مهدي السيد
تخشى إعادة بناء إيران لـ {موقعها المتقدّم}... وانهيار الـ 1701

انتابت إسرائيل نوبة شديدة من القلق جراء إمكان «نجاح حزب الله» في إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، نبعت من اعتبار أن نجاح المعارضة اللبنانية في مسعاها، سيعود بالنفع المباشر على الحزب، الذي ستتعزز مكانته، مع ما لهذا الأمر من دلالات وانعكاسات سلبية على الدولة العبرية، وهو الأمر الذي يدفع بها إلى البحث عما يمكّنه من توطيد دعائم حكومة السنيورة، وبينها الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا والانسحاب من الجزء اللبناني من قرية الغجر الحدودية.
وتطرقت «يديعوت أحرونوت»، في صفحتها الأولى، إلى «الوضع السياسي المتدهور في بيروت والتظاهرات الجماهيرية»، مشيرة إلى أنها «تثير قلقاً شديداً في إسرائيل». وأضافت أن «التخوف الكبير يكمن في انهيار حكومة فؤاد السنيورة، وأن يستولي مؤيدو سوريا وإيران على الحكم».
وقالت الصحيفة إنهم «في إسرائيل يعتقدون، منذ زمن بعيد، أن إيران وسوريا وضعتا لنفسيهما هدفاً يتمثل في إسقاط حكومة السنيورة بأي ثمن. والخشية لدى إسرائيل أن تنجحا في ذلك، فيتعزز العنصر الشيعي في السياسة اللبنانية، وتؤلَّف حكومة جديدة جراء انتخابات مقبلة تتنكر للقرار 1701، الذي ينص على وقف إطلاق النار مع إسرائيل وفرض حظر (تسلح) على لبنان».
ونقلت الصحيفة عن «محافل التقدير» في إسرائيل قولها إنه «حتى وإن لم تسقط حكومة السنيورة في نهاية المطاف، فإنها ستضعف بشكل كبير، وسيتمكن مؤيدو إيران وسوريا من أن يفرضوا عليها قيوداً، كمنعها من العمل على تنفيذ القرار 1701».
وأشارت «يديعوت» إلى «إمكان أن يقدم السنيورة، إذا ما ضعف، على الموافقة على مطلب مؤيدي سوريا وحزب الله لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يكون للشيعة فيها ثلث أعضائها. وفي مثل هذه الحالة، سيحظى حزب الله بحق النقض على كل قرار أساسي تقدم عليه الحكومة».
وحذرت الصحيفة، استناداً إلى محافل سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى، من أن «معنى هذه الخطوة، عملياً، تحويل الحظر على لبنان إلى أمير غير ذي صلة. وبالتالي، يرتفع عملياً احتمال إقدام قوة اليونيفيل على الخروج من جنوب لبنان في غضون نصف عام إلى عام واحد».
وتابعت «يديعوت» أن «التخوف في إسرائيل يكمن في إقدام إيران على إعادة بناء موقعها المتقدم في لبنان بصورة أقوى، في حال سقوط حكومة السنيورة، أي السماح لإيران بخلق ميزان ردع حيال إسرائيل والولايات المتحدة وإحباط مخططاتهما، إذا كان هناك مخططات، لمهاجمة منشآتها النووية».
وشددت الصحيفة نفسها على أن نتائج الأزمة الحالية في لبنان، كيفما كانت، ستؤدي إلى «تدهور خطير من ناحية إسرائيل، وسيتعين على السنيورة من الآن فصاعداً توظيف معظم جهوده لأجل البقاء السياسي، ولن يتمكن من توسيع النشاطات لتطبيق القرار 1701 في جنوب لبنان وعلى طول الحدود مع سوريا». ومع ذلك، تضيف الصحيفة: «التقدير في إسرائيل أن لإيران وسوريا وحزب الله، مصلحة مشتركة في عدم الوصول إلى اشتعال شامل، إذ إنهم يخشون جداً من هجوم إسرائيلي، وسيبذلون كل ما في وسعهم للحؤول دون الوصول إلى حرب أهلية».
في السياق نفسه، أولت صحيفة «هآرتس» اهتماماً بالغاً بمجريات الأمور في لبنان، وتصدر الخبر اللبناني صفحتها الأولى، وكرست له افتتاحيتها أيضاً. ولم تكتف «هآرتس» في الإشارة إلى «تزايد القلق في إسرائيل من إمكان سقوط حكومة السنيورة وسيطرة حزب الله على الدولة»، بل كشفت النقاب عن أن تل أبيب، وعلى خلفية هذا القلق، «ستدرس إمكان القيام بخطوات من شأنها تعزيز حكومة السنيورة ودعمها، مثل الأخذ بموقف لبنان من مزارع شبعا لجهة لبنانيتها، أو إيجاد حل لقضية الغجر».
وكتب مراسل الشؤون العربية في «هآرتس»، تسفي برئيل «أن التحرك المنظم جداً الذي يقوم به حزب الله وحليفه (العماد ميشال) عون يضعهما أمام معضلة، فكلما تواصل أمد التظاهر وشل الوسط التجاري في بيروت، فمن المحتمل أن يتحول الرأي العام ضدهما. وفي المقابل، سيعتبر التراجع قبل تحقيق الهدف فشلاً وسيخلق لهما المصاعب أمام تحقيق مطالبهما».
ورأى برئيل أن «ثمة وجهاً آخر للمعضلة يتعلق بالسنيورة نفسه، الذي يخشى من انضمام أجزاء إضافية من الجمهور اللبناني للدعوة إلى استقالته، في حال عدم التوصل إلى تسوية سياسية»، وهو ما «سيزيد من تآكل شرعية الحكومة، وسيؤدي بدوره إلى امتناع الدول المانحة عن تقديم المساعدات المالية إلى لبنان في ظل غياب حكومة مسيطرة فيه، وعدم عقد مؤتمر باريس 3، ومن شأن ذلك تعزيز مكانة حزب الله التي حصل عليها بسبب مساعدته المباشرة لمتضرري الحرب».
بدوره، تطرق مراسل الشؤون العربية في «معاريف»، جاكي حوجي، إلى دوافع حزب الله من وراء الاعتصام. وقال إنه إضافة إلى رغبة حزب الله في «ضمان حصول الشيعة على تمثيل مناسب لهم في السلطة والحكومة»، فهو يخشى أيضاً من مخاطر السلام مع إسرائيل، الذي يسر السنيورة كثيراً أن ينجزه في قرارة نفسه». وأضاف حوجي أن «كل اتفاق يُعزز المعسكر الليبرالي في لبنان سيُضعف حزب الله، وهو ما يدفع الحزب إلى العمل ضده بكل الوسائل».
وبحسب حوجي، فإن هدف الجيش الإسرائيلي من شن حربه الأخيرة ضد حزب الله هو «دفع الشارع اللبناني المحب للحياة للثورة على حزب الله وإرغامه على التوصل إلى السلام. وبغية حصول ذلك، أراد الجميع إضعاف حزب الله». إلا أن التظاهرات الأخيرة بينت «أن حزب الله بعيد عن هذا اليوم المأمول، واذا أضفنا إلى ذلك ترسانة السلاح الموجودة في حوزته التي يعيد بناءها، والأسيرين اللذين لم يعودا بعد، فإن علامات الاستفهام ترفرف فوق هذه الحرب» وحول جدواها.