strong> محمد بدير
تحبس إسرائيل أنفاسها بانتظار صدور التقرير الأولي للجنة فينوغراد الاثنين المقبل. التقرير سيسلم، بحسب المتحدث باسم اللجنة، إلى كل من رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ووزير الدفاع، عامير بيرتس، عند الساعة الرابعة من عصر ذلك اليوم، على أن يسبق ذلك بساعة مؤتمر صحافي يعقده رئيس اللجنة، القاضي إلياهو فينوغراد، يعرض فيه أبرز ما ورد فيه.
وكما هو معروف، فإن هذا التقرير يغطي الفترة الممتدة منذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 حتى اليوم الخامس من عدوان تموز، مروراً بعملية الأسر في الثاني عشر من تموز والمداولات التي أفضت إلى صدور قرار شن العدوان مساء اليوم نفسه.
ووفقاً لبيانات سابقة أصدرتها اللجنة، فإن التقرير سيتضمن انتقادات شديدة ضد كل من أولمرت وبيرتس ورئيس الأركان السابق دان حالوتس. كما سيشتمل التقرير على معطيات مفصلة عن الخروج إلى الحرب واستنتاجات «منظوماتية» ونقداً للإخفاقات والأخطاء التي تكشفت خلالها. إلا أن تقارير صحافية استبعدت أمس أن يخلص التقرير إلى استنتاجات شخصية ضد مسؤولين سياسيين أو عسكريين، برغم نقلها عن مصادر مقربة من اللجنة قولها إن التقرير سيعرض خلاصات حادة تتعلق بلامبالاة المؤسستين السياسية والعسكرية في الأعوام الستة التي سبقت الحرب، وكذلك بالإهمال الاستخباري والتكتيكي والاستراتيجي بشأن انتشار حزب الله على الحدود الشمالية لإسرائيل.
ومن المتوقع أن يُحوّل التقرير اليوم إلى مطبعة جهاز الأمن العام الإسرائيلي الخاصة لطباعته هناك تحت إجراءات أمنية مشددة. وستصدر منه نسختان، واحدة كاملة، هي التي ستُسلم إلى أولمرت وبيرتس، وأخرى اقتطعت منها المواد السرية وذات الحساسية الأمنية، وهي النسخة العلنية التي ستنشر على الملأ كما على موقع الإنترنت الخاص باللجنة.
وفي إطار التحسب والاستعداد للهزة الأرضية التي يُتوقع أن يحدثها التقرير، أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن أولمرت يبذل جهوداً استباقية مكثفة تهدف إلى تليين رد الفعل الشعبي في أعقاب نشر التقرير. وتتضمن هذه الجهود حملة واسعة من العلاقات العامة، تشمل الاتصال بشخصيات أكاديمية واقتصادية وسياسية بارزة، بوصفها ذات تأثير على بلورة الرأي العام. وترتكز هذه الحملة على إقناع هذه الشخصيات بأن أولمرت هو الوحيد القادر والراغب في إطلاق مبادرة سياسية تفتح أفق التسوية أمام إسرائيل مع العالم العربي، فيما البديل المحتمل له في سدة الحكم، أي رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو، سيسد هذا الأفق ويعيد إسرائيل إلى حالة النزاع المستحكم مع محيطها.
إلا أن ساحة الرأي العام ليست الوحيدة التي يتحسب لها أولمرت ويعدّ لها العدة في معركة مصيره السياسي. فما يشغله أيضا هو جبهة حزبه، كديما، التي لا يستبعد أولمرت أن تشهد حركة تمرد يتولّاها قادة فيه، كوزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الداخلية آفي ديختر، تسعى إلى إطاحته تحت شعار مصلحة الحزب ومستقبله البرلماني والسياسي.
وفي هذا السياق توقعت تقارير إعلامية أن يعرض أولمرت على مائير شطريت، وهو من كبار قادة كديما، حقيبة المال خلفاً للوزير المستقيل أبراهام هيرشزون، في خطوة تهدف إلى استقطابه وبالتالي توسيع قاعدة الموالين له في مواجهة المتمردين المحتملين.
وعشية نشر التقرير، شنت صحيفة «هآرتس»، بقلم واحد من أبرز كتابها، عوزي بنزيمان، هجوماً عنيفاً على أولمرت داعية إياه إلى الاستقالة بغض النظر عن خلاصات تقرير فينوغراد. وقال بنزيمان إن أولمرت «لا يدرك حتى الآن أنه وفريقه الحاكم فقدوا شرعية إدارة شؤون الدولة بسبب سلوكهم الشخصي»، مضيفاً إنه «يخطئ حين يقوم بتشخيص الواقع من وراء العدسة القانونية وحدها. فمصيره لن يحسم من خلال لجنة فينوغراد، بل من خلال مكانته ومكانة حكومته الأخلاقية... صحيح أن الحكومة تتمتع بغالبية ائتلافية حتى الآن، إلا أنها ليست أكثر من جسم فني فقط في الوقت الحالي وسرعان ما ستنهار لأنها معلقة على قشة من الناحية الأخلاقية».