مهدي السيد
«قمة الضعفاء». لقاء المنفعة المشتركة. اجتماع بلا نتائج. كلها تعابير استخدمتها الصحف العبرية لوصف لقاء إيهود أولمرت ومحمود عباس، الذي اعتُبر «هدية» قدمها رئيس وزراء إسرائيل إلى جورج بوش لمناسبة عيد الميلاد

أجمعت الصحف الإسرائيلية أمس على أهمية القمة الفلسطينية الإسرائيلية بالنسبة إلى رئيس الوزراء إيهود أولمرت بشكل خاصا جاءت تلبية لاعتبارات داخلية وخارجية وأنها بمثابة هدية عيد الميلاد إلى الرئيس الأميركي جورج بوش، والأهم أنها شكلت ربحاً صافياً لأولمرت من دون ثمن يُذكر، ذلك أن القرارات التي خرجت بها ليست ناجزة ودونها صعوبات ومتطلبات وأنه سبق للفلسطينيين أن حصلوا على مثلها في السابق لكن من دون أي ترجمة عملية لهاوعمل المحلل السياسي لصحيفة «هآرتس»، ألوف بن، على إبراز دوافع أولمرت للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس والنتائج التي حققها منه، حيث اعتبر أنه، بالنسبة إلى الزعيم الإسرائيلي، «ثمة الكثير من المزايا (في اللقاء)، فأولاً، هو يفي بذلك بوعده القيام بخطوة سياسية تجاه الفلسطينيين. ثانياً، يُظهر أولمرت شجاعة سياسية من خلال استعداده لدفع ثمن داخلي من أجل التقدم في العملية السياسية».
ويتحدث بن عن مكاسب أولمرت في مقابل الثمن الفارغ الذي دفعه فيرى أن رئيس وزراء إسرائيل «يأمل، على ما يبدو، أن تؤدي الصور المشتركة مع الزعيم الفلسطيني إلى خفض الضغط الممارس عليه من اليسار، وإلى تليين الدعوات إلى إحياء المسار السوري. وفي الوقت نفسه، لا يدفع أولمرت أي ثمن أمام اليمين: فالبادرات الحسنة التي وعد بتقديمها إلى عباس، فارغة بغالبيتها من المحتوى. فهو لن يطلق أسرى، ومسألة تحويل أموال الضرائب إلى الفلسطينيين خاضعة لتأليف لجنة مراقبة. ووعود إزالة الحواجز وفتح المعابر سُمعت في السابق كثيراً ومن الصعب التعامل معها بجدية».
لكن الأهم من ذلك، بحسب بن، هو أن أولمرت «يصغي جداً إلى الحلبة الدولية، ولا سيما إلى ما يحصل في واشنطن. فاللقاء مع أبو مازن هو هديته في عيد الميلاد إلى جورج بوش و(وزيرة خارجيته) كوندوليزا رايس».
ويضيف بن «أولمرت يعرف أن واشنطن تشهد صراعاً بين رايس ورجالها في وزارة الخارجية الذين يريدون القفز فوق خريطة الطريق لمصلحة عملية حثيثة، وبين البيت الأبيض الذي يقف في وجههم كالسور المنيع. وبالتالي، من شأن لقاء أمس (السبت) صد الضغوط المحتملة على إسرائيل، والمساعدة على دفن تقرير بيكر ــ هاملتون مع توصياته بإعادة الجولان».
في المقابل، تطرق عميت كوهن، في «معاريف»، إلى المكاسب التي يمكن أن يحققها أبو مازن من اللقاء الذي اعتبره «خطوة إضافية ناجحة جداً من جانب أبو مازن، ضمن سلسلة الخطوات السياسية التي يقوم بها الرئيس من أجل استرجاع سلطته».
وبحسب كوهن، فإن «اللقاء مع أولمرت، كما تقديم موعد الانتخابات، هو جزء من الخطوات التي ينفذها أبو مازن ضد حماس، في محاولة لحشرها في الزاوية، وجعلها تدرك أنها في مصيدة».
وعلى رغم تأكيد كوهن أن المواضيع التي بُحثت خلال اللقاء ليست جديدة في معظمها، وسبق أن بُحثت في السابق، مثل قضية الأسرى، إلا أنه اعتبر أن الموضوع الأكثر أهمية الذي بُحث كان الإفراج عن أموال للسلطة الفلسطينية، ذلك أن تحويل الأموال إلى أبو مازن، على خلفية الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، سيتيح له، بحسب كوهن، تقديم المساعدة الفورية للمحتاجين جداً داخل السلطة الفلسطينية، وسيمكّنه من التلويح للفلسطينيين كيف ستبدو أمورهم المعيشية في حال رفع الحصار الاقتصادي الذي فُرض بعد تأليف حكومة «حماس».
وإذ أشار إلى قدرة «حماس» على التفكير في سبل خاصة بها لتقويض الاستقرار، وإفراغ التفاهم بين أبو مازن وأولمرت من مضمونه، قال كوهن إنه ربما تكون لعبة أبو مازن جريئة، لكنها لا تخلو أبداً من المخاطر.
وعن الدوافع الحقيقية للقاء، قال المحلل السياسي في «يديعوت أحرونوت»، «يخيل أن الضغط الدولي، الذي مورس على الزعيمين، هو وحده الذي أدى الى دفعهما الى اللقاء أخيراً. فقد كان أبو مازن يعرف، حتى قبل لقاء أمس، انه لن يحصل على سجناء. وكان أولمرت يعرف أن رئيس السلطة ليس لديه أي قدرة على إعادة (الجندي الأسير) جلعاد شاليط أو الوقف التام لنار القسام من قطاع غزة. ومع ذلك، فقد وافق أولمرت على عقد اللقاء لأن رئيس الوزراء الذي يقول «لا» للرئيس السوري الذي يقترح الحديث في السلام ــ لا يمكنه ان يقول «لا» للفلسطينيين أيضاً.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، «أن أهمية اللقاء تكمن في مجرد انعقاده، وأن الانجاز الأكبر الذي حققه أبو مازن كان علم فلسطين الذي رُفع على شرفه فوق الباب، فهو حصل على وعود كثيرة وقليل من المال».
وتطرق كسبيت إلى واقع طرفي اللقاء ومكانتهما، فأشار إلى أن «لقاءات كثيرة جرت حتى اليوم بين القادة الاسرائيليين والفلسطينيين، ولكن يبدو أنه لم يجلس وراء الطاولة شركاء ضعفاء الى هذا الحد في أي وقت من الأوقات. أبو مازن قبل الحرب الأهلية، وأولمرت بعد الحرب وفي خضم التحقيق. مكانة الاثنين في نظر جماهيرهما واهنة. أبو مازن يملك نصف شعب، وليست لديه حكومة. وأولمرت يملك نصف حكومة، ولكنه بلا شعب. لديهما خصائص مشتركة كثيرة: رؤية لا بأس بها، وشجاعة لا بأس بها أيضاً. من الناحية الأخرى هما يفتقدان الزعامة والثقة ومرهقان ومقيّدان بالضرورات والمحاذير السياسية، ولديهما أعداء داخليون وخارجيون. كلاهما يمر في ذروة الصراع من أجل البقاء الشخصي، ذلك الصراع الدائر في داخل صراع وطني وأزمة إقليمية. كلاهما يحتاج الى الآخر من أجل البقاء، ولكنهما يحافظان على مسافة آمنة حتى لا يحترقا».


آفي يسخروف في «هآرتس»: إن هذا اللقاء كان مهماً لأن رئيس السلطة انطلق لعقد اللقاء في مقر رئيس الوزراء الاسرائيلي في القدس. وجهه المتكدّر عند دخوله مقر أولمرت شهد على الأسباب التي أتت به. فقد فُرض اللقاء على الرجلين، ولا سيما على أبو مازن. وبينما هو منشغل بالحرب مع حماس على مستقبل السلطة، اضطر أبو مازن الى لقاء أولمرت كي يثبت انه جدي في نيته التقدم في المحادثات السياسية مع اسرائيل