محمد بدير
تبدي محافل سياسية إسرائيلية قلقها من تسليط الضوء الدولي على مزارع شبعا بوصفها موضوعاً خلافياً بين لبنان وإسرائيل بحسب نص القرار 1701. ومع بدء الحديث عن جهد تبذله الأمم المتحدة لترسيم حدود المزارع، يتعزز القلق الإسرائيلي من أن تفضي الخطوة إلى ضغوط دولية على تل أبيب للانسحاب منها

أبدت محافل سياسية في إسرائيل خشيتها وقلقها من المعلومات والتقارير المتداولة حول قيام الأمم المتحدة، ممثلة بشخص موفد الأمين العام للأمم المتحدة، تيري رود لارسن، ببلورة خطة سياسية لترسيم حدود مزارع شبعا المحتلة، كخطوة أولى على طريق الضغط على إسرائيل للانسحاب منها وتسليمها إلى المنظمة الدولية، ضمن إطار مرحلة انتقالية تمهد لتحديد مساحتها الحقيقية وتبعيتها السيادية بين سوريا ولبنان.
وذكرت صحيفة «هتسوفيه» الإسرائيلية، ذات الميول اليمينية، أن لارسن يعمل على بلورة خطة سياسية تنسحب في إطارها إسرائيل من مزارع شبعا. وأضافت أنه، وفي سياق بلورة الخطة، استعانت الأمم المتحدة بخدمات خبير في مجال الخرائط ليقوم بقياسات دقيقة وصور طوبوغرافية تحدد بالضبط منطقة مزارع شبعا، وعن أي نطاق من الأرض يجري الحديث، وذلك في ظل عدم امتلاك أي طرف لخرائط دقيقة منقحة حول هذه المنطقة حتى الآن.
ويفترض، بحسب الصحيفة، أن يبدأ الخبير المذكور عمله في منتصف الشهر الجاري، انطلاقاً من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، من دون أن يقوم بعمليات قياس وتحديد على الأرض.
وإذ أشارت الصحيفة إلى أن نشاط لارسن ينسجم مع القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي تبنته إسرائيل، نقلت عن مراسلها في نيويورك قوله إنه لا يوجد حتى الآن حدود واضحة لمزارع شبعا، وإن التقدير السائد في إسرائيل هو أن المقصود منطقة تبلغ مساحتها نحو 40 كيلومتراً مربعاً، تمتد بين «الخط الأزرق» وبين «ناحال نيشون»، وأنه لا يوجد في هذه المنطقة اليوم أي تجمّع مدني مأهول سوى بلدة الغجر العلوية، الواقعة على التخوم الجنوبية الغربية للمنطقة، «كما أن الوثائق التي قدّمها لبنان إلى الأمم المتحدة عشية انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان عام ألفين لا تتضمن أي تحديد دقيق وحاسم للمنطقة».
وبحسب الصحيفة، فإن هذا الأمر يثير القلق في القدس المحتلة، «لأن نشاط لارسن يستند إلى خطاب لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، في الأمم المتحدة في شهر آب، أعلن فيه أن مزارع شبعا أرض لبنانية».
وأشارت الصحيفة نفسها إلى أنه، وبحسب القانون الدولي، فإن الدولة التي تتنازل بإرادتها عن سيادتها على أرضها، يعدّ تنازلها ساري المفعول. وفي حالة مزارع شبعا، فإن «خطاب المعلم هيأ الأرضية أمام الادّعاء اللبناني بأن الأمر يتعلق بـأرض لبنانية سيادية» بحسب ادّعاء زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله. ورأت الصحيفة أن نشاط الأمم المتحدة في مجال ترسيم الحدود، يشكل انتصاراً جوهرياً لحزب الله، من خلال إعادة الموضوع إلى جدول الأعمال السياسي والدولي.
ونقلت الصحيفة عن محافل سياسية في القدس المحتلة تقديرها بأن الضغوط الدولية على إسرائيل ستتزايد، بعد أن يتم استكمال هذا النشاط، للانسحاب من هذه المنطقة ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة بغية السماح لسوريا ولبنان بالاتفاق في ما بينهما على موضوع السيادة على الأرض.
وتشير الصحيفة أيضاً إلى ما يتردد في المحافل السياسية الإسرائيلية حول تزايد الضغوط السياسية في الآونة الأخيرة على إسرائيل لحل مشكلة مزارع شبعا. وبحسب الصحيفة، فإن الدول الأوروبية هي التي تقود هذه الضغوط، وذلك انطلاقاً من الاعتقاد بأن الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا سيعزز موقع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بحيث يمكنه أن يعرض إنجازاً ما لحكومته.
ورأت الصحيفة أن مجرد طرح قضية المزارع في القرار 1701 باعتبارها «إحدى المناطق» المتنازع عليها التي سيتم بحثها في المفاوضات الديبلوماسية، يشكل إنجازاً لا للحكم اللبناني فحسب، بل قبل كل شيء لحزب الله الذي حوّل موضوع مزارع شبعا ـ منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في أيار عام 2000ـ إلى حجة رئيسة لمواصلة هجماته على إسرائيل.