strong>«هآرتس» ــ افتتاحيةاستمرار الاختراقات الجوية الإسرائيلية للسيادة اللبنانية تثير اعتراضات داخل إسرائيل نفسها، عبرت عنها صحيفة «هآرتس» أمس في افتتاحيتها التي تنشر «الأخبار» في ما يلي نصها مترجماً

تحلّق طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في الآونة الأخيرة فوق بيروت، كي تشير إسرائيل الى أنها غير راضية عن الوضع السياسي الناشئ بعد الحرب وعدم تنفيذ القرار 1701. والافتراض لدى إسرائيل هو أن هذا الاستفزاز سيدفع مصالح إسرائيل قدماً في شيء ما، وهو إجراء يرافق السياسة الأمنية الإسرائيلية منذ سنين. فالغارات الوهمية كمصدر إقلاق مهدد، أصبحت جزءاً من الأدوات العملية لحكومة إسرائيل، وبمثابة رسالة قوة تلمح من خلالها إلى أنها قادرة على فعل أكثر بكثير مما تفعله، إلا أنها تكتفي حالياً بالقليل من الأفعال.
تخريب سلاح الجو حتى الأساس لضاحية بيروت، لا يبقي حاجة أن يشير الى لبنان عن قدراته. لقد فهمت الرسالة بكاملها على ما يبدو، إلا أنه يُشك في أنها أنتجت الثمار التي أملوا بها. لعلها حققت نتيجة معاكسة في تعزيز وضع حزب الله كجهة سياسية في لبنان.
ليس هناك كالطلعات الجوية فوق بيروت، وخاصة تلك التي تفرض الرعب على السكان، يساعد حزب الله في تأمين المبرر لمواصلة تسلحه حيال إسرائيل. فخلق وضع دائم من القتال، بدل وضع دائم لوقف إطلاق النار، يجعل الحياة أكثر راحة لمن هو معنيّ بمثل هذا القتال، بل من شأن تصفية حسن نصر الله أن تعزز مكانة حزب الله بدلاً من إضعافه.
هناك أزمة سياسية في لبنان بدأت بالبروز، ويمكن لها أن ترفع حزب الله ومؤيديه الى الحكم. ويشك في أن مفكري الحرب توصلوا الى نتيجة كهذه عندما قرروا الرد بقوة على اختطاف الجنديين.
ويدّعي اللبنانيون الشيعة في أعقاب الحرب أن حكومة فؤاد السنيورة قد أهملتهم ولا تسارع الى ترميم الجنوب. والادّعاء بأن حكومة لبنان لا تعمل بنزاهة تجاه الأقلية الأكبر في الدولة، يعزز المعسكر الشيعي.
على خلفية هذا الادعاء، يطالب نصر الله بتأليف حكومة وحدة وطنية، يكون فيها لحزب الله ولحركة أمل الشيعية تمثيل مناسب، مع سعي الى إدخال ممثلين عن ميشال عون الى الحكومة، الذي يعدّ من مؤيدي سوريا. وإذا ما قبلت مطالبه فسيكون للكتلة الشيعية حق الفيتو على قرارات الحكومة.
في ظل هذا الوضع الحساس، لا يعدّ الاستفزاز الإسرائيلي في سماء بيروت عملاً فهيماً، فانتهاك السيادة الجوية للبنان هو بحد ذاته مسّ باتفاق وقف إطلاق النار، وإذا كان غير ناتج عن حاجة أمنية بل سياسية، فهو نتيجة لرؤية لا تعبّر عن بعد نظر.
ومع ذلك، لا يفترض بإسرائيل أن تسلّم باستمرار تدفق السلاح من سوريا الى لبنان.
الطلعات الجوية فوق سماء لبنان تساعد حزب الله ولا تضر به، ولدى إسرائيل ما يكفي من الوسائل الدبلوماسية للإعراب عن احتجاجاتها، ولا يجب عليها أن تنظر الى خرق السيادة اللبنانية كخيار أول، أو خيار له وزن.