strong>علي حيدر
واشنطن طالبت السلطات المصرية بعدم التصعيد حفاظاً على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب

تواصلت تداعيات الفيلم الوثائقي «روح شاكيد»، الذي كشف عن مسؤولية وحدة شاكيد بقيادة الوزير بنيامين بن العيزر عن إعدام مئات الجنود المصريين في حرب عام 1967، وجديدها التساؤل والبحث عما إذا كان الموساد يقف وراء بث الفيلم في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي رداً على اتهام مصر لمحمد العطار بالتجسس لمصلحة الدولة العبرية.
وسرّبت الصحف الإسرائيلية، أمس، بعض تفاصيل الحوار الذي دار بين وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ونظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني، خلال لقائهما في بروكسل أول من أمس. وقال أبو الغيط إن «مصر غاضبة جداً، غاضبة تماماً»، مؤكداً لها أن مصر هذه المرة، خلافاً للصبر الذي أظهرته قبل 11 سنة عندما كشف العميد آريه بيرو عن قضية قتل أسرى مصريين في سيناء، تطالب بلجنة تحقيق في المعلومات التي أوردها برنامج «روح شاكيد».
ونتيجة لذلك، أوصت مصادر رفيعة المستوى في السفارة الإسرائيلية في القاهرة أمس أنه ينبغي «لأحد ما أن يحرص على وقف الانجراف في علاقات الدولتين». كما نفى السفير الإسرائيلي لدى العاصمة المصرية، شالوم كوهين، أن تكون قوات إسرائيلية قد قتلت أسرى مصريين في حرب 1967.
وقال كوهين، في تصريح للصحافيين، بعد لقائه مدير إدارة إسرائيل في الخارجية المصرية أحمد اسماعيل، إن ليفني أكدت لنظيرها المصري أن «الفيلم الوثائقي لم يكن فيه أي شيء يشير إلى مقتل أيّ من أسرى الحرب، وأن إسرائيل تؤكد هذا الموقف». وأضاف إن «الفيلم الوثائقي يعرض لمعركة وقعت عام 1967 بين وحدة عسكرية إسرائيلية ومجموعة من الفدائيين الفلسطينيين كانوا يختبئون في هذه المنطقة من غزة».
وتابع كوهين إن «دبلوماسيين في السفارة المصرية في تل أبيب شاهدوا بالفعل المقاطع ذات الصلة من هذا الفيلم الوثائقي، ولم يكن في ما تم عرضه عليهم أيّ شيء على الإطلاق يشير من قريب أو بعيد لقتل جنود مصريين، كما إن أحداً في الفيلم لم يقل ذلك على الإطلاق».
وفي هذا السياق، تساءلت المراسلة في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، سمدار بيري، عن «الروح السيئة» التي أنتجت قراراً ببث هذا الفيلم الوثائقي، «ولماذا الآن بالتحديد؟ لماذا اختاروا عرض تحقيق يورط جنود الدورية المختارة في المسؤولية عن موت مئات المحاربين، المصريين أو الفدائيين الفلسطينيين، بعدما هدأت أصوات الحرب، وفي القناة الرسمية أيضاً؟ ومن الذي أجاز لمشاركي العرض الجلوس والثناء على أعمالهم أمام عدسات التصوير؟ أين اختفت الرقابة؟ والسؤال الأهم هو: هل يوجد هنا تدبير خفيّ؟ هل هو انتقام الموساد بسبب اعتقال محمد العطار؟».
وأشارت بيري إلى أن تزامن عرض الفيلم مع اتهام العطار في مصر، بالتجسس لمصلحة جهاز «الموساد» الإسرائيلي، جعل «من غير الممكن إقناع المسؤولين في القاهرة بأن المسألة ليست سوى توقيت عرضي، وإنه لا توجد أي مؤامرة».
ورأت بيري أن فيلم «روح شاكيد» سقط على مبلوري الرأي العام المصري مثل ثمرة ناضجة، لكونه يأتي على أبواب الانتهاء من تصوير ثلاثين حلقة من المسلسل المصري «كي لا ننسى»، الذي يتضمن قصة سائق مصري، يقول فيه إنه كان شاهد عيان على فظاعة دفن عشرات من الأسرى المصريين في حرب الأيام الستة في سيناء وهم أحياء. وإنه الناجي الوحيد الذي اضطر الى إغلاق فمه». وتسألت بيري: هل سيجرؤون الآن في إسرائيل على الاعتراض على هذا المسلسل.
ورأت بيري أن بن اليعزر يدفع ثمن فضيحة آريه بيرو، الذي اعترف بقتل عشرات الأسرى المصريين في «عملية كديش»، وهي التسمية الإسرائيلية للعدوان الثلاثي عام 1956. والتزمت إسرائيل آنذاك، في أعقاب العاصفة التي حدثت في مصر، بأن تعلن عن لجنة تحقيق ونيتها نقل الاستنتاجات إلى المصريين وأن تُحاكم المسؤولين، إلا أن الدولة العبرية لم تحقق ولم تحصل مصر على التقرير.
وتشير مراسلة «يديعوت» الى أن «قضية فؤاد» (بن اليعزر) أتت في توقيت سيئ بالنسبة للرئيس المصري حسني مبارك لأنه مشغول الآن بمطاردة الخلايا السرية لـ«الإخوان المسلمين» وحصار «إرهابيين» في سيناء.
وذكرت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، لـ«الأخبار»، أن مسؤولين أميركيين دخلوا على الخط وطلبوا من السلطات المصرية عدم التصعيد في هذه القضية حفاظاً على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.