن خلية من الجواسيس يعملون بعضهم ضد بعض في حرب خفية يظهر من خلالها طرف صغير فوق سطح الارض. هذه حرب مستمرة على الرغم من أنه لم تطلق خلالها رصاصة واحدة حتى الآن، ولم تشغل بها قنبلة. حرب ذكاء ومراوغة ينتصر فيها من يجمع معلومات عن الطرف الآخر. علينا ألا نستهتر بأهمية هذه القضايا. علينا ألّا نقلل من أهمية الاستخبارات في تصميم التاريخ.
    دراما القضايا الاستخبارية ميالة للتحول الى دوامة سياسية ودولية مداها أبعد من السؤال هل ينجح الثنائي «زين علي» و «تقوي» ام لا في تجنيد يهودي مسكين أراد زيارة عمته في اصفهان.