strong>محمد بدير
هل يدفع نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، شمعون بيريز، ثمن شهادته أمام لجنة فينوغراد بخسارة انتخابات الرئاسة؟ هذا ما أوحت به أمس أجواء الكواليس السياسية الإسرائيلية، رغم إعلانٍ مخالفٍ لرئيس الوزراء، إيهود أولمرت.
فقد وجد بيريز نفسه عرضةً لانتقادات حادة، رسمية وشعبية، في أعقاب كشف مضمون شهادته التي شكك فيها بنتائج العدوان الأخير على لبنان وانتقد قرار شنه وطريقة إدارته من قبل رئيس الحكومة ووزير الدفاع، عامير بيرتس.
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن شهادة بيريز أمام لجنة فينوغراد، أغضبت أولمرت وآخرين داخل حزب كديما، وأن من شأن ذلك أن يضائل فرص دعمه من نواب الحزب كمرشح لرئاسة الدولة.
ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصدر مقرب من أولمرت قوله إن شهادة بيريز لم تُشعر رئيس الوزراء بالراحة، ومن غير المستبعد أن تؤثر على حافزيته في دعمه في انتخابات الرئاسة. ورأى مسؤول في كديما أن الكثيرين في الحزب لا يستسيغون دعم بيريز بعد ما حصل، لذلك «بإمكانه أن ينسى موضوع الرئاسة».
إلا أن أولمرت أعلن لاحقاً دعمه «من دون تحفظ» لترشيح بيريز. وقال، خلال اجتماع لوزراء كديما: «ليس لدي مرشح مناسب سوى بيريز، وسنعمل بكل قوة لكي يصبح رئيساً».
لكن التداعيات السلبية لشهادة بيريز على ترشحه لمنصب الرئاسة لم تقتصر على الجانب الرسمي. فقد وجهت هيئة تضم أكثر من عشرين أسرة إسرائيلية، قُتل أبناؤها الذين كانوا يخدمون في الجيش خلال العدوان على لبنان، رسالة إلى أعضاء الكنيست يطالبونهم فيها بحجب تأييدهم عن بيريز في انتخابات الرئاسة. ورأت الهيئة، في رسالتها، أن شهادة بيريز أمام لجنة فينوغراد «تثير تساؤلات عن أهليته كرجل دولة كبير، وتكشف عن أداء سلبي وعديم المسؤولية لا يتناسب مع شخص بحجمه».
وبرغم ذلك، فقد حصل بيريز على دعم من اتجاه آخر، حيث دعا عامي أيلون، المرشح لرئاسة حزب «العمل»، إلى تأييد انتخابه رئيساً لإسرائيل، معلناً أنه سيطرح الموضوع للنقاش في جلسة كتلة حزب العمل اليوم.
وكان بيريز قد أعرب عن سخطه على نشر محضر إفادته أمام لجنة التحقيق، مشيراً إلى أن ذلك «يساعد العدو الذي يرى تصرفاتنا». وحذر بيريز، في اجتماع لوزراء كديما، من أن نشر الشهادات «أمر مرفوض وخطير» وسيدفع الناس إلى الخشية من التكلم في المستقبل. وإذ اتهم حزب الله بتحريف شهادته من خلال اعتبارها إقراراً إسرائيلياً بالهزيمة في عدوان تموز، قال موضحاً: «لم أقل إننا هزمنا، ولا شك أن حزب الله تعرض لضربة قاصمة في هذه الحرب».
ورأى وزراء آخرون من كديما أن ما قامت به لجنة فينوغراد «عمل غير صالح ويضع صعوبات في وجة استخلاص العبر من الحرب».
وانضم الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، عاموس مالكا، إلى بيريز في انتقاده لنشر محضر الإفادة التي أدلى بها أمام اللجنة. وقال مالكا، للإذاعة الإسرائيلية، إن أعضاء اللجنة أكدوا له حين مثل أمامهم أن شهادته لن تُنشر وستبقى «وراء الأبواب المغلقة»، مضيفاً أنه لو كان يعلم أن ما يقوله سيُنشر لاستخدم عبارات أكثر حذراً. ورأى مالكا أن من «الأجدر تسليم الشاهد محضر شهادته قبل نشرها وتحذيره من إمكان نشرها مسبقاً».
وفي مواجهة الانتقادات التي تعرضت لها، اضطرت لجنة فينوغراد إلى الدفاع عن نفسها، فأوضحت أن نشر الشهادات جاء بناء على قرار إلزامي من المحكمة العليا. وقالت اللجنة لموقع «يديعوت أحرونوت»، إنها طلبت أن يكون موضوع نشر الشهادات منوطاً بها دون غيرها وإنه كان من الأصح دراسة نشر المحاضر بعد إصدار تقريرها النهائي، إلا أن المحكمة العليا خالفت هذا الرأي.
إلى ذلك، أقرت الحكومة الإسرائيلية أمس بشكل رسمي بإطلاق اسم «حرب لبنان الثانية» على عدوانها الصيف الماضي على لبنان. وقال إسحق كوهين، الوزير بالحكومة الإسرائيلية إن الحكومة اختارت اسم «حرب لبنان الثانية» لأن هذا الاسم «نقش في ضمائر المواطنين، وإن لم تحسب إسرائيل قط الهجوم على لبنان عام 1982 حرباً».