غزة ــ رائد لافي
لم تفلح المناشدات والاتفاقات في خفض حدة التوتر الداخلي في الأراضي الفلسطينية، فالاشتباكات إلى تصاعد، وأطر الحل لم تتبلور بعد، والقتلى يتساقطون على هامش القضية

عمّت الاشتباكات مختلف أنحاء قطاع غزة أمس، في سقوط جديد لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي لم يصمد أصلاً لأكثر من ساعات، فقتل ستة عناصر من حركتي “حماس” و“فتح” وأصيب أكثر من 30 آخرين في القطاع الذي بدا كأنه يعيش “الحرب الأهلية”.
وأعلنت مصادر طبية فلسطينية مقتل الشاب اسماعيل أبو الخير (23 عاماً)، أحد عناصر القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، المكلفة بحماية مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وذلك إثر اشتباكات مع عناصر من جهاز المخابرات العامة.
وفي وقت لاحق، أعلنت المصادر الطبية عن مقتل الشاب محمد الحرازين، أحد عناصر جهاز المخابرات، متأثراً بجروحه الخطيرة التي أصيب بها في الاشتباكات، قبل أن تعلن أن “أمين عبود (22 عاماً) من أفراد القوة التنفيذية التابعة لوزير الداخلية توفي في مستشفي الشفاء متأثراً بجروحه”.
وحمّل كل طرف الآخر المسؤولية عن اندلاع الاشتباكات؛ ففيما قالت حركة “فتح”، على لسان الناطق باسمها في قطاع غزة توفيق أبو خوصة، إن القوة التنفيذية المتواجدة في المستشفى أطلقت النار في اتجاه أفراد من جهاز المخابرات العامة كانوا ينقلون زميلاً لهم أصيب داخل مقر الجهاز، ردت القوة التنفيذية الاتهام قائلة إن أفرادها تعرضوا إلى الهجوم المباشر بأنواع مختلفة من الأسلحة الرشاشة من قبل مجموعة من المخابرات، ما أدى إلى مقتل أبو الخير، وإصابة اثنين آخرين من أفراد القوة، واختطاف ثالث يدعى كايد الزنط (22 عاماً) واقتياده إلى جهة مجهولة.
ودانت وزارة الصحة بشدة الاشتباكات العنيفة داخل مستشفى الشفاء، داعية إلى إخراج المؤسسات الصحية من دائرة النزاع للحفاظ على تقديم الخدمة الصحية للمواطنين.
كما قتل فلسطينيان، أحدهما يدعى شادي ضاهر (25 عاماً) من أفراد جهاز الاستخبارات العسكرية، والثاني عمر الوحيدي (22 عاماً) من أفراد جهاز الأمن الوطني، فيما أصيب سبعة آخرون في اشتباكات مسلحة اندلعت في شارع الجلاء وسط مدينة غزة.
وفي وقت لاحق، أعلنت المصادر الطبية عن وفاة الشاب محمد كساب من أفراد قوات الأمن الوطني متأثراً بجروحه الخطيرة التي أصيب بها في الاشتباكات المسلحة التي وقعت في شارع الجلاء.
وجاءت الاشتباكات بعد وقت قصير من إقدام مسلحين، يعتقد أنهم ينتمون إلى حركة “حماس”، على اختطاف العقيد المتقاعد في جهاز المخابرات حمودة السقا من منزله في شمال القطاع، واقتياده إلى جهة مجهولة.

وقال شهود عيان إن مسلحين مجهولين أوقفوا سيارة عسكرية بداخلها عنصران من المخابرات العامة بالقرب من مستشفى العيون في حي النصر في مدينة غزة، واقتادوهما إلى جهة مجهولة.
وبدت شوارع مدينة غزة كساحات حرب حقيقية، حيث انتشر المسلحون من كل الأطراف، وبعضهم مقنّعون، في الشوارع والمفترقات الرئيسية، وأغلقوا عدداً من الشوارع المؤدية إلى منازل شخصيات مهمة وقادة.
ونصبت قوات أمن الرئاسة الحواجز، وأغلقت الطرق المؤدية إلى المربع الأمني الذي يضم منزل ومكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حي الرمال في مدينة غزة، فيما أغلق مسلحون محسوبون على حركة “حماس” الطرق المؤدية إلى منزل رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ في المدينة.
ونقل أحد المواقع الإلكترونية المحسوبة على حركة “فتح” أن قوات حفظ النظام والتدخل في جهاز الشرطة التابع لوزارة الداخلية، أعلنت رفضها الانصياع لأوامر وزير الداخلية سعيد صيام، وانتشرت في شوارع مدينة غزة، وسط حال من الغضب والاستنفار الشديدين.
وفي الضفة الغربية، أفادت مصادر أمنية أن محمد الخروف (40 عاماً)، أحد كوادر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خطف على يد أشخاص ملثمين في الخليل.
وفي أحدث محاولات التهدئة، قالت مصادر فلسطينية إن الوفد الأمني المصري الموجود في قطاع غزة اتفق مع سعيد صيام على تأليف لجنة مشتركة من قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية للعمل على تطويق أحداث الاقتتال الداخلي.